شباب: التأني في اختيار "شريك العمر" يقود لحياة زوجية أكثر استقرارا

أكَّد عددٌ من الشباب أنَّ الاختيار الصحيح لشريك الحياة هو الطريق الصحيح لحياة زوجية مستقرة، بعيدة عن الخلافات التي من شأنها أن تخلق توتراً يحوِّل الحياة الزوجية إلى جحيم.. مشيرين إلى أنَّ الاختيار الصحيح من قبل الطرفين يُعد العتبة الأولى لبناء أسرة قائمة على التفاهم المتبادل، وأنَّ هذا الأمر تكفله فترة الخطوبة التي تُتيح الفرصة الكافية للطرفين للتعرف على بعضهيما بصورة أكبر.

ورأوا -في استطلاع لـ"الرُّؤية"- ضرورة أن يبتعد الأهل عن التدخل في اختيارات أبنائهم للزواج؛ باعتبار ذلك قد يكون إحدى أدوات الفشل وعدم التوفيق في الاختيار؛ وذلك حتى لا تتحمل الأسرة والأبناء عواقب ذلك.

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

وقالتْ ولاء الربيعية: من الملاحظ أنَّ معظم العلاقات الزوجية تفشل بسبب عدم التوفيق في اختيار الشريك المناسب؛ فالاختيار الصحيح بعد التأني هو الخطوة الأولى لبداية حياة مستقرة بين الطرفين، ولابد لهما أن يعرفا طبائع بعضهما البعض جيدا، ويجب أن يكون الاختيار أولاً مبنيًّا على القيم الفاضلة؛ حيث لا ينبغي ان تتوافر جميع الشروط حتى يتم الزواج. وتابعت: على الوالدين أن يُقدِّما النصحَ لأبنائهما، ولا يدخلان في مسألة اختيار الشريك؛ لأنَّ كثيرًا من التجارب الزوجية تمَّت بصورة كان الاختيار فيها للآباء، لكنها فشلت لعدم وجود توافق بين الزوجين؛ لأنَّ الزواج تم بدون سابق معرفة كاملة بينهما.

وذهبتْ عبير بنت سعيد الربيعية إلى أنَّ الزواج آية من آيات الله في الكون لقوله تعالى "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، وهناك أسس ينبغي الأخذ بها قبل الارتباط بشريك الحياة لضمان حياة زوجية سعيدة يسودها الحب والأمان والتفاهم والاحترام والسكينة؛ ومن هذه الأسس: التدين والأخلاق، وهما سمة أساسية لحياة طيبة مباركة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وهذا لا يقتصر فقط عند اختيار الزوج للزوجة، بل كذلك عند اختيار الزوجة للزوج لقوله عليه السلام: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه".

وأضافت: من الأفضل أيضا عند اختيار شريك الحياة أن يكون هناك تكافؤ اقتصادي واجتماعي وعلمي بين الطرفين، فالتكافؤ بين الطرفين في هذه الأمور ينتج عنه انسجام وتعايش بصورة أفضل، إلى جانب التناسب في العمر، وألا يكون فارق السن كبيرًا بينهما؛ مما يُصعب عليهما التعامل والتفاهم مع بعضهما، كما أنَّ الجمال مُهم أيضا، وقد يختلف مقدار الحكم على درجة الجمال من شخص لآخر كل حسب ذوقه وكل حسب رغبته، ولكن في نهاية الأمر من الأفضل الارتباط بشخص ترتاح له النفس والشعور بالقناعة تجاهه.

وأشارت إلى أنَّ الاختيار الخاطئ لشريك الحياة يُمكن أن يُهدِّد حياة الزوجين مستقبلا ويجعل الاسرة غير متفاهمة، وقد ينتج عن ذلك مشاكل كثيرة؛ حتى إنَّها قد تصل في بعض الأحيان إلى قرار الانفصال؛ وذلك بلا شك يُؤثِّر سلبا على سعادة واستقرار الأبناء، كما أنه يؤثر على سعادة الزوجين بشكل رئيسي.

