(المدير) عساك بخير

 

 

 

خالد بن علي الخوالدي

 

المدير عساك بخير .. ليس خاصاً للمديرين بل للوزراء والوكلاء ومديري العموم ومديري الدوائر ورؤساء الأقسام وحتى بعض الموظفين الذين تتوقف لديهم كل المسؤوليات ويرغبون في أن تمر عليهم كل شاردة وواردة ويتحكَّمون في مصير مُعاملات المواطن البسيط والمُستثمر والمراجع بمختلف جنسياتهم، وهذا ينطبق على كل من يتحكَّم ويتسلَّط على معاملات المراجعين في المؤسسات الحكومية خاصة وفي عددٍ من مؤسسات القطاع الخاص عامة مما خلق نوعاً من التذمر والغضب والسخط على ما تقدمه هذا المؤسسات بسبب شخص أو أشخاص ظنوا في أنفسهم أنَّهم يملكون هذه المؤسسة أو تلك.

 

ولا يخفى على أحد حالة التَّذمر الواسعة لدى المُراجعين للمؤسسات الحكومية من تأخر معاملاتهم وتحكم المركزية بشكل كبير في الوقت الذي يدعو العلم الحديث إلى التَّخلص من هذه الآفة البغيضة التي تؤخر العمل وتؤدي إلى تكدس الأعمال على الموظفين وتردد المراجع مرات ومرات على إنهاء مُعاملة بسيطة لا تحتاج إلا إلى دقائق فقط، والسبب في كثير من الأحيان انتظر إنِّه في إجازة ..انتظر إنه مريض..انتظر إنه في مهمة سفر رسمية ..انتظر إنه في اجتماع..انتظر عنده مكالمة مهمة..انتظر مزاجه ما رايق..انتظر عنده مستثمر كبير..انتظر يصلي وطبعاً صلاته تطول إما لأنّه يُصلي الصلوات اليومية كلها أو أنه تسدح بعد الصلاة كعادة كبار السن بعد أن يقضوا صلاتهم ..المهم انتظر ولا يضير أن ترجع غدًا أو بعد غدٍ.

وقائمة الانتظار هذه تطول وتطول وتطول لدرجة لا يتخيلها عقل، وعندهم أبسط ما يكون تعال بعد يوم أو أسبوع أو شهر دون اهتمام ولا مراعاة لظروف المراجع ووقته وجهده وتأخر أعماله فهو المحتاج إليهم وإلى موافقة (سوبر مان) المؤسسة ولا يستطيع أي أحد أن يُنهي عمله إلا بعد أن تمر بصمة عين المسؤول على المُعاملة ليس لأنّه الفاهم والعارف والخبير فهو لا يدري بعض الأحيان ما فيها أصلاً ويوقع عليها كالأعمى وأقصى ما يُريده من هذا التصرف أن يبعث برسالة إلى المراجع بأنه لولا فضلي وجهدي ومكانتي لما تحصلت على الموافقة ولما انتهت مُعاملتك.

وفي هذا الصدد أغلب المراجعين وهم ذاهبون إلى إنهاء معاملاتهم في المؤسسات التي يوجد فيها مثل هذه الفئات يدعون ربهم ويتضرعون إليه بأن يكون المسؤول بخير، وأذكر أني راجعت في معاملة بإحدى المؤسسات الحكومية وكل من أراجعهم يقولون لي المدير مريض ولمدة أسبوعين وهو مريض ومعاملتي معطلة ومتأخرة، وكل يوم أدعو الله أن يشفي المدير إلى أن شفاه الله وردَّ علي بعد هذه الفترة الطويلة بأن معاملتك غير مكتملة وعليك أن تراجع مرة أخرى، وتساءلت في نفسي إذا كانت المعاملة غير مُكتملة فلماذا لم يخبرني بذلك منسق المدير أم أنّ وجوده كوجود عمود الكهرباء ولماذا هذه المركزية أليس هناك نائب للمدير ورؤساء أقسام يدركون أن المُعاملة مكتملة أو غير مكتملة.

ويمكن علاج هذا الأمر بالإصلاح الإداري الفعال وتوزيع الاختصاصات والمسؤوليات والمهام وتفعيل دور الموظفين ومنحهم صلاحيات يستطيعون من خلالها تسهيل الأعمال وتخليص المعاملات وتقليل الفجوة وحالات التذمر الحاصلة بين المراجع وبين المؤسسات، فمهما يكن يظل المراجع هو العنصر المهم لكل مؤسسة وهو الزبون الدائم الذي تسعى كل مؤسسة لإرضائه وتقديم الخدمة له بأبسط ما يكون، ومن ضمن الحلول ما تقوم به الحكومة حالياً من جهود حثيثة في تقديم الخدمات الإلكترونية التي تسعى الكثير من المؤسسات الحكومية إلى إدخالها في إطار جهود الحكومة الإلكترونية حيث تعتبر هذه الخدمات إحدى الوسائل التي تعالج تحكم المسؤول المريض والمتعذر بالشردة من مكتبه كلما كان هناك أمر شائك ومهم وخطير من باب أنا غير موجود ومن بعدي الطوفان.

وعلى الجميع أن يرجع إلى الكلمة السامية وهو يُخاطب جميع المسؤولين فيها (هناك أمر هام يجب على جميع المسؤولين في حكومتنا أن يجعلوه نصب أعينهم، ألا وهو أنهم جميعاً خدم لشعب هذا الوطن العزيز، وعليهم أن يؤدوا هذه الخدمة بكل إخلاص وأن يتجردوا من جميع الأنانيات وأن تكون مصلحة الأمة قبل أيّ مصلحة شخصية، إذ إننا لن نقبل العذر ممن يتهاون في أداء واجبه المطلوب منه في خدمة هذا الوطن ومواطنيه، بل سينال جزاء تهاونه بالطريقة التي نراها مُناسبة). ودمتم ودامت عُمان بخير.

 

Khalid1330@hotmail.com