عُمان.. القوى الناعمة (2 - 2)

 

 

د. رفعت سيد أحمد

 

إنّ هذه اللوحة الرائعة لتاريخ وآثار عُمان، لهي واحدة من أمضى أسلحتها الناعمة في الإقليم والعالم، إنّه سلاح يحتاج فقط إلى من يُعرِّف العالم به، إنّه كنز لا ينضب، إن وجد من يستثمره. إنّه ليس كباقي ثروات الأرض (النفط مثلاً) الذي ستأتي لحظة بعد أقل من 50 عاماً (كما يذهب الخبراء الاقتصاديون الدوليون)، إنّه إذن سلاح من أسلحة القوة الناعمة التي على (عُمان) ومعها (مصر التي تمتلك تاريخاً وآثاراً عظيمة وعريقة أيضاً) أن تعود وبقوة لاستخدامه عندما تُريد لعب أدوار وتحقيق تنمية وأهداف اقتصادية وسياسية وحضارية.

***

ومن مُتابعتي العامة لشؤون الثقافة في (عُمان) وجدت أنَّ الدولة أصبحت تتعامل مع تراثها وثقافتها وحضارتها كأحد أسلحتها الناعمة حين وجدت – كما يقول موقع وزارة التراث والثقافة – أنّ الحركة الثقافية في السلطنة تنشط على مدار السنة ولكن يزداد ويتفاعل هذا النشاط في مواسم معينة تُقام فيها مهرجانات وطنية ودولية تتجلى فيها مقومات عُمان التراثية والفنية والأدبية والصناعية والسياحية وكأنها سلسلة مترابطة مقدمة وجهاً منيراً للسلطنة يشع في أرجاء الوطن والعالمين العربي والغربي...من هذه المهرجانات:

* مهرجان مسقط: يقام سنويًا بين يناير وفبراير...والغرض من هذا المهرجان تقوية وتنشيط وتفعيل السياحة الداخلية في السلطنة...أما مضمون هذا المهرجان فهو عامة يتمثل في إعداد أسواق لمختلف الإنتاجات الصناعية والحرفية والتراثية الوطنية، وأيضًا تُخصص أمكنة لمعروضات أجنبية تهتم بالمُشاركة في المهرجان...أيضًا يتضمن المهرجان حفلات فنية تشارك فيها فرق وطنية وأجنبية، والعروض الفنية هذه تكون من خلال حلقات رقص شعبية وغناء وموسيقى وعروض مسرحية...

* مهرجان صلالة السياحي: ينطلق مع  بدء موسم خريف ظفار ويستمر حتى نهايته ويقام في مختلف ولايات محافظة ظفار وتقدم في المهرجان عروض رياضية وفنية وخاصة عروض رقصات شعبية تراثية، وحفلات موسيقية ومعارض فنون حرفية وتراثية وغيرها.

* إنّ هذا الدور، يأتي مكملاً لدور (الآثار) و(التاريخ) ثم يتضافر مع هذا دور (الإعلام)، صحفاً ومؤسسات وفضائيات، ووفقاً لما ذكرته صحيفة الوفد المصرية في عددها الصادر بتاريخ 9/8/2016 تحت عنوان "إعلام سلطنة عُمان يُعزز التكامل بين المؤسسات الحكومية لدعم دورها المجتمعي" وجاء فيه : "إن الفلسفة العُمانية في إستراتيجيتها الكبرى في شتى مناحي الحياة تنطلق من مفهوم التكامل بين مؤسسات الدولة وليس التنافس وقد أسس لهذه الإستراتيجية العليا السلطان قابوس سلطان عُمان".

وبدا هذا التكامل جلياً ليس فقط في مسيرتها للشورى والديمقراطية وآليات تطورها، إنما ظهر ذلك بوضوح في جميع الخطط والإستراتيجيات الفرعية التي صاحبت بناء الوطن على مدار 46 عاماً من العطاء.

وكان للإعلام العُماني دور مهم على مدار التاريخ في تنفيذ هذه الرؤية وتلك الإستراتيجية.

ولم تغفل السلطنة يوماً الدور التنموي للإعلام، فقامت وزارة الإعلام مؤخرًا بتدشين منتدى (دور الإعلام في تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) بهدف التأكيد على الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة والرقمية في دعم ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة".

* إنّ الإعلام إذن، كان ولا يزال هو أحد أسلحة عُمان الناعمة في مواجهة الأطماع والصراعات والإحن التي تملأ المنطقة والعالم، ربما يحتاج (الإعلام) فى عُمان – كما في مصر، بل وفي أغلب بلادنا العربية – إلى تطور وإضافات إستراتيجية وتكنولوجيا جديدة في التعامل مع العالم، وزلازله السياسية التي أصابت المنطقة العربية، وهذا أمر طبيعي لأن التطور سنة من سنن الحياة، والإعلام أداة كبرى في إستراتيجيات التطوير للدول ذات الدور والموقع، والتاريخ مثل عُمان، ومصر.

خلاصة القول إذن .. إنّ التاريخ وآثاره، والموقع ودلالاته وشروطه، وثورة الإعلام في مواجهة الأطماع والصراعات، والثقافة الأصيلة في مواجهة تلك الثقافات الزائفة، لهي كلها أسلحة ناعمة، غير خشنة لتأكيد الدور لدولة في منزلة عُمان الجغرافية والتاريخية والسياسية.

***

وبعد ..

إنَّ ثلاثية عُمان، التى كتبناها هنا، لهي ثلاثية زائر للتاريخ والجغرافيا، إنها ملاحظات عابرة ولا نزعم أنّها دراسات متخصصة، (فربما يأتي أوانها لاحقاً)، وليعذرنا القارئ الكريم في أي سهو أو نقصان، لقد أردت أن أحيي هذا الشعب الأصيل، وتلك الدولة، بكلمات حق، لا مُجاملة فيها، بل اعترافاً بأننا إزاء دولة عربية، مضموناً ودوراً وتاريخاً، دولة لا تتدخل في شؤون الآخرين ولا تسمح للآخرين بالتدخل فى شؤونها، فقط يأتي تدخلها لإطفاء الحرائق، وما أنبله من تدخل، ولقد تابعت – كما أشرت آنفاً- لعشرات الأدوار الهادئة والقوية – في آن – التي لعبتها هذه الدولة العريقة في بناء الجسور وإطفاء الإحن المستعرة، والصراعات المذهبية والسياسية في المنطقة، فوجدتها تستحق التَّحية.. وكلمة الحق.. وها نحن قد قلناها .. آملين أن يقتدي بها بقية العرب العاربة !! والله المستعان.

 

 

E-mail: yafafr@hotmail.com