المشاركون في "تنفيذ": تطلعات كبيرة لتطبيق مخرجات "المختبرات".. والمجتمع مدعو للمشاركة في المرحلة الثالثة

 

مسقط - الرؤية

أكد عدد من المشاركين في حلقات العمل "المختبرات" بالبرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" عن تطلعاتهم الكبيرة لتطبيق مخرجات ونتائج هذه المرحلة، مشيرين إلى أنّ البرنامج جاء ليلبي تطلعات مرحلة مهمة من العمل الاقتصادي؛ في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة بعد تراجع أسعار النفط.

وقال المشاركون إنّ تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط يسهم في تحقيق النمو المأمول في الاقتصاد الوطني، من خلال التعويل على القطاعات الواعدة التي تضمنتها الخطة الخمسية التاسعة، والتي تشمل الصناعات التحويلية، والسياحة، والنقل، والخدمات اللوجستية، إضافة إلى التمويل المبتكر، والقوى العاملة. وأشاروا إلى أنّ السلطنة كغيرها من الدول النامية أخذت على عاتقها إيجاد مصادر أخرى لتنويع الدخل؛ كونها متضررة من الأوضاع الاقتصادية الإقليمية والعالمية، موضحين أنّ البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" جاء محققا هذا التوجه لتقليل الاعتماد على النفط والغاز كمصدرين أساسيين للدخل الوطني.

 

ومن المقرر أن تنطلق المرحلة الثالثة خلال الفترة المقبلة، والتي تتمثل في المشاركة المجتمعية؛ والتي بدورها ستشارك في مخرجات المرحلة الثانية للقطاعات الثلاثة الأولى؛ حيث أشار المشاركون في حلقات العمل إلى أهميّة مرحلة المشاركة المجتمعية، والتي ستتضمن مجموعة من الرؤى والمبادرات والمقترحات التي تم الخروج بها من المختبرات، والتي خطت بيد مجموعة من الخبراء وأصحاب القرار.

وقال غسان بن خميس الحشار مدير دائرة الاستثمار من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إن المشاركة في البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي جاءت بناء على تكليفه من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للمشاركة في مختبر سوق العمل والتوظيف، وقد شهدت بنفسي مدى الالتزام والتفاني من قبل المشاركين من كافة المؤسسات الحكومية والخاصة طوال أسابيع العمل الستة، وهو دليل على وعي المشاركين بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، والأهداف المرجوة من تكامل العمل بين الفرق في كل المختبرات. وأضاف أنّه بالنسبة لمختبر سوق العمل والتوظيف فقد حددت المجموعة ومنذ الأسبوع الأول الهدف الذي سيتم السعي لتحقيقه لتوفير فرص العمل المناسبة للعمانيين للعمل بالقطاع الخاص خلال فترة الخطة الخمسية الحالية؛ من خلال تقديم مشاريع ومبادرات مختلفة تم طرحها من قبل المشاركين من كافة أطياف المجتمع، وهو الأمر الذي سيتحقق معه تلقائيا التنوع المستهدف في الأفكار والمشاريع. وتابع أنّ إحدى أهم ميزات برنامج "تنفيذ" أنّ الحوار وتبادل الأفكار كان يجري على كل المستويات بمشاركة أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة وكلاء الوزارات ذات الصلة مع ممثلي المؤسسات المجتمعية والقطاع الخاص بالمختبرات بكل عفوية، ودون أي تكلف، وقد تمّ اتخاذ قرارات مهمة في فترات قياسية قصيرة جدا خلال فترة البرنامج، وما كان لهذا أن يتحقق لولا الرغبة الصادقة التي بدت واضحة لدى الجميع من مشاركين ومنظمين في إنجاح هذه المرحلة من البرنامج.

