في ثرى جوهرة مسقط ...(2)

 

راشد البلوشي

 

ذهب عني وتركني ... وما هي إلا أيام وجاء من يأخذ بيدي، شعرت بيد حانية تمتد نحوي لمؤازرتي، حينها شعرت أنها يد الإنسان، تلك اليد التي كنت ألفتها منذ ألف ومائتي عام، ولكن التعامل الإنساني يقتضي شكر المضيف واستئذان (الحكومة الإندونسية) كان ذلك في عام 1998 باستخراج بقية أجزائي كما عثر ضمن البقايا

على 60.000 قطعة من الخزف الصيني النادر، سميت هذه المجموعة فيما بعد كنوز التانج.

 

خضعت بعدها إلى تحليلات ودراسات وفحوصات جسدية ومخبرية للتأكد من هويتي التاريخية لكي أقدم دليلا ملموسا على وجود الطريق التجاري البحري بين شبه الجزيرة العربية والشرق الأقصى منذ القرن التاسع على أقل تقدير. الذي يطلق عليه طريق الحرير.

 

 فأكدت الدراسات لي أنّ أجزائي المتبقية قد أسهمت بتعميق فهمنا لأساليب الملاحة وصناعة السفن العمانية أثناء تلك الحقبة. بينت الدراسات والأبحاث والقطع الخشبية المستخرجة أن العمانيين استخدموا طريقة الشبك بالحبال في صناعة السفن وقد بينت الاختبارات التي أجريت على الأخشاب موطنه الأصلي. أما موقعي في مكان غرقي فقد وضح للجميع الكثير بشأن الطرق البحرية التي يسلكها العمانيون في أسفارهم إلى الصين.

 

في صباح 16 فبراير من عام 2010 انطلقت من ميناء السلطان قابوس في طريقي إلى سنغافورة لإحياء الرحلات البحرية التجارية بين السلطنة وسنغافورة في احتفال أقيم من أجلي، تحت رعاية صاحب السُّمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد وبحضور عدد من أصحاب السُّمو والمعالي الوزراء والمستشارين وعدد من أصحاب السعادة الوكلاء وسفراء دول مجلس التعاون لدول الخليج والدول العربية والآسيوية وجمع من المسؤولين والضيوف وأهالي طاقم السفينة.

 

 أسمع صاحب السُّمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد يقول في كلمة ألقاها "إنه لشرف عظيم لي أن أحظى بالتكليف السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله ورعاه- لرعاية هذا الحدث الحضاري المهم وعلى هذه الأرض الطيبة وفي الساعة المباركة والأجواء البهيجة احتفاء ببدء السفينة الشراعية العمانية "جوهرة مسقط" رحلتها البحرية إلى سنغافورة انطلاقاً من ميناء السلطان قابوس بمسقط".

وأضاف سموه أنّ رحلة السفينة "جوهرة مسقط" في إبحارها الشراعي سوف تمر بكل من جهوريتي الهند وسريلانكا ومملكة ماليزيا وهي تحمل في طياتها مآثر الأجيال وعبق الأمجاد وروح الصداقة والتعاون والسلام التي تجمعنا مع شعوب العالم أجمع وقد ترسخت عبر العصور على امتداد المعمورة وخاصة في أقاليم المحيط الهندي الشاسع ودول الشرق الأقصى الواسع .

 

وقال سُّمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد إنّ في اللحظات التي تنطلق فيها "جوهرة مسقط " في رحلتها البحرية الشراعية تبدأ كتابة حدث تاريخي، مؤكدا أن الصعود على متن سفينة "جوهرة مسقط " هو "مسؤولية كبيرة" للجميع .

 

وناشد سُّموه طاقمي قائلاً لهم" عليكم أن تتكاتفوا مهتدين بقول الله عز وجل" وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم" وأن تضيفوا لبنة من لبنات الاعتزاز بالتراث العماني الميمون رافعين راياتنا خفاقة مع إطلال كل يوم جديد مبتهجين بهذا العهد المبارك السعيد وهو في عامه الأربعين المجيد" .

 

وقد تمّ تحميل المؤن على ظهري بمصاحبة الفنون الشعبية العمانية وموسيقى البحرية السلطانية العمانية كنت حينها أرقص طرباً على وقع أمواج الميناء التي احتضنتني، شعرت بالأمان أكثر حينما رأيت راعي الحفل يسلم قبطان السفينة المصحف الشريف .. بعدها تقدم سُّموه وأصحاب السُّمو والمعالي نحو المرسى إيذانا ببدء رحلتي التاريخية وتوديع من على ظهري .... يتبع

 

 

Almeen2009@hotmail.com