24 يوماً مليئة بالبهجة تحت شعار "لنحتفل بعمان"

مهرجان مسقط يسدل أستاره ويودع زواره بعد نجاح كبير وتنوع في الفعاليات

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

 

مسقط – الرؤية

أسدل الستار على فعاليات مهرجان مسقط 2017، مساء أمس السبت، والتي انطلقت في 19 يناير الماضي، تحت شعار "لنحتفل بعمان" لمدة 24 يومًا تخللتها الإثارة والبهجة، حيث شهدت كافة مواقع المهرجان بمتنزهي النسيم والعامرات إقبالاً جماهيرياً كبيراً من داخل السلطنة وخارجها، وتزايد هذا الإقبال في عطلة نهاية الأسبوع حيث تم رصد قرابة الـ 90 ألف زائر خلال يوم واحد في مواقع المهرجان المُختلفة، وشكل مهرجان مسقط هذا العام بكل ما يحتويه من مُفردات ومعانٍ وفعاليات وبرامج لوحة بانورامية احتضنت الثقافة والأصالة والتراث والعراقة والفن، ورسم بسمة على الوجوه وادخل بهجة على القلوب، وتنوعت الفعاليات الثقافية والفنية والتراثية الشعبية والترفيهية والسياحية والرياضية التي أبهرت الجمهور.

 

 

ثقافة وفن

 

واستطاعت الفعاليات الثقافية لمهرجان مسقط في دورته الحالية أن تسجل العلامة الكاملة في إثراء الساحة الفكرية والأدبية، التي توشحت ببرامج وأنشطة شملت شتى مجلات الثقافة في 9 فعاليات متنوعة كالمحاضرات والندوات والحوارات التفاعلية والملتقيات والأمسيات النوعية والمعارض المتخصصة، والتي طرحت تساؤلات في مجالات التاريخ والاقتصاد والرواية العُمانية والشعر والقصص القصيرة والمسرح والسينما والتصوير الفوتغرافي والمسرح، التي لاقت جمهورها النوعي وأسهمت بشكل كبير في رصد أجندة ثقافية مُتجددة للمشهد الثقافي بالسلطنة.

 

كان أبرز تلك الفعاليات منحوتة (عمان أرض السلام) حيث قام كل من الفنان أيوب البلوشي والفنانة خلود الشعيبي بأعمال النحت مُباشرة وكانت فرصة للزوار والمُهتمين لمشاهدة هذه المنحوتة الرمزية بمتنزه النسيم، إضافة إلى إقامة أمسية احتفائية للشاعر هلال بن حمود السيابي قدم مفرداتها حمود الفلاحي والدكتور سعيد العيسائي، ومحاضرة الحوكمة في تجنب المخاطر وتعزيز الإنتاجية في الاقتصاد العُماني للدكتور خالد العامري، ومحاضرة عن تاريخ السفن العمانية أقيم على هامشها معرض لأنواع الخرائط ونماذج السفن العمانية وأنظمة الملاحة المستخدمة في هذه السفن قدمها حمود الغيلاني وقائد سفينة جوهرة مسقط صالح العلوي وهذه الفعاليات أقيمت بالتعاون مع النادي الثقافي.

 

تضمن البرنامج الثقافي أيضاً أمسية قصصية لعدد من الوجوه الشابة في مجال القصة القصيرة أمثال عبد العزيز الرحبي ونوف السعيدي ومريم العدوية وعزة الحسينية، وندوة حول واقع الرواية العمانية من ثلاثة أبعاد كالبُعد الفني والبنائي والبعد الاجتماعي والبعد التاريخي قدمها الدكتور هلال الحجري والدكتور خالد البلوشي والدكتور محمد زروق وذلك بالجمعية العمانية للكتاب والأدباء، كذلك نظمت ندوة حوارية بعنوان التعايش والاختلاف في المسرح والسينما بهدف إبراز التنوع العُماني في التعايش والاختلاف قدَّمها مخرجون ومؤلفون أمثال الدكتور عبد الكريم جواد والمؤلفة رحيمة الجابرية والمُخرج السينمائي خالد الزدجالي ونظمت في كل من جامعة السلطان قابوس وكلية العلوم التطبيقية وجمعية الصحفيين العُمانية.

