توقعات باستقرار سعر الصرف في ظل إدارة فعالة لميزان المدفوعات

"أوبار كابيتال": تعزيز التنويع الاقتصادي وتحسين آليات تحقيق الاستدامة والحد من المخاطر المالية .. أبرز أهداف "ميزانية 2017"

 

 

اعتماد سعر تحفظي لبرميل النفط رغم التوقعات الدولية بارتفاع المعدلات

ميزانية 2017 تسعى للحد من المخاطر المالية وتحقيق الاستدامة

1.16% نموا متوقعا في الإيرادات.. و51% عائدات نفطية

زيادة الإيرادات المقدرة غير النفطية 5.7%

 

مسقط - الرؤية

 

قال تقرير صادر عن أبحاث أوبار كابيتال إنَّ السلطنة واصلت منهجيتها الرامية للمزيد من التطور والتحول نحو المزيد من الفعالية، من خلال إعلانها الميزانية العامة للدولة لعام 2017 والتي تتسم بأنها أكثر تفصيلاً وشفافية ووضوحًا مقارنة مع السنوات السابقة.

واحتوت ميزانية 2017 على عدد من الإجراءات الواقعية والترشيد في الإنفاق بهدف حماية الاقتصاد من سيطرة النفط ودفعه نحو التنويع والمزيد من المصادر غير النفطية، إضافة إلى تحسين الآليات ورفع معدلات التحصيل وفرض ضرائب/رسوم إضافية والتركيز على الوصول إلى اقتصاد مستدام. ومن أمثلة الإجراءات المعلنة في الميزانية محدودية التوظيف في القطاعات العامة والحكومية ومراجعة الدعم وخصخصة المزيد من الأصول الحكومية والإنفاق على المشاريع الضرورية وتعديل الرسوم والخدمات والضرائب إلى غير ذلك.   

زيادة الإيرادات

وتتوقع حكومة السلطنة أن تبلغ إيرادات عام 2017 طبقاً للميزانية 8.7 مليار ريال عُماني، أي أعلى بنسبة 1.16 في المئة مقارنة مع الإيرادات المقدرة للعام السابق و18.4 في المئة مقارنة مع الإيرادات الفعلية لعام 2016. شكل صافي إيرادات النفط نسبة 51 في المئة تلاه إيرادات غير النفط والغاز بنسبة 29.8 في المئة ومن ثم إيرادات الغاز بنسبة 19.1 في المئة.

وبلغ صافي إيرادات النفط 4.45 مليار ريال عماني في ميزانية عام 2017 أقل بنسبة 2.4 في المئة من المقدرة لعام 2016 التي كانت عند 4.56 مليار ريال عماني وجاء هذا الانخفاض بسبب التزام السلطنة بالتخفيض المقرر على إنتاج النفط وفقاً لقرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حيث وافقت السلطنة على خفض الإنتاج بـ45 ألف برميل يوميًا والذي عند تطبيقه مثلا على إنتاج شهر نوفمبر من عام 2016 الذي بلغ 1.014 مليون برميل، فإنّه يصبح 0.97 مليون برميل. ووفقاً لبيان الميزانية في احتساب سعر النفط، فإنّ السعر الذي بنيت عليه الإيرادات النفطية هو 45 دولارًا للبرميل وهو سعر تحفظي قليل بنظرنا كون أنّ العديد من المؤسسات ووكالات النفط العالمية والهيئات الاقتصادية قد توقعت أن يسجل سعر النفط أداءً أفضل خلال عام 2017.

وتمّ تقدير إيرادات الغاز في ميزانية 2017 عند 1.66 مليار ريال عماني بارتفاع سنوي نسبته 4.4 في المئة مقارنة مع 1.59 مليار ريال عماني لعام 2016. وتعد هذه الإيرادات المقدرة الأعلى على الإطلاق. ورغم أن السلطنة دأبت على تطوير حقول الغاز لديها إلا أنّ هذه المرة ستشهد الحقول انضمام حقل خزان مكارم الإستراتيجي في الربع الأخير من عام 2017. وبدأ تطوير هذا الحقل في عام 2014 ومن المتوقع أن يُسهم في النهاية بنسبة 33 في المئة من إنتاج السلطنة للغاز. وتمتلك شركة النفط العمانية للاستكشاف والإنتاج نسبة 40 في المئة من المشروع بينما تمتلك شركة بي.بي. نسبة 60 في المئة ويقع في منطقة الامتياز 61. يتوقع أن تنتج المرحلة الأولى من الحقل مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا على أن يصل إنتاج الحقل من المرحلة الأولى والثانية 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا. بناء على ما سبق، نرى أنَّ إيرادات الغاز لعام 2018 ستكون أفضل بسبب احتساب إيرادات الحقل خلال العام بأكمله.

