زخم اختيار المدرب الجديد يخفف هموم الكرة العمانية

 

 

تحليل - وليد الخفيف

 

اختزل البعض نجاح الكرة العمانية في تحقيق غاياتها وتلبية طموح وتطلعات جماهيرها بقدرة اتحاد الكرة على اختيار مدرب "علّامة " لقيادة المنتخب الأول، فالزخم الكبير الذي أحاط بالموضوع صوّر المدرب القادم بأنّه الساحر الذي يمتلك القدرة على تحويل الأوضاع من حال إلى حال في لمح البصر، غاضين الطرف في هذا السياق عن تحديات ومشكلات متراكمة تعوق التقدم المراد، وأن المدرب في الأخير ما هو إلا عنصر من عناصر النجاح وليس بمقدوره مهما بلغت حنكته ومهارته أن يحقق الإنجاز الكروي المراد بمفرده وإنما هو أحد شركاء النجاح ضمن باقي أطراف المنظومة الفاعلة التي تعمل تحت غطاء مظلة إدارية ناجحة.

وكان من المتوقع أن يناقش الوسط الرياضي هموم وتحديات الكرة العمانية التي تعيش على المسكنات دون التوصل لحلول جذرية منذ سنوات، فترحيل المشكلات وتراكمها أدى في النهاية إلى الوصول لوضع يرثى له، دلل عليه رقم المنتخب الوطني في آخر تصنيف للفيفا.

فاللاعب محور تقدم اللعبة وتطورها لم يأخذ حقه في عملية التطوير ويعامل كآلة عليها تأدية واجباتها تجاه النادي وجهة العمل بكفاءة دون إنقاص، وهو مطالب دوما بتحقيق التوازن بين الطرفين وإن كان الإمر صعب المنال، فعدم تفرّغه للعبة بشكل تام يعد من ضمن أسباب تراجع مردود المسابقة الأمر الذي أثّر سلبًا على شكل ونتائج المنتخب الذي يعتمد اعتمادًا شبه كامل على الانتقاء من المسابقة المحليّة لتراجع أعداد المحترفين في الخارج، ويبدو أنّ مشاركة الجهات العسكريّة بفرق في المسابقة المحلية أسوة بدول أخرى أخذت نفس القرار يعد الحل المناسب لجزء كبير من مشكلة عدم تفرغ اللاعبين.

من جانب آخر يعد النادي المكون الثاني لتطوير الكرة العمانية، فالاحتراف يبدأ من النادي وليس من اتحاد الكرة كما يذهب البعض، ولكن معظم الأندية تواجه تحديات ومشكلات لا سيما في الجانب المالي، إذ تخطت مديونيات البعض الحدود الحمراء والأسباب كثيرة وفي المقدمة الإدارية منها، إضافة إلى ما تعانيه تلك الأندية من تهالك في البنية الأساسية الأمر الذي أثر سلبا على مردود أبنائها، ولعل عزوف بعض اللاعبين وإعلان إضرابهم عن المران لدليل على وما وصلت إليه الأحوال المالية الصعبة لدى بعض الأندية، لذا فمناقشة الأوضاع وابتكار حلول جذرية للمشكلات التي تعانيها يعد أولوية خلال تلك الفترة الصعبة.

ويبدو أن وصول الأندية إلى موازنات مستقلة تعتمد بنودها على الدعم الحكومي وعوائد التسويق والاستثمار أحد الحلول الناجعة لخروج الأندية من المأزق، ولكن رغم إعلان الكثير من الأندية عن مشروعات استثمارية ضخمة، إلا أنّ تلك المشروعات ما زالت حبرًا على ورق، ومن المتعيّن أن تناقش كل الأطراف المعنية كيفية تحويل تلك الأوراق والرسومات إلى واقع.

ولا شك أن تحول الأندية إلى شركات مساهمة أو ما يعرف بخصخصة الأندية أحد الحلول المطروحة للوضع الراهن، فأينما وجد الدعم وجد الإهدار، وبات لزاما على الأندية أن تعتمد على موازناتها كشركة مساهمة تسعى لتحقيق أرباح ويبذل القائمون على شؤونها الجهود المضنية تخوفا من الخسائر، أما قصة ترحيل الديون من مجلس لآخر فكان داعيا لدى البعض لتحقيق هدف مرحلي ينسب إلى صاحب الكرسي آنذاك على أن يتحمل ويلاته وأعباءه المجلس القادم الذي لم تقترف يداه أي ذنب في تراكم هذا الدين.

ويعد الاحتراف أحد العناصر الهامة لتحقيق ما تصبو إليه الكرة العمانية، فإذا كان العائد والمردود من المسابقة المحلية ما زال فقيرا فيتعين أن تتسع رقعة التفكير في زرع أكبر عدد من اللاعبين في مسابقات أخرى أكثر قوة، الأمر الذي سيسهم في رفع مستوى العمر التدريبي المعزز بالخبرة ولعل الجيل الذهبي للسلطنة كان نتيجة احتراف عدد كبير من لاعبيه في مسابقات أقوى.

أما اتحاد الكرة الذي سيتحمل مسؤولية اختيار المدرب – فينتظره عمل أكبر من ذلك يتمثل في وضع خطه طموحة للتطوير تختلف شكلا وموضوعا عن خطط جيم سيلبي الفضائية وتكون معنية بشكل محدد بتطوير الأندية ومساعدة إدارييها على اتخاذ قرارات صائبة تصحح المسار وتبني سياسة جديدة مفادها العمل من أجل المصلحة العامة للنادي، ويتعين أن تتفق مكونات الخطة وأهدافها مع الإمكانيات والواقع الرياضي، على أن يسبق وضعها مسح شامل يفصح عن معلومات دقيقة لكل أطراف المنظومة لتصل في النهاية لنتيجة مرضية تنعش الآمال المحبطة وتلامس الحقيقة، على أن تشمل هذه الخطة كل عناصر اللعبة (اللاعب - النادي - المسابقة - المدرب - الحكم - الإداري).

وبات واضحا أنّ تطوير المنتخبات يختلف كليا عمّا هو متبع، فتطوير المنتخبات الذي ارتبط بمعسكر ومباراة ودية ماهو إلا وسيلة ضعيفة لمنتخب يخطو خطوة بسيطة ويعود للتراجع خطوات، فتطوير المنتخبات يعتمد على عمل آخر طويل في ظل تبني مشروع ذي جدول زمني واضح المعالم والأهداف ويخضع كل 3 أشهر للتقويم المستمر.

فتطوير كرة القدم في دولة ما يحتاج لعمل كبير خلال فترة زمنية ليست بالقصيرة تتضافر خلالها جهود كافة أطراف المنظومة وصولا لتحقيق الهدف الكبير.

وتحظى السلطنة بإمكانيّات ماديّة وبشريّة جيّدة مقارنة بدول عدة حققت نجاحات مقدرة في الفترة الأخيرة، ولكن المشكلة الحقيقة تكمن في توظيف تلك الإمكانيات في خاناتها الصحيحة ولعل المواهب والخامات هي نقطة القوة التي تميز الكرة العمانية عن غيرها.

تعليق عبر الفيس بوك