كذلك شملت الفعاليات الثقافية إقامة ورش فنية حول القصة القصيرة من الفكرة إلى النص للكاتبة والمؤلفة بشرى بنت خلفان اليحيائية التي شارك فيها عددٌ من كتاب القصة الشباب، كما أقيم ملتقى للمصورات الفوتوغرافيات من دول مجلس التعاون الخليجي بهدف تبادل الخبرات والتجارب وتعريف المشاركات بتفاصيل المشهد العُماني والمعالم التاريخية والأثرية ومُنجزات النهضة المباركة، واختتم بمعرض فني في متنزه العامرات لأفضل الصور التي تمّ التقاطها خلال برنامج المُلتقى.

 

فعاليات فنية

 

كما تضمَّن المهرجان فعاليات فنية واستثمارية أتت بثوب جديد أبرزها معرض عروس عُمان بنسخته الأولى بمشاركة أكثر من 100 شركة عالمية ومحلية متخصصة في حفلات الزفاف وتنظيم الأعراس والمُناسبات وبمشاركة رائدات أعمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالسلطنة، ومجموعة حصرية من الذهب والمجوهرات من الهند والإمارات وهونج كونج، إلى جانب عروض أزياء حيَّة على المنصة لمُصممين من دول خليجية وعربية وغربية ومصممين عمانين، عكست أحدث صحيات الموضة من فساتين السهرات والأعراس والأزياء التقليدية الأصيلة التي احتضنها معرض عمان للمعارض والمؤتمرات الجديد، كما عرضت على مسرح المدينة المفتوح بمتنزه القرم الطبيعي مسرحية (حارة البخت) لفرقة تواصل المسرحية، وكذلك (حيا الله من جانا) لفرقة مسرح عُمان بمشاركة كوكبة من المُمثلين العُمانيين والخليجيين.

 

تراث وحضارة

 

وشكلت القرية التراثية بمتنزه العامرات عامل جذب للزوار من جميع الفئات ولاقت إقبالاً كبيراً، حيث كانت نموذجاً مصغراً للحياة العُمانية بكل تفاصيلها بتعدد الفعاليات التراثية الشاهدة على الحضارة العمانية العريقة وتاريخها الضارب في القدم، وتتنوع مفردات تلك الحضارة بين بيئة صحراوية بدوية وبيئة زراعية وأخرى ساحلية تكتنز موروثاتها في الفنون الشعبية والصناعات والحرف التقليدية، تنقل عادات وتقاليد وثقافة المجتمع العُماني، وخلال التجوال في القرية تفتح صفحة متجددة من المشهد الثقافي والتاريخي وتنبهر بعناصر ذلك المشهد الذي يدل على الاهتمام الذي توليه الحكومة الرشيدة للحفاظ على تراث الآباء والأجداد.

وقد حرصت اللجنة المُنظمة في كل دورة على التَّجديد في زوايا القرية التراثية بعدة تحسينات وتوسعات، إضافة إلى التجديد في ديكورات القرية بطابع معماري وكل زاوية من زوايا القرية تعكس التاريخ العُماني وتسرد حياة الأجداد وإصرار العُماني وعشقه لماضيه وحاضره، ومن خلال تلك الصور يتعرف الجيل الجديد على حياة أجدادهم والمهن التي كانوا يمارسونها، ففي جناح الصناعات الحرفية كان هناك الكثير من الحرفيين وهم يزالون حرفهم بكل مهارة وإتقان، ومنها حرف السعفيات وصناعة البخور وصناعة أدوات الزراعة والصيد، وقد تمَّ تقسيم القرية إلى البيئة الزراعية والبحرية والبدوية والبيئة الحضرية مع إقامة سوق شعبي وآخر للحرفيين وركن خاص للمطبخ العماني.

وشهد مسرح القرية التراثية استقطاب الفرق الشعبية العمانية من مختلف ولايات السلطنة، حيث قدمت ألوانا من الفنون العريقة كالرزحة واليوا، والفنون البحرية.

 

عروض الإبهار

 

 

وشهد المسرح الرئيسي بمتنزه العامرات عروضاً يومية مُتنوعة قدمتها الفرق المشاركة من دول روسيا وبولندا وروسيا البيضاء في "الأكروبات والتوازن الحركي والخفة والخدع البصرية والمشي على العصا" من خلال فقرات متنوعة تميزت بالدقة والمرونة وتداخلت فيها عناصر الإثارة والتشويق في مشهد تفاعلي حي.

