بهدف إنشاء قاعدة بيانات واتخاذ قرارات مستنيرة

"الصحة": المسح الوطني للأمراض غير المعدية يستهدف 9 آلاف أسرة في المحافظات

≤ 35 اجتماعاً عقدها فريق العمل لدراسة منهجية وأدوات المسح

≤ المسح الصحي العالمي: 40% من العُمانيين يعانون ارتفاعا في ضغط الدم.. و12.3% سكري و29.5% من الوزن الزائد و37% يشكون الخمول البدني

تعتزمُ المديرية العامة للتخطيط والدراسات بوزارة الصحة -مُمثلة في مركز الدراسات والبحوث- إجراء المسوح الوطنية للأمراض غير المعدية وعوامل خطورتها على المستوى الوطني، على عيِّنة حجمها 9045 من الأسر العُمانية وغير العُمانية، مُوزَّعة على جميع مُحافظات السلطنة؛ وذلك بالتعاون مع الدوائر المختصَّة في وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية. وقد تمَّ اختيار العيِّنة لتكون طبقيَّة مُتعدِّدة المراحل، وفقاً للتوزيع الجغرافي لتعداد 2010 لمربعات التجمُّعات السكانية، وتمَّ اختيار عددٍ متساوٍ من الأسر في كل محافظة، وسيتم اختيار أحد الأفراد البالغين عشوائيًّا للمشاركة في المسح.

مسقط - الرُّؤية

وتهدفُ المسوح إلى إنشاء قاعدة أساسية لبيانات وطنية عن الأمراض غير المعدية، توفِّر منصة لإنشاء نظام رصد الأمراض غير المعدية الرئيسية، وعوامل الخطر المصاحبة لها في السلطنة، وتقدير تعاطي واستخدام التبغ على البالغين بالسلطنة، واستنتاج المؤشرات الرئيسية لمكافحة التبغ بمنهجية علمية، ووضع قاعدة بيانات وطنية عن الأنماط الغذائية واستخراج مؤشرات وطنية، واتخاذ قرارات مستنيرة مبنية على الأدلة والبراهين، ووضع إطار قوي للرصد والمتابعة والتقييم لمعرفة مدى تنفيذ السياسات والتدخلات، وبما يتناسق مع إطار منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى تقديم التقارير بانتظام إلى الوزارات والجهات الصحية الوطنية والمنظمات الدولية بشأن التقدُّم المحرَز في التدخُّلات التغذية وفي مجال الأمراض غير السارية.

يُذكر أنَّ الوزارة أعدَّت للمسح الوطني للأمراض غير المعدية وعوامل خطورتها منذ أكثر من عامين؛ بدءا من إصدار مَعَالي وزير الصحة القرار الوزاري رقم (176) لسنة 2015 بتشكيل فريق عمل وإدارة المسح برئاسة الدكتورة عذراء المعقولية مديرة مركز الدراسات والبحوث بالمديرية العامة للتخطيط والدراسات والباحث الرئيسي للمسح الوطني للأمراض غير المعدية وعوامل خطورتها؛ حيث يقوم المركز بالإشراف الفني على تنفيذ المسح وفرق العمل الميدانية.

وفي هذا الصدد، أشارت الدكتورة عذراء إلى عقد أكثر من 35 اجتماعا لفريق العمل بمركز الدراسات والبحوث لدراسة منهجية وأدوات المسح، واختيار ما هو مُناسب لأهداف وأولويات وزارة الصحة، وتحديد الاحتياجات اللازمة لتنفيذ المسح وسُبل تمويلها، ووضع خطة زمنية للمسح والتنظيم والإشراف على العمل الميداني، وأيضا الإشراف على إدارة ومعالجة البيانات والتحليل الإحصائي وكتابة التقارير.. وكذلك التنسيق مع الجهات والوزارات الأخرى لتنفيذ المسح.

كما شهدتْ الفترة السابقة عقد 5 اجتماعات عن طريق المؤتمرات الهاتفية بالخبراء في منظمة الصحة العالمية بالمكتب الإقليمي بالقاهرة والمركزي بجنيف؛ لمناقشة منهجية وأدوات المسح وكذلك عينة-مجتمع الدراسة. وأوضحت الدكتورة عذراء أنَّ عينة الدراسة اعتمدتْ على خرائط التجمعات السكانية التي تمَّ اختيارها عشوائيًّا من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وقد تمَّ الانتهاء من تحديث الخرائط في الفترة من ديسمبر 2105 إلى فبراير 2016، وإعداد قوائم بالأسر في كل تجمع سكاني بجميع محافظات السلطنة وتمَّ اختيار 823 أسرة في كل محافظة عشوائيا ليكون إجمالي حجم عينة المسح 9045 أسرة على مستوى السلطنة.