من جانبها، قالت الدكتورة فاطمة بنت راشد بن هلال الكيومية مديرة دائرة التخطيط والدراسات السمكية بالندب بالمديرية العامة للتخطيط والتطوير بوزارة الزراعة والثروة السمكية، إن البرنامج الوطني لتعزيز التنوع الاقتصادي بدأ بمباركة سامية عبر ثلاثة مختبرات رئيسية؛ وهي مختبر اللوجستي، ومختبر السياحة ومختبر الصناعات، واثنان من الممكنات المساعدة لهذه المختبرات؛ وهما مختبرا المالية والقوى العاملة، وبمشاركة القطاع العام كل حسب خبرته، وبحضور لافت للقطاع الخاص. وأضافت أنّ هذه المختبرات عملت على ترجمة استراتيجيات كل من السياحة والصناعة واللوجستيات لبرامج ومشاريع قابلة للتنفيذ، ومتناغمة مع "رؤية 2020" للخطة الخمسية التاسعة، مع الأخذ في الاعتبار استدامة الموارد الطبيعية؛ وذلك باستعراض التحديات والمعوقات، واقتراح أفضل الطرق لتبسيط الإجراءات، وجعل السلطنة محور جذب واستقطاب للاستثمار الخارجي. وبيّنت أنّه تمّ وضع مبادرات وتطلعات كثيرة لهذه البرامج خلال أول أسبوعين ومن ثمّ بدأ كل في مختبره باختيار المشاريع ذات الأولوية والأهمية؛ والتي ستنعكس على اقتصاد السلطنة من حيث مساهمته في الناتج المحلي وقدرة المشروع على استقطاب الأيدي العاملة، وذلك من خلال وضع آليات تنفيذ واحتساب المدة اللازمة لإقامة المشروع وكلفة المشاريع سواء من القطاع الخاص أو العام ونسبة مساهمة كل منهما، علاوة على وضع مؤشرات قياس لهذه المشاريع مع تحديد الجهات المسؤولة عن هذه البرامج.

وأضافت الكيومية أنّها استفادت كثيرًا من المشاركة بهذا البرنامج وخوض التجربة الماليزية على واقع السلطنة؛ حيث لمست جدية الحضور من حيث الالتزم والمشاركة البناءة فضلا عن جودة الخدمات التى قدمت أثناء البرنامج لتسهيل عمل هذه المختبرات، ومن المؤمل حدوث نقلة نوعية في الاقتصاد بالسلطنة في المراحل التالية لهذا البرنامج عند ترجمة هذه المشاريع على أرض الواقع. وتابعت القول: "أرجو من المجتمع المشاركة في المرحلة المقبلة وإبداء الرأي، لما له من أثر إيجابي في إثراء هذه المشاريع؛ حيث أصبحت مشاركتهم فرصة يجب أن تثمن من قبلهم عند استعراض هذه المشاريع ومساندة الحكومة ومشاركتها للسير بخطى مدروسة لواقع الحال والتي لاحقًا ستترجم لإجراءات قابلة للتنفيذ، وذلك من خلال استطلاعهم ومشاركتم بالاستبيان المصاحب للمعرض وخوض التجربة وبما يلبي تطلعاتهم لرفع اقتصاد البلاد".

 

مشاريع ابتكارية

فيما قالت شيماء بنت مرتضى اللواتي عضوة قطاع السياحة فئة التراث والثقافة بالبرنامج الوطني لتعزيز التنوع الاقتصادي "تنفيذ" إنّ المشاركين في "تنفيذ" كانوا يتطلعون بشغف إلى وجود جهة تتبنى ما يخرجون به من مشاريع قابلة للتنفيذ؛ لذلك جاء المرسوم السلطاني ليضفي المزيد من الحماس على المشاركين لإحساسهم بما قاموا به من عمل خلال مدة المشروع، وستكون هناك سواعد يثقون فيها تأخذ ما نتج عن عملهم إلى حيّز التنفيذ. وأضافت أنّ وجود المسؤولين مع ممثلي القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مختبرات "تنفيذ" يعد أمرًا إيجابيا، موضحة أنّ مختبرات تنفيذ في القطاع السياحي قطعت شوطًا كبيرًا وأهم ما يميّز هذه المختبرات أنّ الكل يستمعون لبعضهم، فهناك الكثير من التفاهم والتناغم. وأشارت إلى أنه في البداية ظهرت بعض الأمور غير الواضحة بطبيعة أن البعض لم يكن ملمًا بكل السياسات أو بتفاصيل وإجراءات القطاع الذي نتحاور بشأنه، لكن بمجرد وضوح الرؤية بدأ الجميع العمل سويًا من أجل تبسيط الإجراءات إلى الأفضل. وأضافت أنّ مختبرات قطاع السياحة تعمل على عدد من المحاور منها نسبة التعمين، وتعزيز قطاع التراث والثقافة، والمحميّات الطبيعية، ومجال الفعاليات والمؤتمرات؛ بحيث يتم ربط كل هذه المجالات لعمل أجندة للسياحة في السلطنة بحيث تكون واضحة ومحددة ومعلومة للجميع.