 

كما شهد المسرح تقديم مسرحيات للأطفال منها "snow white girl" للمخرج جاسم البطاشي التي تفاعل معها الأطفال ونالت إعجابهم، وكذلك فقرات غنائية للفرق الاستعراضية الفنية من دول عدّة ومسابقات وغيرها من العروض التي جذبت كثيراً من العائلات بصحبة أطفالهم من المُقيمين والسياح من مختلف الجنسيات الذين حرصوا على متابعتها وسط فرحة غامرة وشغف واندهاش كبير بالأداء والتشكيلات الرائعة المثيرة.

أما بالنسبة لفعاليات الساحة الأخرى فقد شهد المتنزه عروض اللهب التي كانت ترسم البهجة على وجوه الصغار والكبار.

كما شهد ركن الألعاب إقبالاً كبيرًا من الزوار، كما تجولت في أركان المتنزه الشخصيات الكرتونية المحبوبة للأطفال.

 

إقبال لافت بمتنزه النسيم

شهد موقع مهرجان مسقط بمتنزه النسيم العام إقبالاً متزايداً من زوار المهرجان، لتعدد الفعاليات والأركان إضافة إلى المسطحات الخضراء التي تعد جاذبة للأسر والعوائل، ومشاهدة العروض التي تقدم على المسرح الرئيسي من عدة فرق عالمية من روسيا وأوكرانيا والهند وأثيوبيا وغيرها لتقديم فنونها ورقصاتها الاستعراضية التي تشتهر بها، علاوة على أن المسرح شهد إحياء الحفلات الغنائية يوم الخميس من كل أسبوع طيلة فترة المهرجان لعدد من الفنانين العمانيين والخليجيين.

 

القرية التراثية الوجهة الأولى

وشهدت القرية التراثية توافد عدد كبير من الزوار، بل قد تكون الوجهة الأولى عند دخولهم متنزه النسيم، وذلك للتعرف على التراث العماني القديم ومهن الأجداد، حيث ضمت ركنًا للسعفيات وآخر للفضيات والمشغولات اليدوية والغزل والنسيج وركن صناعة البخور والعطور إضافة لركن لتعريف الزوار بمهنة الصيد البحري، وركن المأكولات الشعبية العمانية التي تعد بواسطة أيدي عمانية ونساء متمرسات في طهي المأكولات الشعبية.

 

أما محطة الألعاب الكهربائية فقد شهدت طوال فترة المهرجان زخماً جماهيريا كبيرا وخاصة من فئة الشباب الذين تستهويهم المغامرة وشغف التجربة لكل ما هو جديد في ساحة الألعاب الإلكترونية والكهربائية، وللأطفال نصيب وافر أيضاً في متنزه النسيم حيث الألعاب الكهربائية والمائية وألعاب متعددة الأغراض إلى جانب مسرح الطفل الذي تقام فيه بشكل يومي مُسابقات ومسرحيات تربوية تعليمية هادفة وعدد من الفقرات الترفيهية للأطفال إضافة إلى مُتعة تجربة ركوب وسائل النقل التقليدية كالجمال والخيول والحمير.

 

 

     تنوع السلع في المعرض الاستهلاكي

كذلك شهد المعرض التجاري الاستهلاكي بحلته الجديدة طوال أيام المهرجان إقبالا مميزا وذلك لتنوع السلع والمنتجات من عدة دول عربية وأجنبية حيث ضم المعرض عدد 341 محلاً تجارياً تنوعت فيه السلع ما بين المنتوجات الجلدية والأحذية والأقمشة والملابس وبين المواد الغذائية ومنتجات الألبان ومشتقاتها والحلويات بأنواعها إضافة لركن التحف والهدايا، فكل هذه السلع وغيرها الكثير والتي شكلت عامل جذب للزوار بشكل عام وللعنصر النسائي بشكل خاص حيث تم تخصيص يومي الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع للعائلات.

وتمثل جديد مهرجان مسقط بمتنزه النسيم لهذا العام في الغابة المطيرة والتي استقطبت أعدادا كبيرة من الزوار والعائلات للاستمتاع بزخات المطر وسط ظلال الأشجار الوارفة وخرير المياه والحيوانات الأليفة والطيور، وأيضًا لأول مرة بمتنزه النسيم تواجدت لعبة البينتبول التي شهدت إقبالاً من الشباب والأطفال .

