الملحق الثقافي الإيراني بالسلطنة: مؤتمر الحوارات الثقافية بين الجمهورية الإسلامية والعالم العربي يهدف إلى الوصول لفرص التَّعاون المشترك

المؤتمر يستعرض من خلال 6 محاور دور العلماء والشباب والمرأة والإعلام في التعاون الإيراني العربي

ديننا وصلاتنا وقبلتنا وكتابنا واحد .. وما أكثر المشتركات الثقافية بين إيران والعرب

هناك سمات قوة لا نظير لها بين إيران والعرب نريد إزاحة الغبار عنها وإعادتها إلى التوهج والتألق

لا يمكن فصل الفن عن الطابع الحضاري للأمة .. وفنون هذه المنطقة توحدها من أقصاها إلى أقصاها

حاوره: محمد بن رضا اللواتي

قال الدكتور بهمن أكبري الملحق الثقافي الإيراني إنَّ مؤتمر الحوارات الثقافية بين إيران والعالم العربي المزمع عقده خلال يناير القادم يأتي في إطار الرؤية الإيرانية للتفاهم والتعارف واستجابة لما تضمنه الإسلام من تعاليم تحض على التَّعارف ولتأكيد ودعم التَّعاون بين الشعوب والذي يستند إلى التَّحاور الثقافي في الأساس.

وأضاف أنّ خطاب إيران كان يقوم منذ انبثاق الثورة الإسلامية على أساس وحدة الأمة الإسلامية والتقريب بين فصائلها ومذاهبها، لكن هذا الخطاب كان معتما، وكان مشوباً بتضليل إعلامي كبير، وكان مصحوبًا بأخطاء هوّلتها وسائل الإعلام المعادية. واستمرت هذه الحالة طوال العقد الأوَّل من عمر الثورة، ثم خفَّت بالتدريج في العقد الثاني نتيجة ظروف سياسية، ثم هاهو العقد الثالث من عمر الثورة يطل علينا والخطاب الإيراني في أوضح حالاته، وجسور الثقة بدأت تمتد بين القيادات السياسية الإيرانية والعربية، كما أنَّ الفئات المثقفة من الجانبين بدأت تتواصل بكثافة أكبر.

وأشار الملحق الثقافي الإيراني إلى أنَّ التقارب العربي الإيراني سيفوّت على المستفيدين من تأزم العلاقات الإيرانية العربية فرصًا كبيرة، مؤكداً وجود الكثير من المشتركات الثقافية وقال: "إيران تقرأ كتاب الله باللغة العربية، وتؤدي مناسكها باللغة العربية، وبرع في العربية علماء إيران حتى غدوا مراجعًا لها كسيبويه والجرجاني وغيرهما، كما تسري العربية في اللغة الفارسية بشكل منقطع النظير حتى قيل إنّ 70% من الفارسية عربية في الحقيقة، هذا فضلاً عن كوننا شعوب الشرق، وهذه وحدها ميزة فالشرق له مُميزات تجمع بين شعوبه كعادات الضيافة والكرم وحسن الجوار، كذلك فإنَّ المؤلفين الإيرانيين الكبار ألفوا جل كتبهم بالعربية، خُذ على سبيل المثال الملا صدرا صاحب مدرسة الحكمة المتعالية، ألف موسوعته الفلسفية في عدة مجلدات بالعربية، وهذه كلها سمات القوة التي نريد عبر الحوار الثقافي إزاحة الغبار عنها وإعادتها إلى التوهج والتألق، هي نقاط قوة إذن بين العالم العربي وإيران لا نظير لها، يجمعنا دين واحد ولنا قبلة واحدة نتوجه إليها وصلاة واحدة وصوم واحد وكتاب واحد.

وأشار الدكتور بهمن أكبري إلى أنَّ التعاون المُشترك هو أهم القضايا المركزية التي سيدور حولها الحوار ونتطلع إلى أن يبلغ التعاون آفاقاً علمية واقتصادية وسياسية كذلك، ومن خلال الركيزة الثقافية يُمكن إيجاد تعاون وثيق في شتى المجالات بما فيها الاقتصاد والسياسة، وضرب مثالاً بالفن وقال إنّه مجال واسع فالرسم والخط والموسيقى والسينما والمسرح وأدب الطفل والرياضة بكافة فروعها وأنماطها، كل هذه بالإمكان أن تكون مجالات خصبة جداً للتَّعاون العربي الإيراني المُشترك، مؤكداً أنَّ الفنون تمثل جانبًا هامًا من ميزة الهوية الحضارية للعرب والإيرانيين. ولا يُمكن فصل الفن عن الطابع الحضاري للأمة. وكانت فنون هذه المنطقة الحضارية توحدها من أقصاها إلى أقصاها، في حقل العمارة والموسيقى والرسم، وفي العصر الحديث بقيت هذه الفنون بدرجة وأخرى تطبع منطقتنا بطابعها الخاص، غير أنّها لم تتطور بسبب ضعف التَّحرك الحضاري، ثم انفتح عالمنا على فنون أوروبية جديدة لم ينغلق أمامها، بل أخذها وحاول أن يوائم بينها وبين موروثه الثقافي، ويتوقف مدى نجاح عملية المواءمة على القدرة الفنية الإبداعية وعلى التعمق في روح التراث. ولا تزال هذه العملية تراوح بين النجاح والإخفاق، ولا تزال تعتبر من التَّحديات الهامة التي تواجه هويتنا الحضارية وموروثنا الثقافي.

وأضاف:"إيران تضم كنوزا كبرى في التراث الإسلامي العربي، وأقول: "العربي" لأنّ جلّه مدون باللغة العربية، والمكتبات العربية تضم هي الأخرى كنوزا تراثية. هذا غير آلاف المخطوطات في المكتبات العالمية".