وتابعت أنّه أصبحت حاليا لدينا مشاريع ومنتجات واضحة المعالم في قطاع السياحة، يمكن العمل عليها من أجل وضع السلطنة على خارطة السياحة ليس الإقليمية فحسب ولكن على العالمية كذلك من هذه المشاريع في مجال التراث والثقافة؛ حيث تمّ النظر إلى هذا المجال بعمق ومدى جدوى هذا القطاع في عملية جذب السياح، وأنّه يوجد العديد من فرص العمل للشباب العماني؛ إذ يتم العمل على الاستثمار في الأماكن التراثية والأثرية مثل الحارات الأثرية والقلاع والحصون. وأشارت إلى أنّ الحارات التراثية أو المواقع الأثرية يتم ترميمها للحفاظ على هويّتها وشكلها، وليس بالضرورة أن يتم استثمارها اقتصاديا. وبينت أنّه في برنامج "تنفيذ" تمّ النظر إلى إمكانية استثمار بعض هذه المواقع الأثرية اقتصاديا، من خلال تجهيزها وتحويلها إلى منازل تراثية تستقبل السياح وفق ضوابط ومعايير اجتماعية تراثية ثقافية وبيئية تتناسب مع المجتمع العماني، إضافة إلى إمكانيّة وجود العمانيين من أهالي القرية أو الحارة في المشروع كمستثمرين أو كأصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة تقدم خدماتها السياحية للسياح وللنزل التراثية، إضافة إلى العمل على جعل المحميات الطبيعية من عوامل الجذب السياحي.

ولفتت إلى أنّ هناك بعض التحديات التي يمكن مواجهتها مثل مدى جاهزية البنية التحتية والمؤسسات المختلفة، ومنها الصغيرة والمتوسطة للعمل على تحقيق الرغبة في زيادة عدد السياح، موضحة أنّه من خلال الالتقاء مع عدد من الشباب أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لمسنا رغبتهم للمساهمة في إثراء القطاع السياحي حيث من الممكن تأهيل الشباب العماني ليكونوا رواد أعمال في العديد من المجالات ذات الصلة بالقطاع السياحي مثل المخيّمات السياحيّة والإرشاد السياحي والتي من الممكن أن تَوجِد الكثير من فرص العمل لشباب آخرين، ولكن مثل هذه المشاريع السياحية تحتاج إلى سيولة مادية كبيرة لتجهيزها.

 

منهجية البرنامج

وقال حسين بن مرزوق الحراصي من غرفة تجارة وصناعة عمان إن تجربة برنامج "تنفيذ" كانت مثرية للغاية، حيث إن منهجية البرنامج وعدد وتنوع المشاركين فيها زادها ثراءً، كما أنّ خبرات وتجارب المشاركين في قطاع السياحة كانت جدًا غنية بالمعلومات والأرقام الإحصائية التي سوف استفيد منها في المستقبل سواء على المستوى الشخصي أو العملي. وأضاف: "نتمنى أن يتم الحراك في القضايا المجتمعية مستقبلا بهذا النوع من الأسلوب والطرح العلمي، خاصة في قضايا تلامس حياة الناس ومعيشتهم، علاوة على أنّ النتائج المرجوة من مثل هذه النوعية من اللقاءات سوف تخدم خطط الحكومة بشكل كبير وتختصر الوقت لأنها نابعة من أصحاب المصلحة كل حسب نظرته ومصلحته التي يتوقعها".

وأشار الحراصي إلى أنّ أهمية المشاركة المجتمعية تكمن في أنّ البرنامج ومنذ انطلاقته يسعى إلى إشراك المجتمع وأخذ آرائه وتطلعاته، وهذا ما حدث فعليا في الخطة الخمسية التاسعة؛ حيث تمّ إشراك عدد كبير من المواطنين بأخذ آرائهم في الخطة وتطلعاتهم وما يهمهم في تنفيذها، وهذا هو الذي سيحدث في أيام المشاركة المجتمعية من البرنامج، والتي ستنطلق خلال الفترة المقبلة.

تعليق عبر الفيس بوك