وكان للفنون الشعبية التراثية والشلات الحماسية والفنون التقليدية العمانية المغناة نصيب وافر، حيث شاركت مجموعة من الفرق الشعبية من مختلف محافظات وولايات السلطنة بمواقع المهرجان.

 

 

 

13 فعالية رياضية

 

سجلت نسخة 2017 من مهرجان مسقط تنظيم 13 فعالية رياضية ألهبت حماس مُحبي الرياضة وخاصة محركات السيارات التي نظمت بالجمعية العمانية للسيارات يومي الجمعة والسبت من أيام المهرجان، كما أقيمت التصفيات النهائية لبطولة السلطنة المؤهلة للبطولة العالمية لهواة خماسيات كرة القدم (F5WC) حيث شهدت البطولة حضورا جماهيريا لعشاق كرة القدم.

وشهدت رياضة محركات السيارات إقبالاً من الشباب عشاق هذه الرياضة، من خلال تنظيم عدد من السباقات والبطولات المتنوعة سواء على المستوى المحلي والإقليمي وفقاً للمعايير الدولية المتماشية مع الاتحاد الدولي للسيارات، واستحدثت اللجنة المنظمة للمهرجان بالتعاون مع الجمعية العمانية للسيارات 12 سباقاً وعرضًا لمحركات السيارات بدأت بسباق (اس دبليو اس) وهو من سباقات السرعة في رياضة الكارتينج وبطولة عمان للانجراف، إضافة إلى إقامة معرض السيارات والدراجات، وعلى حلبة الدفع الرباعي بمقر الجمعية أقيم سباق الدفع الرباعي إلى جانب تنفيذ سباق (تي3)، وفعالية ملك الأمم وهو سباق انجراف على مستوى العالم شارك فيه 27 متسابقًا من 12 دولة حول العالم.

 

 

 

 

 

 

انطباعات الزوار

 

في البداية حدثنا لوكاس من بولندا قائلاً: أعجبني جدا التراث العماني والأكلات التقليدية، إضافة إلى الأزياء، وأتمنى أن يكون هناك تكثيف للإعلانات السياحية عن المهرجان في أوروبا حتى يتم تعريف المواطن الأوروبي بالمكنونات الثقافية والتاريخية والأثرية التي تزخر بها سلطنة عُمان .

وشاركته الحديث سيلفيا من بولندا والتي قالت: استمتعت بأجواء المهرجان وما يضمه من تنوع ثقافي وترفيهي والأجواء الاستثنائية هذا الوقت من السنة في عمان أكثر من رائع.

وقال صلاح بن ربيع العلوي إن المهرجانات تنشط الحركة السياحية في السلطنة خاصة مع اعتدال درجات الحرارة ولكن لاحظت أن بعض الفعاليات نسخة مكررة من الأعوام السابقة وأتمنى أن يتم ضخ دماء وأفكار جديدة تساهم في تطور المهرجان .

وحول الجديد في الفعاليات قالت إيمان بنت تيسير الشامسية: نتمنى مشاهدة فعاليات متجددة كل عام بالمهرجان، ويتم إبراز الجانب التراثي أكثر في قوالب وأفكار جديدة، كما أتمنى أن يكون هناك اهتمام أكبر بذوي الاحتياجات الخاصة ومشاريعهم، وأن تكون الألعاب الإلكترونية بأسعار أفضل لكي يستطيع رب الأسرة الاستمتاع مع أطفاله.

 

وقال محمد صابر من الهند: أتمنى أن يشهد المهرجان تطويرا كاملا سنويا، وشد انتباهي حسن التنظيم وكذلك المعارض الفنية وأركان القرية التراثية .

ومن السودان قال عثمان مُعتصم: أعجبتُ بحسن التنظيم والإرشادات لكل موقع، وهناك أهمية كبيرة للفعاليات الثقافية لهذا لابد من أن يتم التركيز عليها بشكل أكبر في السنوات القادمة.

وقال خلفان بن سعيد الحميدي: أتمنى أن يكون هناك تواجد أكثر للحرفيين وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة وأنَّ المهرجان يعتبر فرصة لهؤلاء لعرض منتجاتهم أمام الزوار سواء من داخل السلطنة أو من خارجها.

 

تعليق عبر الفيس بوك