وأشارتْ إلى أنَّ هذه المسوح تتضمَّن مرحلتيْن من العمل الميداني؛ الأولى تتضمَّن إعداد قائمة بالأسر المعيشية في كل مربع حسب الجنسية واللغة لاختيار عينة المسح بكل محافظة، وفي الثانية سيتم جمع البيانات خلال شهري فبراير ومارس 2017؛ وذلك بإجراء مقابلة فردية لأحد أفراد الأسرة من عُمر 15 سنة فأكثر حسب عِدَّة خطوات؛ الأولى تتضمَّن سؤال من تم اختياره عن معلومات ديموغرافية؛ مثل: العمر، والجنس، والحالة الاجتماعية، والتعليم، والعمل، إضافة إلى استخدام التبغ؛ ويشمل: التدخين الحالي والسابق لأنواع التبغ المختلفة (السجائر-الشيشة-السيجار...)، وأيضا التبغ غير المدخن والتدخين السلبي والإقلاع عن التدخين والإعلانات في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة عن منتجات التبغ، وكذلك رأي المشاركين في المسح في بعض السياسات وفرض الضرائب ومنع التدخين في بعض الأماكن، وسؤاله عن تعاطي الكحول الحالي والسابق ومدة وكمية التعاطي، وعن بعض الممارسات والعادات الغذائية؛ وتشمل: تناول الخضراوات والفاكهة، واستخدام ملح الطعام، والزيوت المستخدمة في الطهي والأغراض الأخرى بالمنزل.

كما سيتم سؤاله عن ممارسة الرياضة والمشي والخمول البدني، وعن التاريخ المرضي للعائلة؛ وتشمل أسئلة عن إصابة الأب أو الأم أو الأخوة/الأخوات أو أقارب آخرين بأمراض ضغط الدم المرتفع والسكري وارتفاع الكوليسترول والسكتة الدماغية والربو الشعبي وأمراض القلب والكلى والسمنة المفرطة ونصائح عن أنماط الحياة، وكذلك التاريخ المرضي للفرد الذي تم اختياره من الأسرة عن بعض الأمراض وهي الربو الشعبي، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وارتفاع الكوليسترول، وأمراض القلب وسرطان عنق الرحم للنساء.

وتتضمَّن الخطوة الثانية بالمسح إجراء اختبار حدة النظر البعيد، وقياس ضغط الدم وقياس الطول والوزن ومحيط الوسط والخصر.

أمَّا الخطوة الثالثة والأخيرة، فيتم فيها إجراء المقاييس الحيوية عن طريق أجهزة محمولة للتحاليل (Cardio check) باستخدام شرائط وأخذ عينة دم من المشارك بواسطة وخز الإصبع لقياس السكري والدهنيات في الدم، والدهون الثلاثية ذات الكثافة العالية، ثم أخذ عينة للبول لقياس مستوى الصوديوم والبوتاسيوم والكرياتينين.

واختتمتْ الدكتورة عذراء بالإشارة إلى أن جمع البيانات سيتم باستخدام الأجهزة الكفية بديلاً عن استخدام الأوراق للحصول على بيانات إلكترونية مباشرة ذات جودة عالية دون الحاجة لعملية إدخال البيانات في حالة استخدام الاستبيانات الورقية. وسيتم الحصول على التقرير الأولي للمسح بعد الانتهاء من جمع البيانات مباشرة.

كما سيتم التدريب على أدوات المسح المختلفة وجمع البيانات باستخدام هذه الأجهزة في الفترة من 22-26 يناير 2017 بالقاعة الرئيسية بالجامع الأكبر، وسيشارك في ورشة العمل حوالي مشارك من جميع المحافظات، وسيقوم بالتدريب خبراء من منظمة الصحة العالمية بمشاركة فريق العمل المركزي للمسح بمركز الدراسات والبحوث.

