قرية المزارع بقريات.. تمازج الطبيعة الجبلية والواحات الخضراء والآثار

 

 

قريات - العمانية

على بعد 30 كيلو متراً من مركز الولاية تقع قرية المزارع بتضاريسها الجبلية، والمياه الجارية التي تتخللها وسط الجبال العالية، وتشكل على جانبيها المساحات الخضراء التي تسحر الأنظار في انسجام طبيعي تناغمت معه الأصالة التاريخية العريقة التي بقيت آثارها خالدة بين البيوت الأثرية والأبراج والحصون، حيث تعد المزارع واحدة من أهم الوجهات السياحية نظراً لهذا التمازج الفريد بين الطبيعة الخلابة والواحات الخضراء والمياه الوفيرة والآثار .

 

 وتتشكل المزارع من العديد من الحارات وهي (اللصمو، والسيح ، والغبيراء،  والجزير، والخزينة ، والحصن ، وملاوص ، والظاهر ، والقرية ، ومنسفت ، والياء ، وفيق ) وتتمركز في سهل ضيق على ضفاف وادي ضيقة الذي يقسمها الى نصفين وتحيط بها الجبال من كل الجهات مشكلة سورا تتخلله طرق معبدة على امتداد الجبل الأسود. ويعد الجبل الأسود المعروف بارتفاعه الشاهق إحدى الوجهات السياحية لمحبي الطبيعة والمغامرة والاستكشاف في قرية المزارع ، إضافة إلى معالمها التاريخية والأثرية التي تنتشر في كافة أحياء المزارع والتي يعود بعضها إلى ما قبل الميلاد. وتشتهر المزارع بوجود أصناف مختلفة من المحاصيل الزراعية تمثل أحد جوانب الحياة الاقتصادية للقرية كالذرة والشعير والقت(البرسيم) واللوبيا والفافاي والموز والمانجو والليمون والبطيخ وغيرها، كما تشتهر بأنواع مختلفة من النخيل أهمها النغال والخلاص والخنيزي والخصاب والبرني وأبو نارنجة والمبسلي والخزيفة والقدمي.

وتعرف قرية المزارع  بأنها من أوائل قرى الولاية في بداية موسم طلع النخيل وظهور تباشير القيظ نظرا لطبيعة مناخها الدافئ ووفرة مياهها، ويبدأ الطلع وتباشير القيظ في نخيل الخزيفة والقدمي والمزناج .كما تشتهر قرية المزارع بالعديد من الصناعات الحرفية التقليدية التي تعتمد على الطرق البدائية في صنع المشغولات كصناعة الحصر والدعون والحبال والسعفيات والفخار .

ويقول الشيخ عبد الله بن صالح البطاشي عضو المجلس البلدي بولاية قريات "تزخر قرية المزارع بمعالم تاريخية قديمة جدا تعبر عن ماضي الأجداد حيث توجد الأبراج والقلاع والحصون أهمها الحصن بقرية الحصن، وعلى مستوى البروج هنالك برج الظاهر وبرج منسفت وبرج الحصن وبرج الجزير التي تطل على مسار وادي ضيقة المتجه إلى قرية حيل الغاف، كما يوجد بالقرية العديد من المساجد والبيوت الأثرية التي تتوزع على معظم حاراتها كبيت القطعي في المنسفت، وبيت الخديد في الجزير، وبيت العابية في الغبيرة".كما يوجد بالقرية العديد من الأفلاج الأثرية القديمة التى يعود تاريخ بعضها إلى قبل الإسلام كفلج القرية وفلج القيطعي بالإضافة إلى أفلاج السيح والغبيرة والجزير ومنسفت والمزرع.

وأشار البطاشي إلى أن القرية تحتضن سد وادي ضيقة الذي يُعد ثاني أكبر السدود المائية في الشرق الأوسط وأحد أكبر المشاريع المائية بالسلطنة وتم تنفيذه من قبل وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، ويُعد نقلة مهمة في حجم ونوعية المشاريع المائية التنموية في القطاع المائي، وتتوفر فيه مقومات سياحية عديدة منها حديقة السد التي تعلو بحيرة السد وتشكل جذبا طبيعيا في امتداد المياه بين هضاب الجبال الممتدة . ويضيف قائلا : يُعد الوادي من أكبر أودية السلطنة نظرا لعمق مجراه وتوسع شعابه، وهو امتداد لبعض الأودية في محافظة شمال الشرقية، ويصب في مجراها حوالي (120) واديا على طول المجرى الذي يمتد من ولاية دماء والطائيين وحتى مصبه في قرية دغمر بولاية قريات، ويشكل الوادي مع الأجزاء التي تحتضنها ولاية قريات منتزها طبيعيا تتجمع في أجزاء كبيرة من الأحواض المائية الواسعة التي تمثل مقومات الجذب السياحي، حيث يعتبر هذا الوادي بمثابة نهر تتدفق فيه المياه على مدار العام، لذا فهو يعد من الأودية الدائمة الجريان في السلطنة.

وقال إنه يوجد بالمزارع العديد من الأودية الأخرى كوادي المزرع الذي يمر عبر قرى منسفت والظاهر والحصن ويصب في مجرى وادي ضيقة، ووادي القرية ووادي اللصمو، وتعتبر تلك الأودية مغذيا رئيسيا لوادي ضيقة أثناء هطول الأمطار ومزودا للأفلاج في القرية. وتعد المزارع في الماضي طريقا تجاريا هاما حيث تعبر البضائع بين الولايات الجبلية بين محافظة مسقط ومحافظتي شمال الشرقية وجنوب الشرقية عبر المزارع مرورا إلى ولاية دماء والطائيين وبعض ولايات جنوب الشرقية عبر طريق وادي ضيقة .

وما زالت قرية المزارع تحافظ على التقاليد القديمة في الملبس وطريقة الحياة والاحتفال والمناسبات, حيث تتفاخر بفنونها في المناسبات الوطنية والأفراح والأعياد, وأشهر تلك الفنون هو فن الرزحة، وفن العازي وهو أحد فنون المدح والفخر وهو فن فردي يتولاه شاعر ويؤدى بعد الانتهاء من فن الرزحة، ويحافظ سكان المزارع كذلك على فن العايوس وهو عبارة عن مسيرة يردد فيها المشاركون كلمة "عايوس" على نغمات ودقات الطبل مستخدمين فيها السيوف ويختتم بفن العازي . ومن المهن الرئيسية في قرية المزارع الزراعة وتربية الماشية نظرا لخصوبة الأرض وتوفر المياه والمرعى الملائم. وأشار البطاشي إلى الخدمات الحكومية المقدمة قائلا: حظيت قرية  المزارع في هذا العهد الزاهر بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - بكافة الخدمات على مستوى الصحة والتعليم والطرق، وقد قامت المديرية العامة لبلدية قريات بمسقط أخيرا بتوسعة بعض الطرق الداخلية ممثلة في السكة الأولى بقرية الغبيرة والسكة الثانية بقرية الحصن، وإنارة أغلب حارات القرية .

 

تعليق عبر الفيس بوك