ميدانيًا: لصالح "الأسد".. وسياسيا: الغموض للجميع

العالم عاجز أمام مأساة السوريين.. وروسيا تُهيمن على مفاتيح الحل

 

 

 

 

 

دمشق - الوكالات

رغم أنَّ خارطة السيطرة العسكرية في سوريا خلال عام 2016 شهدت بعض التغييرات معظمها يصب في مصلحة قوات النظام، المدعومة جويا وبريا من قبل روسيا ومليشيات أجنبية متعددة الجنسيات، إلا أنّ أيا من هذه التغييرات لم يكن حاسمًا بالدرجة التي تنهي الصراع لصالح أي من الأطراف، على اختلاف أهدافها وتوجهاتها.

وخلال 2016 تمكنت قوات النظام والمليشيات الداعمة لها من جني ثمار سياسة الحصار والتجويع التي استخدمتها لفترات طويلة في مناطق عديدة، لاسيما محيط العاصمة دمشق، وذلك بفرض اتفاقات أدت إلى خروج مقاتلي المعارضة المسلحة من داريا والمعضمية وقدسيا والهامة والتل في محيط العاصمة دمشق، بينما يدور الحديث الآن عن مناطق أخرى ستشملها اتفاقات مشابهة.

كما تمكنت قوات النظام، المدعومة جوياً وبرياً من قبل روسيا، من فرض حصار محكم على الأحياء الخارجة عن سيطرتها في حلب، بعد اشتباكات استمرت لأشهر مع المعارضة المسلحة، ومن ثم اقتحمتها في حملة شرسة، تخللها مجازر وإعدامات ميدانية بحق المدنيين، وفق مصادر حقوقية، وعليه فبالإمكان القول، إنّ خسائر المعارضة المسلحة خلال هذا العام كانت نوعية بامتياز.

ومع إسدال الستار على عام 2016 بات مشهد الحل السياسي في سوريا أكثر تعقيدا، في ظل هيمنة روسية على القرار، يقابلها عجز دولي عن مواجهة عراقيل موسكو دعماً لحليفها بشار الأسد، بل وصل الأمر حد تراجع دول غربية عن أولوية إسقاط النظام السوري مقابل "محاربة الإرهاب". وظهر التفوق الروسي جليا باستخدام حق النقض (فيتو) مرتين في مجلس الأمن الدولي، بل تعداه إلى المبادرة بالإعلان عن مفاوضات سورية جديدة ترعاها موسكو وأنقرة في عاصمة كزاخستان دون تحديد موعد لها.

وعلى خلفية ما تقدم، لا يزال المحللون يصنفون الثورة السورية بأنها الأكثر كلفة بين ثورات الربيع العربي، إذ لا تزال كل الأطراف متورطة في الدماء دون إحراز أي تقدم حاسم على أي جبهة. الأسد لا يزال على رأس السلطة بفضل التدخل العسكري الروسي، مع استمرار الدعم الإيراني، في الوقت الذي لا تزال فيه المعارضة المسلحة منقسمة على نفسها وتدفع الثمن بسقوط مناطق كانت خاضعة لنفوذها في يد النظام كان آخرها أحياء حلب الشرقية.

ولأن الثورة السورية معقدة ومتشابكة واللاعبون على مسرح الأحداث كثر، نجد أنه في بداية العام وبعد نجاح النظام مدعوماً بالحلفاء الروس والإيرانيين ينجح في استعادة المدينة الأثرية التاريخية "تدمر" من أيدي تنظيم داعش الإرهابي بعد سيطرة دامت نحو عام من قبل التنظيم. إلا أنه وقبل نهاية العام 2016، ومع إنشغال النظام وحلفائه بمعركة حلب، ينجح التنظيم في استعادة المدينة التاريخية من جديد، ولو لفترة.

وكما كان سقوطها في مايو 2015 في يد تنظيم داعش “مفاجأة” للعديد من المراقبين، فاجأ التنظيم الجميع بالسيطرة مجدداً على المدينة الأثرية وسط سوريا، وكأن عامًا لم يمر. وذلك في ظل نجاحات النظام والحلفاء في جبهة حلب وطرد المعارضة من أحيائها الشرقية، بعد سلسلة مجازر بحق المدنيين قوبلت برفض واستهجان رسمي وشعبي من العديد من دول العالم. لكن المفاجأة هذه المرة كانت أوقع، لأن التنظيم نجح ليس فقط في استعادة المدينة الأثرية التاريخية، ولكن أيضاً نجح التنظيم في السيطرة على قاعدة عسكرية روسية بالمدينة، مجهزة بمعدات لوجستية إضافة إلى صناديق من الأسلحة والذخائر والقذائف بعد فرار الروس منها.

وبنهاية عام 2016 ومع توالي القصف والحصار واستخدام كافة أنواع الأسلحة حتى المحرمة منها دولياً بحق المدنيين، استعاد النظام مدعوماً بالحلفاء الروس جواً وبحراً وبالميليشيات الإيرانية براً، الأحياء الشرقية لمدينة حلب، والتي ظلت تحت سيطرة المعارضة المسلحة منذ 2012. وبحسب محللون فإن هذا “الانجاز” لم يكن ممكناً لولا دعم حليفين رئيسيين للنظام، هما روسيا وايران.

ويعد سقوط حلب بيد القوات النظامية السورية والميليشيات المتحالفة معها انتكاسة كبيرة لفصائل المعارضة السورية وحلفائها من العرب والغربيين، التي كافحت طويلاً من أجل أن تبقي المدينة بعيدة عن سيطرة النظام السوري.

 

تعليق عبر الفيس بوك