انتخابات المجلس البلدي

 

عــلي بن ســــالم كفيتـــــان

في هذا الوقت تعمل الكثير من الطواقم بصمتٍ في طور الإعداد لاستحقاق هام وهو انتخابات الدورة الثانية لأعضاء المجالس البلدية في السلطنة، فالاستحقاق بات على الأبواب وتمَّ تحديد الخامس والعشرين من ديسمبر موعدًا للتصويت، وخلف هذا الموعد ما خلفه من عمل دؤوب لا يعلمه الكثيرون فوزارة الداخلية نظمت وبامتياز استحقاقات انتخابية سابقة ولا شك بأنّ انتخابات ديسمبر المقبل ستكون الأكثر تنظيماً فتجربة الإعداد والتنظيم باتت محل إشادة الجميع سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

وفي إطار الإعداد المميز لهذا الاستحقاق مُنح المواطنون الوقت الكافي والحرية المُطلقة في نقل القيد وتحديث البيانات عبر لجان ظلت تعمل منذ مطلع هذا العام دون كلل أو ملل وكان هناك تجاوب غير مسبوق من الجهات المُساندة لوزارة الداخلية في هذا المضمار وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدل على أن العمانيين يجيدون أدوارهم أينما وجدوا في هذا الاستحقاق وبانتهاء فترة القيد بالسجل الانتخابي التي فتحت من تاريخ 12 يونيو إلى 25 أكتوبر تكون الصحف قد طويت ولكن الأقلام لم تجف بعد فموعدها سيكون في 25 ديسمبر لكي تحدد التشكيلة الجديدة للمجالس البلدية في سلطنتنا الحبيبة.

بقي فقط استحقاق واحد لدى وزارة الداخلية قبل هذه الانتخابات وهو إعلان القوائم الأولية للمُرشحين ومن ثمَّ اعتماد القوائم النهائية التي ستخوض غمار الانتخابات المُقبلة وبالرغم من وجود حوالي شهرين على الانتخابات إلا أنّ البعض يرى بأنّ هذه القوائم تأخرت نسبياً وهذا بدوره ينعكس على الدعاية الانتخابية غير المُباشرة للمرشحين ففي الفترات السابقة وقبل فتح الفترة الرسمية للحملات الإعلامية المُحددة بوقت معين يخوض المرشحون المعلنون دعاية غير رسمية يكون لها الدور الأكبر في الدفع بهم إلى مقاعد المجالس المنتخبة، ونجد أنّ الكثير منهم لا يعير اهتماماً للدعاية الإعلامية خلال فترة السماح التي تمنحها وزارة الداخلية كونه قد حزم أمتعته من قبل، كما يشوب تلك الفترة الطويلة الكثير من الحوار المجتمعي الذي لا يخلو من التكتلات الانتخابية في ظل مجتمع لا زال يُؤمن بالتوافق الاجتماعي على حساب الدفع بالأكفاء لمثل هذه المجالس، ولا تخلو تلك الفترة من الحشد الانتخابي بطرق ربما غير مرغوبة لهذه التجربة التي أراد لها مولانا صاحب الجلالة – حفظه الله وعافاه – أن تكون نموذجاً لرسم حضارية ورقي الإنسان العماني في مثل هذه الاستحقاقات وبالتالي فإنّ تأخير إعلان القوائم إلى قرب فترة السماح بالدعاية الانتخابية يخدم التجربة ويمنح الناخب المزيد من الحرية لانتخاب من يشاء دون ضغوط.

الدورة الأولى للمجلس كانت تجربة وبالتالي لم يتوقع منها المجتمع الكثير من النتائج وخاصة في ظل ربط الناس بين استحقاقي الشورى والبلدي وعدم التفريق بينهما، كما أنَّ المرشحين في كثير من الأحيان دفعت بهم كتل انتخابية تأسست في الأصل لمرشحي الشورى، مما يعني أنَّ من توفق في الحصول على مقاعد الشورى خلال الدورتين الماضيتين سيكون له نصيب الأسد في دورة البلدي في نسخته الثانية وهذا يضعنا أمام افتراض أنّ المجلس البلدي لا زال في عباءة الشورى في المفهوم المجتمعي الواسع وهذا بلا شك يُقلل من النتائج المتوقعة لهذا المجلس الخدمي الهام.

إنَّ الكثير من التكتلات الانتخابية المبنية على إطار عُرفي أو قبلي أو حتى مناطقي باتت تُسيطر بشكل غير مُباشر على مثل هذه المجالس فهي أصبحت الباب الواسع للولوج إلى مقعد الشورى والبلدي ونجد أنّ هذه التكتلات حسنت من أدائها بشكل مُستمر ففي السابق يكتفى بما يعرف بكلمة الشرف في مجلس أو سبلة عامة لترشيح شخص متفق عليه مسبقاً، واليوم فرض عليها الواقع أن تكون أكثر تنظيماً إذا ما أرادت البقاء ويجب أن تمتلك قوائم انتخابية داخلية تعمل بكل حرفية على حشد أكبر عدد من الأصوات لمرشحيها بالإضافة لتوفير ميزات في يوم الانتخاب مثل النَّقل والتغذية مع وجود أعضاء متطوعين لإرشاد ناخبيهم حتى يتم الانتهاء من التصويت. والمتابع لهذه التجربة يجد أنَّ من قاد لهذا التجديد هو نشوء تكتلات أخرى أكثر تنظيماً ومصداقية سحبت البساط ولو جزئيًا من تحت هذه التكتلات العتيدة التي ظلت تسيطر على العملية لعدة دورات وتدفع بمرشحين لم يقدموا شيئاً للمجتمع سوى أسمائهم.

سنكون سعداء بانتخاب مُرشحين من جيل الشباب أكفاء يحملون مؤهلات علمية وعملية تدفعهم لمساعدة الحكومة في تحسين الخدمات المُقدمة للمواطنين، وسنكون أكثر سعادة إذا مُنح النَّاس كامل حريتهم دون ضغوط اجتماعية للدفع بالأفضل إلى المجلس البلدي في دورته الثانية.

استودعتكم الله موعدنا يتجدّد معكم بإذن الله.

حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.

                                                                                                         

alikafetan@gmail.com