الإيرادات غير النفطية

وبلغت الإيرادات غير النفطية المقدرة في ميزانية العام الحالي 2.59 مليار ريال عماني مقارنة مع 2.45 مليار ريال عماني إيرادات غير نفطية مقدرة في عام 2016 أي بارتفاع نسبته 5.7 في المئة. ويرى التقرير أنَّ الرؤية الإستراتيجية للسلطنة شديدة الوضوح في هذا الموضوع، ألا وهي التوسع في مصادر الدخل غير النفطي. ووفقاً لوزارة المالية، فإنَّ الحكومة تعتزم اتخاذ سلسلة من الخطوات لدعم الإيرادات غير النفطية، بما في ذلك تعديل قانون ضريبة الدخل وتطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع الخاصة كالتبغ والكحول وتعديل رسوم إصدار تراخيص استقدام العمال الأجانب، إضافة إلى الحد من الإعفاءات الضريبية للشركات والمؤسسات ورفع أسعار الكهرباء للمستهلكين التجاريين الكبار وتعديل بعض الرسوم الخدمية المقدمة من الوزارات والجهات الحكومية. وبدأ تطبيق نسبة 12 في المئة كأتاوة على شركات الاتصالات منذ بداية العام الحالي بدلاً من نسبة 7 في المئة سابقًا، الأمر الذي سينتج عنه المزيد من الدعم للإيرادات غير النفطية.

وتستهدف الدولة التركيز على الشراكة بين القطاع العام والخاص والخصخصة لزيادة الإيرادات غير النفطية. وشهد عام 2016 قيام الحكومة البدء في تنفيذ برنامج الخصخصة، كما حددتها الأطر الموضوعة للفترة المحددة (2016- 2020)؛ حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى من تأسيس شركة قابضة لكل قطاع ونقل حصص الحكومة في الشركات المحلية والخارجية إلى الشركات القابضة، كما تم تحويل ملكية بعض الشركات إلى الصناديق السيادية تمهيداً لخصخصتها. وتسعى الحكومة لبيع عدد من الأصول التابعة لها، خاصة تلك التي تكلف الخزانة العامة للدولة عبئًا بسبب ارتفاع كلف صيانتها أو تشغيلها. ويرى التقرير أن هذا التوجه سيشهد حيزا متزايدا من الاهتمام خلال الأيام المقبلة، كون أنها الأداة الأساسية التي يتم من خلالها توسيع ملكية القطاع الخاص وزيادة عمق سوق الأوراق المالية. ولا يقل هذا التوجه أهمية عن برنامج الشراكة بين القطاع العام والخاص (PPP) الذي سيتم تفعيله بشكل حيوي مع استكمال إجراءات إصدار القانون الخاص به، الأمر الذي من شأنه تسهيل الشراكة بين القطاعات العامة والخاصة.

معدلات الإنفاق

وبلغ الإنفاق العام في الميزانية 11.7 مليار ريال عماني بتراجع طفيف نسبته 1.7 في المئة مقارنة مع المقدر لعام 2016 و7.5 في المئة أقل من الإنفاق الفعلي الذي بلغ 12.65 مليار ريال عماني إن التوجه العام للإنفاق خلال هذا العام يأتي ضمن ذات الإطار الذي تم تبنيه خلال العامين الماضيين والهادف إلى عقلنة الإنفاق وتحسين الكفاءة وإبقاء الإنفاق العام ضمن المستويات المبررة.

وتوجهت الحكومة نحو البرامج الاقتصادية البناءة مثل مشروع البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" الذي لاقت مقترحاته للخطة الخمسية الأخيرة ترحيبا واضحاً في ميزانية عام 2017، والسلطنة ملتزمة بتقديم الدعم الضروري لإنجاز هذه المقترحات بهدف تحسين المناخ الاستثماري في السلطنة عن طريق تحسين التنويع الاقتصادي.