وقال الملحق الثقافي الإيراني إنّ هناك عدة محاور سيُركز عليها المؤتمر، ومنها محور الحوار الثقافي الإیراني والعربي في مجال الوسطیة والعقلانية والذي يتضمن عدداً من العناوين مثل الاعتدال والعقلانية في التعالیم الدینیة وفي فکر العلماء المسلمین وسلوکهم، ومکانة الاعتدال والعقلانیة في الحضارة الإسلامیة عبر التاریخ، تعالیم الاعتدال في الأدبین الفارسي والعربي وأسباب تراجع وضعف العقلانیة والاعتدال ونشوء التطرف في العالم الإسلامي، ودور الأخلاق في تکوین المجتمع المعتدل والعقلاني، والاعتدال والعقلانية ودورهما في بناء الحضارة الإسلامیة الجدیدة وإحیاء القدیم منها، والقرارات اللازمة والأسباب الضروریة للاتجاه الاعتدالي والعقلاني.

يضيف الدكتور بهمن أكبري أنّ المحور الثاني يُركز على القابلیات العلمیة لإیران والعالم العربي للتفاعل والحوار الثقافي، ويتضمن أهمیة وضرورة التفاعل والتعاون العلمي والجامعي بین إیران والعالم العربي، دراسة ونقد الخلفية التأریخیة للتعاون العلمي بین إیران والعالم العربي، الفرص والتحدیات تجاه التعاون العلمي بین الجانبین، أثر توافد البعثات العلمیة وتبادلها في توسیع التعاون والحوار الثقافي بین إیران والعالم العربي، دراسة القابلیات العلمیة المشترکة بین إیران والعالم العربي لأجل التفاعل الثقافي، دور المشاریع المشترکة في تنمیة القدرات العلمیة والثقافية لإیران والعالم العربي، دور التعاون العلمي بین إیران والعالم العربي في تنمیة العلوم وتطویرها في العالم الإسلامي، دور العلماء المعاصرين من الإیرانیین والعرب في تطویرالتعاون العلمي والثقافي، دور إیران والعالم العربي في إنتاج العلم، وطرائق إنتاج العلم وتأهیله عبر التَّجربة الإیرانیة والعربیة.

ويُركز المحور الرابع على دور النِّساء المفکرات الإیرانیات والعربیات في توسیع نطاق التَّفاعل والحوار الثقافیین وينقسم إلى عدد من العناوين منها دور المرأة المُسلمة في التنمیة الثقافية للمجتمعات الإسلامیة، دور المرأة في نشر ثقافة الحوار، الدور الاجتماعي للنساء في التفاعلات والحوارات الثقافية بین إیران والعالم العربي، إنجازات إیران والبلدان العربیة في مجال قضایا المرأة، تمثّل دور المرأة الإیرانية والعربیة عبر العمل المؤسسي علی المدی الوطني والدولي، المرأة، الأسرة ونمط الحیاة في الاتجاهین الإیراني والعربي، آفات التطرف علی المرأة وحقوقها في المجتمعات الإسلامیة، قابلیات المرأة الإیرانیة والعربیة في حقل التعلیم وإنتاج العلم، تجارب المرأة الإیرانیة والعربیة في مجال الإدارة الناجحة وتقبّل المسؤولیات، ودور المرأة في الخفض من الإصابة بالانزلاقات الثقافية في المجتمع.

ويناقش المحور الخامس الشباب وقضایاهم في إیران والعالم العربي ودور الشباب في الحوارات الثقافية، ويتضمن عدة عناوين منها القابلیات الفکریة والعلمیة والسلوکیة للشباب الإیرانیین والعرب للحوار والتفاعل الثقافیین، دراسة المجالات الفکریة والثقافیة المشترکة بین الشباب الإیرانیین والعرب لأجل الحوار الثقافي، دور الشباب الإیرانیین والعرب في إعادة بناء الهویة الإسلامیة وحضارتها، دراسة الانتماءات والمتطلبات الثقافیة لشریحة الشباب في المجتمع الإیراني والعربي، دراسة دور المؤسسات الشعبیة للشباب الإیرانیین والعرب في الحوارات الثقافیة، دراسة دور الشباب الإیرانیین والعرب في توسیع نطاق فکرة الاعتدال والوسطیة، الآفاق الثقافية المستقبلیة للشباب الإیرانیین والعرب، دراسة القابلیات والقواسم المشترکة بین المؤسسات الحکومیة الناشطة بشأن الشباب في إیران والعالم العربي، وفرص مواقع التواصل الاجتماعي وتحدیاتها.

وأخيراً يناقش المحور السادس الإعلام ودوره في الحوار الثقافي بین إیران والعالم العربي ويركز على وظائف وإنجازات الإعلام في الحوار الثقافي بین إیران والعالم العربي، دور الإعلام في التقارب والتباعد الثقافیین بین إیران والعالم العربي، وكذلك في تأسیس ونشر الثقافة المعیاریة واللامعیاریة، الالتزام بالسلوك المهني المعیاري وتوطید الأرضیة للحوار الثقافي بین إیران والعالم العربي، أهمیة وضرورة تأسیس النقابة الإعلامية بین إیران والعالم العربي للحوار الثقافي، الدراسة المقارنة بین منجزات الإعلام الحدیث والتقلیدي في مجال الحوار الثقافي بین إیران والعالم العربي، دور الإعلام الغربي في تحویل النزاعات الثقافیة الإیرانیة والعربیة، دور الإعلام الإیراني والعربي في توسیع فکرة الاعتدال والوسطیة وتثقیفها.

تعليق عبر الفيس بوك