فارس رحل.. وفارس آخر ينتظر!

 

 

كتب- خالد بن علي الخوالدي

 

مشاعر من الفرح والحزن انتابتني وأنا أقرأ خبرا في إحدى الصحف الخليجية عنوانه بالبنط العريض (المخرج العماني فارس البلوشي في خفايا أمل) وهو عنوان ليس مستغرب فالشاب العماني أثبت جدارة واستحقاقا في الكثير من الأعمال الإبداعية والتفكيرية والعقلية والجسدية، ومنذ سنوات طويلة وحتى الآن ساهم العماني في إنجاح الكثير من الأعمال الفنية والأدبية والعلمية والثقافية والرياضية وغيرها من الأنشطة على المستوى المحلي والخليجي والعربي والعالمي بفكره وعقله وإخلاصه وأمانته في العمل.

وتفاصيل الخبر المنشور بجريدة الوحدة الإماراتية بتاريخ 10/1/2017 يقول (يستعد الفنان والمخرج العماني فارس البلوشي خلال أيام لإخراج فيلم جديد بعنوان (خفايا أمل) من تأليف شاكر الزغبي وبطولة عدد من الفنانين، وذيل الخبر بالقول فاز البلوشي بالمركز الأول في مسابقة إبداعات شبابية بنادي السلام في سلطنة عمان عن فئة الإخراج والفيلم بعنوان (سي D) ويشارك حاليا في عمل إماراتي تراثي وهو حلقات منفصلة متصلة بعنوان (سوالف الفريج) الذي سيعرض في رمضان القادم).

عاد بي الخبر الصحفي إلى مقال كتبته في عام 2015 عنوانه (اختراعات محكوم عليها بالإعدام) وهو مقال يعني بالابتكارات العلمية وبالشباب العمانيين المخترعين والمبتكرين الذين لا يجدون الأرض الصلبة التي يقفون عليها لترسيخ اختراعاتهم وابتكاراتهم كواقع معاش يستفيدون منه ويستفيد منه الوطن لنراه بعد فترة متبنى من قبل مؤسسات أخرى خارج البلد لنبكي بعدها بحسرة (كان عماني) ونعتز باللسان أنه عماني ولكن نحن لم نستفد منه ولم يجد معنا الحضن الدافئ الذي من خلاله يبرز ويكون ذا شأن، وهذا الحال ينطبق على الكثير من الإبداعات الشبابية العمانية التي نعلمها ونربيها ونؤسسها وتخسر الدولة عليها مبالغ مالية كبيرة وبعد أن تنضج نسلمها لقمة سهلة لغيرنا ليستفيد منها ويقطف ثمار زرع نحن زرعناه وسقيناه وأتعبنا أنفسنا في الاعتناء به.

نعم إننا نفخر بكل إنتاج انتجناه وزرع زرعناه إلا أننا لم نصل إلى مرحلة تصدير العقول المبدعة والمخترعة والمبتكرة فالوافد لا زال يأكل من خيراتنا ويسيطر على أهم الأعمال الاقتصادية والتجارية والفنية معنا، فكم من فارس خرج من عندنا ونحن بحاجة إليه، وكم من فارس فاز معنا في مسابقات تقام معنا تحت مسميات مختلفة ومتنوعة وبعدها يهمل ويترك يصارع بنفسه في هذه الحياة دون أن توفر له الجهات المختصة أدني مستويات التعاون ليواصل إبداعه وفكره خارج حدود الوطن، وكم من فارس من هذه الأرض الطيبة ينال فرصا وظيفية عليا في خارج الوطن بينما معنا لا قيمة له ويركن ويهمش والوافد يسيطر على كل شيء على أساس أنه الفاهم الخبير، وكم من فارس رحل وذهب وكم من فارس سيذهب ويرحل وسنبكي عندما نراه في القمة وبلباس مختلف ولهجة مختلفة على أنه (عماني).

إن فارس بطل هذا المقال هو مثال بسيط لشباب خرجوا من هذا الوطن بسبب تعنت مسؤول وتجاهل حاسد وعدم العناية والاهتمام من مؤسسات بالدولة، وأتذكر في رمضان الماضي عندما كان تلفزيون السلطنة يعرض كل يوم حلقة عن شباب عمانيين يعتلون أعلى المناصب العلمية والتجارية والاقتصادية في عدد من الدول العظمى ودول العالم المختلفة، ورغم أننا نفخر بهم إلا أننا نبكي دما لأن الوطن لم يستفد من خبراتهم وعلمهم وتجاربهم التي تشربوا معدنها من عمان الحب والأصالة والإبداع.

وإنني من خلال هذا المقال أبعث رسالة عاجلة وسريعة إلى الجهات العليا بالدولة لإنشاء هيئة تسمى (هيئة الإبداع) تستقطب كل المبدعين العمانيين داخل البلد وخارجها بمختلف مشاربهم وتهيئ لهم الأرضية المناسبة التي تساهم في نمو إبداعاتهم وتشركهم في المواقع التي تناسبهم وتعلو من مقامهم مع متابعة مستمرة من الهيئة لهم لتذليل كل المصاعب التي تواجههم، وعلى المبدعين والمبتكرين والمخترعين والمفكرين والمخلصين لهذا البلد التفكير الصادق على رد الجميل لهذا الوطن الغالي الذي علمنا وارتوينا من خيره، فرد الجميل صفة من الصفات الأخلاقية التي نحتاجها جدا في هذا الزمان الذي كثر فيه السخط والتذمر والتشاؤم والسلبية.

ودمتم ودامت عمان بخير،،،

Khalid1330@hotmail.com