سخّرت حياتها من أجل الفقراء والمحتاجين

أم هود.. صانعة العطاء ومنارة العمل الخيري

 

 

مسقط - الرؤية

هناك من يمرون على الحياة مرور الكرام، تندثر سيرتهم ولا يبق من آثارهم شيء، وهناك من يتركون بصمة لا تندثر أبدا مهما مرّت السنوات وتعاقبت الأزمنة.

قليلون هؤلاء الذين يدركون أنّ حيّاتهم ليست ملكهم وحدهم، ويحبون الناس حولهم ويسخرون أوقاتهم من أجلهم..

لهذا يبق هؤلاء في قلوب وذاكرة المجتمع.. أسماؤهم تتلألأ.. كمنارات عالية وسط بحار الحياة المتلاطمة، ينيرون الطريق للناس ويرشدونهم إلى أجمل ما في الحياة..

هكذا هي "أم هود" أو شيخة بنت سليمان المحروقي.. تلك المرأة العمانية التي صارت نموذجاً وأيقونة لعمل الخير، بعد أن قضت عمرها تغرس مفهوم التطوع وفعل الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين والمعوزين، وقيادتها لجيوش وفرق من المتطوعين في السلطنة سواء فريق الرحمة أو فريق عمان الخير وأم سارة وغيرها من الفرق.

ولهذا؛ عندما نحتفل باليوم التطوعي لابد أن نذكر أم هود ونعيد قراءة سيرتها في العمل الخيري التي تمتد لأكثر من 20 عاماً، وقد فارقتنا راحلة بعد صراع طويل مع المرض تاركة خلفها ميراثا كبيرا من حب الناس.

 

التطوع للمساعدة

بدأت أم هود حياتها ببعض الأعمال التجارية البسيطة جدا، ولكنّها أهملت التجارة بعدما رأت وتأثرت بالظروف التي تمر بها بعض الأسر العمانية من فقر وحاجة، لذا بدأت في العمل التطوعي الفردي لمساعدة المحتاجين، وكانت بدايتها في ذلك بسيطة، إلا أنّ الهمة العالية التي أظهرتها في هذا المجال، جعل اسمها ينتشر بين الناس، فأصبحوا يقصدونها من كل حدب وصوب، ورغم قلة حيلتها، إلا أنّها لم تتذمر ولم تتضايق، فقد كانت تردد كما ذكر زاهر بن حارث المحروقي "إنّ من يعرف ظروف الناس الصعبة، لا بد له أن يتحمل"، وكانت تقول "إنّ الله يفتح دائمًا أبواب الخير لمن يريد الخير للناس، فقد تمرّ علينا أوقات لا نملك بيسة واحدة، لكننا لا نيأس لأننا نثق في الله، ويفتح الله لنا في أوقات أخرى، فإذا فاعلو الخير يغدقون علينا الأموال".

الإحساس بمعاناة الناس

أحست "أم هود" بمعاناة الناس، لذا اتفقت مع بعض الشركات وبعض المحلات التجارية أن تعيّن بعض الشباب في الأعمال حتى ولو بصورة مؤقتة، وقدمت كل مساعدة ممكنة للأسر العمانية، سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الجمعيّات الخيرية، إذ كانت إحدى مؤسِسات فريق "الخير" المنبثق من لجنة التنمية الاجتماعية بولاية السيب، وبدأ العمل بالتزامن مع الأنواء المناخية، وقد توسّع نشاط الفريق ليغطي محافظة مسقط، ثم بدأ الانتشار تدريجيا في مختلف محافظات ومناطق السلطنة، وعندما زادت الأنشطة، أسست "أم هود" عام 2012، فريق "نداء الخير" ببوشر، وهو فريق تطوعي خيري، تحت مظلة لجنة التنمية الاجتماعية بولاية بوشر، بإشراف مجموعة من المتطوعين بهدف مساعدة الأيتام والمحتاجين، ورفع المستوى المعرفي والمعيشي للمجتمع؛ من خلال مجموعة من البرامج التي تدار من قبل أناس متخصصين في مجال العمل التطوعي، بخبرات تزيد على العشرين عامًا، ومن أهم أنشطة الفريق، تقديم الدعم المتواصل للأسر وما تحتاجه من دعم مالي وغذائي شهري وموسمي، وكذلك من خلال المساعدات الغذائية اليومية التي يقدمها الفريق، بهدف إدخال الفرحة والسرور إلى قلوب المحرومين والمعوزين.

وتتمثل رؤية ورسالة الفريق في تحويل المجتمع إلى مجتمع مُنتج؛ من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية والرعاية الأسرية وتنمية القدرات واستغلال الطاقات لخدمة المجتمع؛ وبالتالي دفع الأفراد والأسر إلى تحسين مستوى دخلهم عن طريق تدريبهم على مهن وحرف يكسبون من ورائها دخلاً، وتحويلهم من حياة الطلب ومذلة السؤال إلى كسب لقمة العيش بأيديهم.

وقد كان شهر رمضان عند "أم هود" شهر النشاط، إذ تقوم بتوزيع ملابس العيد للكبار والصغار، وتمكنت مع فريق "نداء الخير" من مساعدة عدد هائل من الأسر، إضافة إلى إفطار صائم، وللفريق مشروع رائد في كفالة أسر الأيتام وذوي الدخل المحدود والعديد من مجالات العمل الإنساني.

تعليق عبر الفيس بوك