الملكية الفكرية في عُمان.. التحديات والحلول (2-2)

 

 

د. يحيى الريامي

 

خبير في شؤون الملكية الفكرية

 

نستطيع القول أن الاختلال في تقدم المجتمع يكمن في التعقيد الإجرائي الكئيب الممل، وهذا هو واقعنا منذ عدة سنوات في تسيير أعمال الملكية الفكرية وإن لم نتدارك الأمر فسوف ننهمك ونسقط في بوتقة عميقة لا يحمد عقباها. ويعزى هذا الاختلال إلى العديد من الأسباب: منها المركزية المعقدة في العمل وعدم احترام المدة الزمنية في المعالجة الإجرائية للطلبات والقضايا، كذلك كثرة المطبوعات والمستندات والاستمارات ناهيك عن عدم التنسيق بين بعض الإدارات في ذات الجهة الواحدة فيما يتعلق بالموضوع ذاته وهذا ما يسبب فقدان الحقوق الفكرية وضياعها بين السطور، وعدم التأهيل الكافي والوافي قبل البدء في هذا العمل الإجرائي الهام، ناهيك عن عدم احترام وقت العمل لبعض الموظفين واختلاق الأعذار بكمية حجم العمل وهذا يقودنا إلى موضوع هام وهو غياب الضمير المهني والأمانة في أداء العمل بوجه صحيح.

نعم هناك بعض الحلول المقترحة للمساعدة في الخروج من هذا التعقيد الإجرائي غير المبرر الذي كان السبب في تأخر تقدم بلدنا في المجال الفكري الابتكاري، مما أدى إلى حرمان أصحاب الابتكارات العلمية من منحهم الحماية القانونية سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، ناهيك عن فقدان الكثير من الدخل المادي الكبير خاصة من براءات الاختراع والعلامات التجارية:

  •  إن من أهم الحلول والأولويات هو اتخاذ القرارات المدروسة والسريعة والاستعانة بالخبرات المحلية ذات الاختصاص، وأيضاً الاستعانة بالمكاتب المتخصصة في هذا المجال من القطاع الخاص، من أجل الشروع في إنشاء وحدة مستقلة للملكية الفكرية تحتضن كافة أطياف الملكية الفكرية في الدولة تعنى بمنح الحماية لأصحاب الحقوق دون تعقيد أو إجراءات تعجيزية، تحت مظلة تنظيم إداري وتشريعي خاص بهذه الوحدة. كذلك يكون من أهم المهام هو نشر الوعي الثقافي بقيمة وأهمية الملكية الفكرية بين جميع القطاعات سواء العام أو الخاص وكافة أطياف المجتمع بواسطة الوسائل الإعلامية والاجتماعية وغيرها.
  • عدم تضييع وهدر الجهد والمال والوقت في وضع استراتيجيات أو لجان غير مجدية لا تسمن ولا تغني من جوع، على أن يتم وضع قواعد راسخة وذلك على مراحل من متطلبات التطوير والممارسة الفعلية للعمل بعد إنشاء هذه الوحدة المستقلة، وللعلم في بعض المكاتب مثل المكتب السويسري، وبعد أن تم الإعلان عن استقلالية المكتب بدء العمل الفعلي على مراحل من التطور سواء الاستراتيجي أو القانوني والتنظيمي وأصبح الآن من أهم المكاتب في العالم.
  •  إنشاء إدارة مستقلة داخل هذه الوحدة للتدريب والتأهيل على كافة شؤون وقضايا الملكية الفكري بالتعاون مع المنظمات الدولية والمكاتب العالمية ذات الاختصاص.
  • منح الثقة والتفويض اللازم للموظف العماني في إدارة كافة الأعمال بعد تأهيله تدريجياً في هذا المجال.
  •  استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال وإنشاء بوابة للإدارة على الإنترنت يستطيع اصحاب الحقوق الفكرية الابتكارية الدخول من خلالها لتقديم ومعالجة إبداعاتهم الفكرية والاطلاع والمشاركة في وضع التصورات والمقترحات من أجل التطوير والرقي في العمل الابتكاري المتميز.
  • التقيد واحترام وقت العمل وإنجاز الأعمال في الوقت المحدد. وهذا من الركائز الهامة في إدارة العمل الفكري.
  • دراسة كافة القضايا فيما يتعلق بالانتهاكات والممارسات غير القانونية على أصحاب الحقوق وذلك بالتنسيق مع الجهات القضائية المختصة والمؤهلة واتخاذ الإجراءات التحفظية السريعة لحفظ حقوق أصحابها وردع المعتدي.

هذه الإصلاحات والحلول سوف تأخذ بعين الاعتبار الخطوات الإيجابية التي سوف تقودنا بإذن الله إلى المسار الصحيح؛ وذلك بعزيمة الخبرة العمانية المتميزة في شتى المجالات، كذلك فإن العائد من جرّاء تطبيق هذه الإصلاحات سيكون له مردود وصدى واسع النطاق محلياً وعالمياً، كذلك العائد المادي سوف يزدهر وينمو وخير دليل وشواهد تجارب بعض المكاتب المستقلة السويسري والسنغافوري على سبيل المثال.

الإصلاحات المرجوّة سوف تمنح العماني الدافع والأمانة الوظيفية من تقديم عمل ناجح، كذلك سيكون لهذه الحلول مرود إيجابي لدى أصحاب الحقوق وسوف تهل وتنهال على الإدارة الجيدة غير المعقدة في الإجراءات الكثير والكبير من طلبات حماية الفكر والابتكارات العلمية، ناهيك عن انتعاش الاقتصاد في عدة شهور كما فعلت بعض الدول وخير دليل التجربة السنغافورية في هذا المجال، وسوف نكون كذلك بل ونسابق على الريادة والتقدم وأن يكون لنا شأن وتقدير بإرادة الله، ونحن نعلم أن هذا الأمر لن يكون سهلاً ولكن بتوفيق من الله وبعزيمة وثقة وخبرة السواعد العمانية في كافة المجالات سوف نعبر ونجتاز الصعاب ونتفاءل بمستقبل واعد للأجيال القادمة.