ثمة شجرة وارفة الثمرِ والظل!!

 

 

الرؤية ـ المعتصم البوسعيدي

 

النبات والظل الوارف ذلك "النبات النضير شديد الخضرة، المتسع والمتمدد في ظله"، مهوى المتعبين من لواهب العمل المُجهد، وملجأ الهاربين من ضربات الشمس وحرارتها اللافحة، والكل يبحث عن "جنة" الدنيا، والمؤمن الحق من يبحث عن الجنتين!!، وعمومًا فإن المدرجات في الملاعب أشبه بالنباتِ والظلِ الوارف الذي يبحث عنه الجميع ابتداءً من النادي والإعلام وانتهاءً بالجمهور نفسه، هذا النبات ـ بالتأكيد ـ ليس بذر صدفة نٌثر في مكانٍ ما وصار ثمرًا وظلا؛ بل "من جد وجد ومن زرع حصد"، ولذلك فإنَّ أهم أساس لقواعد البيت الرياضي يعتمد على مدرجات مليئة بالجماهير.

المتابع لدوري "عمانتل" للمحترفين هذا الموسم يرى أن هناك تطورا ملحوظا في الحضور الجماهيري، وكنت كتبت سابقًا عن الدور الكبير الذي لعبته جماهير نادي صحار مع ناديها من جهة، وجذبها لباقي جماهير الأندية ـ غبطةً وتنافسية ـ من جهة أخرى، لكن الأمر لا يتوقف عند جمهور "التماسيح" المُغرد خارج السرب؛ إنما هناك عوامل كثيرة يجب تسليط الضوء عليها حتى نعزز من قيمة الجمهور كمًا وكيفا.

العوامل أو الحوافز التي قادت الجمهور للتواجد في المدرجات ـ في اعتقادي ـ مختلفة ومتنوعة منها الخاص ومنها العام، ويمكن إلقاء نظرة عامة للأندية للتعرفِ على بعض هذه الحوافز؛ فالزعيم الظفاري ومنذ تسلم إدارته الحالية دفة القيادة أعطى جمهوره مؤشر "الرغبة الجامحة" نحو زعامة منفردة لا يشاركه فيها أحد، فتعاقد مع النجوم ووقع مع جهاز فني مُجيد، كما أنه أعد الفريق إعدادًا جيدًا ونجح بالفعل وبشكل واضح في استقطاب جمهوره حتى وإن خسر صدارة الدوري مع نهاية المرحلة الأولى لشقيقه نادي الشباب، هذا الأخير كان لأدائه ونتائجه أثر على جمهوره والذي ـ أعتبره ـ المفاجأة السارة والأيقونة الجديدة والرائعة في فضاء الكرة العُمانية، ولا شك أن خلف ذلك تخطيط ومنهجية سليمة، والحال ذاته مع جمهور نادي جعلان، وحضوره ـ في ظني ـ كان ولا زال نتيجة عمل إبداعي على مستوى "الإعلام الرياضي الجديد" من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث شاهدنا مدى التغطيات الجميلة لأنشطة النادي حتى قبل بداية الموسم خاصة في بطولات الفرق الأهلية، ولا يمكنني إغفال جمهور نادي السيب في الدرجة الأولى والذي ينطلق من إرث عريق ومحاولة جادة للعودة لدوري المحترفين وملاحقة إنجازات النادي المتفرقة في الألعاب الأخرى، ولعلَّ تتويج هوكي السيب مؤخرًا والعودة المظفرة بعد غياب طويل يعطي دفعة عالية لكرة القدم السيباوية.

تسليط الضوء على هذه الأندية كحوافز خاصة يأتي "على سبيل المثال لا الحصر"، أما الحوافز العامة فتنطلق من الانتماء والحب وإعلام رياضي جاذب للجمهور ببرامج تلفزيونية وإذاعية وتغطيات صحفية محركة للتعصب المحمود الذي أتمنى ألا يحيد عن الدرب نحو "عنصريات" التعاطي مع النتائج، فكرة القدم لعبة كل الاحتمالات، كما إنها لعبة الأخطاء الواردة من أي عنصر من عناصر اللعبة؛ سواء كان إداريا أو لاعبا أو حكما، هذا الذي يظل بشرًا مهما كان نوعية تطويره وتجويده ومحاسبته ومكافأته، وسيظل يخطئ "وأفضل الحكام أقلهم أخطاء"، أتمنى أيضًا تفاعل كل الأندية ونشر التجارب الناجحة واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي خير استغلال، وتعميم فكرة الجمعيات الجماهيرية، ويمكن أيضًا إنشاء جمعية أو نقابة جمهور توحد كل الجماهير وتدفع بالجمهور لحضور مباريات المنتخب الوطني بالصورة المثلى، كما أنها ستكون مؤثرة في نشر الوعي وثقافة التشجيع الحضاري، وعلى الأندية وصناع القرار في الرياضة دعم وتوجيه "بقعة الضوء" على المدرجات؛ فثمة شجرة وارفة الثمرِ والظل يمكن التمتع بنعيم ظلها وحصد ثمرها النافع للعبادِ والبلاد.