يُذكر أنَّ الأمراض غير السارية -المعروفة أيضاً باسم الأمراض المزمنة، أو الأمراض غير المعدية التي لا تنتقل بين البشر- من أهم اسباب الوفيات على مستوى العالم. وهي أمراض تدوم فترات طويلة وتتطوَّر ببطء عموماً، وتنقسم إلى أنماط رئيسية أربعة؛ هي: أمراض القلب الوعائية (مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية) والسرطانات، والأمراض التنفسية المزمنة (مثل مرض السدة الرئوية المزمنة والربو) والسكري.

وتعد أهم عوامل الخطورة التي تسبب الأمراض غيرالمعدية هي أنماط الحياة الخاطئة مثل تعاطي التبغ والخمول البدني وتعاطي الكحول على نحو ضار والنظم الغذائية غير الصحية، كل هذه العوامل تزيد من خطورة الوفاة.. وتتسبَّب الأمراض غير السارية في وقوع 63% من مجموع الوفيات؛ حيث تُوْدِي بحياة 38 مليون نسمة كل عام حول العالم. وتشير البيانات إلى أنَّ 16 مليون من الأشخاص يقضون نحبهم دون سن الـ70 من جرَّاء الأمراض غير السارية تحدث وتأتي أمراض القلب الوعائية وراء حدوث معظم الوفيات؛ إذ تتسبَّب في وفاة نحو 17.5 مليون حالة وفاة، وتليها السرطانات 8.2 مليون حالة وفاة، ثم الأمراض التنفسية 4 ملايين حالة وفاة، وأخيرا السكري 1.5 مليون حالة وفاة سنويا.

وفي السلطنة، تُعدُّ الأمراض غير المعدية من أكثر المشكلات الصحية، وضمن أهم أولويات وزارة الصحة، وتتسبَّب في عبء حالي كبير على الوزارة؛ حيث أشارت نتائج المسح الصحي العالمي الذي تم إجراؤه عام 2008 إلى أنَّ 40% من العُمانيين يعانون من ارتفاع ضغط الدم و12.3% يعانون من السكري، و29.5% من الوزن الزائد، و24.1% من السمنة، و33.6% ارتفاع الكولسترول. كما أنَّ 37% من العمانيين يعانون الخمول البدني أو لا يمارسون أي نشاط بدني و14.7% يدخنون نوعا من أنواع التبغ. وتمَّ تسجيل 1300 حالة جديدة للسرطان سنويًّا حسب السجل الوطني للسرطان.

وعلى الصعيد العالمي، تعود 44% من حالات السكري و23% من حالات أمرض القلب و7-41 %من بعض حالت السرطان، إلى السمنة المفرطة والوزن الزائد. وفي سلطنة عُمان أكثر من نصف المجتمع يُعاني من زيادة في الوزن أو سمنة مفرطة.

وفي حالة التخلص من عوامل الخطر الرئيسية المرتبطة بالأمراض غير السارية، يمكن الوقاية من نحو ثلاثة أرباع حالات الأمراض القلبية والسكتة الدماغية والسكري والوقاية من حوالي 40% من حالات السرطان؛ لهذا تضع وزارة الصحة الأمراض غير المعدية ضمن أهم أولوياتها، إضافة إلى أنَّ هنالك التزامات سياسية دولية للسلطنة للحد من الأمراض غير المعدية والتحكم في عوامل الخطورة المصاحبة لها، بما في ذلك الإعلان السياسي الصادر عن الأمم المتحدة عام 2011م، والذي تعهَّدتْ فيه السلطنة والدول الأعضاء بالتصدي لخطر الأمراض غير المعدية.

وبناءً على زيارة فريق العمل التنسيقي للأمم المتحدة إلى السلطنة خلال الفترة 10-12 أبريل 2016م؛ من أجل مُتابعة تنفيذ الإعلان السياسي للأمم المتحدة الصادر في عام 2011، وتقديم الدعم الفني للدول الأعضاء من أجل رفع مستوى الاستجابة للأمراض غير المعدية والاستعداد للتقييم؛ فقد تبنَّت السلطنة -مُمثلة في وزارة الصحة- السياسة الوطنية للوقاية والسيطرة على الأمراض غير المعدية للحد من انتشار هذه الأمراض، ومن أجل تحسين وتغيير أنماط الحياة للعمل من أجل حياة صحية أفضل للجميع.

تعليق عبر الفيس بوك