فليدون التاريخ.. وليشهد العالم

 

آمال الهرماسية

عندما تشرد الأذهان وتنحبس الأنفاس وتشرئب الأعناق وتتسع الأحداق،، وترتجف الأوصال منِّا،، فاعلموا سادتي أننا نشهد لحظة اتحاد المشاعر وغليان الأحاسيس وتدفق دماء الوطنية الخالصة الصادقة المُتأصلة،، لنتلفظها في نفس واحد عنوانه ومحوره وأوله ومنتهاه وكنهه اسم علا فأشاع نورا،، وصدح فبلّغ رسالة،، ولمع فأضاء الكون حكمة وصدقاً وثباتاً وعدالة،، اسم علمه الصغير قبل الكبير والقريب مع البعيد،، فاستقر في قلوب العالمين محبة واحترامًا وتوقيرًا وإكبارا،، سلطان العرب وحكيمهم،، سراج مُنير أنار دروبنا وأضاء عقولنا،، واستثار هممنا، سيدنا ومولانا،، قابوس..

بين عيد مضى انطفأت أنواره بغياب نور حضوركم،،، وعيد أتى مبشرًا بجميل رؤياكم سيدي،، تأرجحت أحاسيسنا،، وتشتت خواطرنا،، وتعددت هواجسنا،، حتى ارتوت العين بنور مُحيَّاكم،، وانشرح الصدر ببهي طلتكم،، وهدأ القلب بتمام عافيتكم.

رآها العالم من حولنا لحظات ودقائق،، وارتسمت بين أعيننا تاريخًا مجيدًا، وفي قلوبنا صرحًا عليا شامخا صلبا،، تاريخ خطته أكف صادقة وخططت له عقول واعية،، وأرست قواعده همم عالية،،

فمن أراد أن يشهد معجزة العصر الحديث،، فلينظر إلى عمان،، صحراء مترامية،، قبائل متباعدة،، ومساحات لا متناهية،، يجوب فيها شاب مع ثُلة من رفاقه المُنتقين بدقة،، يرسم هنا ويُخطط هناك،، ثم يعزم ويتوكل، ويُنفذ، ويُتابع ،، باتقان،، بحب،، بإخلاص،، بضمير،، فتربو الصحراء القاحلة لتثمر حضارة يانعة،، وتمتد جذورا من العلم والأدب والمثل والمبادئ حتى تظلل العالم من حولها،، ويستظل بها البعيد والقريب،، ويستجير بظلالها،، الجار، والأخ ، والصديق،،

في كل عام،، وفي نفس الموعد،، نذكر لنتذكر،، أمجاد ماضٍ،، ورونق حاضرٍ،، وبريق مستقبل مزهر، استحقته سنوات الكد والعمل والجد والتفاني،، بذلها ذلك الشاب الذي تعلو محياه ابتسامة الثقة والرضا،، وتتَّسع عيناه حباً وعزيمة وإرادة لكل شبر من هذه الأرض المباركة،، فما العجب لو كان العيد عنوانه قابوس،، والفرحة أصلها قابوس،، والاحتفال موضوعه قابوس،، والهتافات نغماتها قابوس،، وحتى الأنفاس تخالجها محبة وعشق قابوس،،

ما العجب! لو اختنقت محاجرنا دموعاً لمجرد ذكره فكيف برؤياه،، ولمجرد اسمه فكيف بلقياه،،

ما العجب! لو لهج العالم من حولنا دعاء وحباً وإعجابا لمن أدرَّت يمناه الخير والسلم والسلام أينما حلّت وحيثما اتِّجهت،،

ما العجب ! لو رأينا راية عُمان ترفرف في كل البقاع من حولنا،، والأشعار تنظم،، والأهازيج تردد ،، والإخوان يباركون والأصدقاء بالفرحة يشاركون،، والجميع في حب عُمان وعشق قابوس متفانون،،

اليوم عيد النهضة السادس والأربعون،، زدنا فيه من العمر عامًا،، وازدادت فيه عُمان من البهاء والعزة والثبات مقياس أعوام،، كبرنا،، ووهنا،، ومن ذا الذي يظل على حال،، فللزمن حكم وللسنين أحكام،، ولكن روح عُمان تحيي الشباب فينا،، وتبعث الأمل في أرجائنا وتدغدغ جميل المشاعر في حنايانا،، فالبياض من خصلات الشعر فينا يعكس صفاء نوايا وصدق مشاعر ،، والخطوط المرسومة على تقاسيمنا تحكي مواقف وتاريخاً وأوجاعًا وأفراحاً وخيبات ونجاحات،، والذبول الذي يعلو أجفاننا يحكي ليال وأيام من السهر والحرص والحيرة والعمل الدؤوب،، لعمري ذاك جسيم حمل بناء الأوطان،، فمالكم كيف تحكمون!!

فمن همم الرجال وشيمهم،، أنهم إذا وعدوا أوفوا،، وإذا عاهدوا أدوا،، وعُمان،، وعد وعهد مقدس، ثمين أداه رجل كريم، وتحمل به حتى أتمه وأنهاه،، فلك منّا الولاء والعرفان سيدي،، ولك منِّا الشكر والامتنان،، والحب الصادق والعمل والإخلاص والتفاني،، ماحيينا وما كنّا وما بقينا،،

فرقابنا تطوقها جمائلكم وأرواحنا باتت ملك يمينكم وأفراحنا أصبحت رهينة حضوركم،، وأعيادنا كانت وستظل عنوان وجودكم،، بكم سيدي وليس من دونكم يكون للعيد بهجة وللفرحة طعم،، وللاحتفال بريق،، وللأضواء إشعاع،، وللأهازيج صدى،، وللهتاف مدى،،

بكم سيدي تزهو عُمان،، وتزيد بهاء عامًا بعد عام،، وتتالى أعيادها وأفراحها ويمتد صيتها بين الأنام،، بكم سيدي يتناثر عطر السلام فيملأ الأرجاء والمكان،، بكم سيدي تحفظ كرامة الإنسان،، ليستظل بعدلكم من جور الزمان،، ويبحث بين دروب مسيرتكم عن طعم التسامح ومعنى الأمان،،

هنيئاً لك عُمان،، وهنيئاً لك أيها الشعب الأبي ذكرى النَّهضة الشامخة وذكريات التاريخ التليد،،

انت ابن عمان،، إذن فلتسر رافع الهامة،، عزيز النفس،، فعُمان اليوم عروس العرب ودرتها ترفل في أجمل حللها،، متوشحة بإنجازاتها،، مخضبة بوفاء رجالها وكرامة نسائها،، تسير فخراً وتنثر ودًا وتعبق أريجاً يلف الأمكنة ويخترق الأزمنة،،

حفظك الله يا دُرة الأوطان،، وحفظ الله قائدك،، الهمام باني النهضة وصانع الأمجاد،، مولانا وسيدنا قابوس،، سلطان العرب وحكيمهم.

 

amel-hermessi@hotmail.com