وتشكلت بنود الإنفاق الرئيسية من المصروفات الجارية (72.7 في المئة) والمصروفات الاستثمارية (22.8 في المئة) والمساهمات ونفقات أخرى بنسبة 4.57 في المئة. ومن أهم النقاط المتعلقة بالإنفاق أولاً الإنفاق الجاري عند حدود متقاربة مع الإيرادات المقدرة؛ حيث شكل نسبة 98 في المئة منها أي أقل بنسبة 2.3 في المئة، وكذلك خفض الدعم بشكل طفيف من 400 مليون ريال عماني في عام 2016 الى 395 مليون ريال عماني لعام 2017، علاوة على رفع مصروفات إنتاج النفط والغاز بنسبة طفيفة 1.7 في المئة الى 1.82 مليار ريال عماني مقارنة مع 1.79 مليار ريال عماني لعام 2016. كما شكلت المصروفات الإنمائية (تتضمن الشركات الحكومية) نسبة 11.45 في المئة من إجمالي الإنفاق مقارنة مع 11.34 في المئة من إجمالي الإنفاق المقدر لعام 2016.

وتحرص السلطنة على الاستمرار في دعم القطاعات المتعلقة بالمواطنين مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والإسكان؛ حيث بلغت المخصصات الحكومية لهذه القطاعات 3.18 مليار ريال عماني في عام 2017 أي بنسبة 27.3 في المئة من إجمالي الإنفاق. وقد أعطيت أهمية قصوى لقطاع التعليم الذي خصص له 1.58 مليار ريال عماني (49.7 في المئة من هذه القطاعات) تلاه قطاع الصحة عند 612 مليون ريال عماني (19.2 في المئة) ومن ثم قطاع الإسكان وقطاع الضمان والرعاية الاجتماعية عند 504 ملايين ريال عماني و487 مليون ريال عماني أي (15.8 في المئة) و(15.3 في المئة) على التوالي.

توقعات العجز

وتتوقع الحكومة بحسب أرقام الميزانية أن يسجل العجز مبلغ 3 مليارات ريال عماني لعام 2017. وسيتم تمويل العجز عن طريق صافي الاقتراض الخارجي بمبلغ 2.1 مليار ريال عماني وصافي الاقتراض المحلي بمبلغ 400 مليون ريال عماني، والبقية عن طريق السحب من الاحتياطات بمبلغ 500 مليون ريال عماني. وتجاوزت مستويات الإنفاق الفعلي تاريخياً الأرقام المقدرة للسنوات 2008-2016، غير أنّ التقرير يعتقد أن الإنفاق الفعلي لعام 2017 سيكون عند مستويات قريبة من الأرقام المقدرة له على افتراض مشاركة ومساهمة فعالة من القطاع الخاص وإيرادات غير النفطية أفضل ومتوسط سعري أعلى للنفط خلال العام.

النتيجة والرؤية

وقال التقرير إن إعداد وصياغة الميزانية تم بطريقة عملية حذقة؛ حيث إن الوصول إلى الاستدامة المالية والحد من المخاطر المحتملة يقع في صلب الأهداف الرئيسية التي تسعى الميزانية لتحقيقها. ويتوقع التقرير أن يسجل الناتج الإجمالي المحلي والإيرادات أداء أفضل خلال هذا العام، مع الأخذ بعين الاعتبار التحسن الذي يحدث على أسعار النفط، بفضل اتفاقية أعضاء منظمة أوبك والأعضاء من خارج المنظمة على تخفيض إنتاج النفط، وهو ما يتحقق حاليا على مستويات الأسعار التي هي أفضل من المقدرة في الميزانية.

وفيما يتعلق بالتضخم، فوفقًا لبيان الميزانية، ظل التضخم في السلطنة عند مستوى متدنٍ خلال عام 2016 بما يعادل 1.58 في المئة، ومن المتوقع ألا يتجاوز 2.8 في المئة خلال عام 2017. كما من المتوقع أن يبقى سعر الصرف مستقرًا طالما تستطيع الحكومة إدارة ميزان المدفوعات لديها بشكل فعال ومن خلال التوظيف الناجح لمصادر التمويل.

تعليق عبر الفيس بوك