تقديم النصح فقط

من جانبه، قال مُحمَّد الجهوري: يجب أن يبتعد الآباء عن التدخل في اختيار الزوجات أو الأزواج لأبنائهم، وأن ينحصر دورهما في تقديم النصح لهما فقط، قبل اختيار شريك الحياة؛ لأنَّ لديهما تجارب سابقة في الحياة الزوجية، وأنَّ كل ذلك لا يعني إصدار الأسرة قراراتها الصارمة التي يجب على الأبناء تنفيذها، وإجبارهم على الارتباط بشخص معين. فليس مطلوبا من الآباء والأمهات أكثر من توجيه وإرشاد أبنائهم إلى الطريق الذي يرونه صحيحاً، وعدم فرض أي قرارات قبل اختيار شريك الحياة، ويجب على الأبناء أيضا أخذ مشورة الأهل في اختيار الشريك، وأن تضع الأسرة القرار في الأول والأخير في يد الأبناء؛ لأنَّ هذه هي حياتهم المستقبلية، وأيضا لتفادي الدخول في دوامة العتاب وإلقاء اللوم على الآباء عند فشل الزواج مستقبلا لا قدر الله.

ويُضيف: يُمكن للشاب أو الشابة اختيار شريك الحياة وفق ضوابط محددة إذا وُضِعت أمامهم عدة خيارات، كالنظر للجوهر دون المظهر؛ فالكثير من الأشخاص اليوم ينظرون للشكل الخارجي كالجمال والمال، ويلهثون خلفه، ولا ينظرون للجوهر الداخلي من أخلاق وطيب وحب وصفاء القلب، والذي هو الأساس لحياة جميلة وسعيدة ومستقرة، لا أنكر أن المال والجمال وغيرهما من الركائز المهمة أيضا، ولكن قد يسمو الجوهر الداخلي على المظهر الخارجي دائما.

وقالت إيمان بنت سعيد الكلبانية: إنَّ الزواج مُؤسَّسة عظيمة، ولبنة أولى أساسية في بناء المجتمع الذي يُعوَّل عليه النهوض بالأمة والارتقاء بالمجتمع الإنساني ككل؛ لذلك لابد من حُسن اختيار الزوج والزوجة لتنجح هذه المؤسسة وتمارس دورها في بناء المجتمع الإنساني، وإمداده بالأفراد الناجحين والأبناء الذين يحملون الخلق العظيم، والدين السليم والمستقبل الناجح، والنفس السوية الخالية من العقد والأمراض، وهذا لا يأتي إلا من خلال أسر متماسكة من أزواج متحابين متألفين ومنسجمين. وأضافت: هذا الانسجام والتناغم بين الزوجين له مُقدماته من التعارف المشروع، وتتمثل في فترة الخطبة التي يجب أن تكون فترة تعارف دقيق.

واستدركتْ أنَّ الرجال عبر رحلتهم في البحث عن المرأة المناسبة يخطئون في اختيار نصفهم الآخر؛ لأنهم في البداية لا تكون لديهم معايير واضحة في الاختيار؛ فالرجل كلما زادت خبرته بالحياة أصبح أكثر قدرة على تحديد الصفات التي يتمناها في شريكة حياته، وهناك أشياء يجب أن يكون الشريك على علم ودراية بها، وهي أشياء تتعلق بالسمات الشخصية والعيوب والمزايا، حتى لا يتفاجأ أي طرف بأشياء لم يكن يعلمها عن شريكه، وتحدث الخلافات التي تعكر صفو الحياة الزوجية وربما تؤدي إلى الانفصال.

بينما قال عبدالله البلوشي: إنَّ فترة الخطوبة تعتبر فرصة مثالية حتى يتعرف الطرفان على بعضهما بصورة أكبر؛ مما يُسهِّل عليهما كثيرًا من المعاناة خلال فترة الزواج، فعندما يعرف الشريك طبائع وخصال شريكه يسهل عليه التعامل معه بما يجنبه الدخول في دوامة الخلافات، ولكل منهما الحق أن يواصل العلاقة أو أن يتخلى عن فكرة الزواج؛ تجنُّباً لعدم الاتفاق مستقبلاٍ. وتابع بأنَّ اختيار شريك العمر ليس قرارا سهلاً؛ فهو سيؤثر ليس فقط على مستقبل الزوج والزوجة، ولكن أيضاً على عائلة كل منهما، وكذلك الأشخاص المرتبطين بهم؛ لذلك فإنَّ عملية أخذ القرار السليم تتطلَّب الكثيرَ من الانتباه والتأني؛ فخيارنا هذا سيبقى مرتبطاً بنا طوال حياتنا.

تعليق عبر الفيس بوك