"هالله هالله في تجارنا"

 

خلفان الطوقي

نَبَعَتْ فكرة كتابة هذا المقال بعد أنْ بَعَث لي أحدُ الزملاء نبذة وصورًا لمشروع تجاري ينوي أن يُقيمه في إحدى مناطق السلطنة، وما إنْ بعثته لبعض المجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى بدأ البعض -ولله الحمد كانوا النسبة اﻷقل- بكَيْل التُّهم وتشويه الصورة والاستهتار بالتجار بصورة عامة، فقرَّرت الكتابة ليس للدفاع عنهم، بل لتوضيح الصورة، وإبداء رأيي حول الموضوع، والذي يحتمل الصواب أو الخطأ.

قِلَّة قليلة من الناس -ويظهرون جليا في وسائل التواصل الاجتماعي- يحاولون تشويه صورة تجَّارنا، ووضع جميع تجَّارنا في خانة وقالب واحد، وهو القالب السلبي، وهو أنهم "حرامية"، ويكيلون لهم الكثيرَ من اﻷوصاف التي أفضِّل عدم كتابتها مُحافظة على مشاعر القراء؛ لذلك ارتأيت أن نناقش الموضوع دون شخصنة أو تشنج.

أحاول من خلال هذه السطور أنْ أوضِّح بعضَ الحقائق الغائبة عن القِلَّة التي تُحاول تشويه صورة التاجر؛ وأهم هذه الحقائق: أن نعرف معنى كلمة "تاجر" أو "رجل/سيدة أعمال"، تعريفي المبسط هو من يدفع الضرائب لخزينة البلد بعد الحصول على مكسب معين بحكم القانون، وهو من يُسهم بجزء من ماله في تنمية المجتمع إما مباشرة أو من خلال مجلس البلدية أو من خلال الجمعيات الخيرية المنتشرة، وهو من يُعطي في أحيان كثيرة مما يكسب دون أن تعلم شماله ما أنفقته يمينه، وهو من يتصدَّق ويزكِّي ويدعم الكثير من المناسبات والمبادرات المجتمعية دون ضجَّة إعلامية، وهو من يدفع الكثير في أوقات الأزمات واﻷعاصير ويظهر بمعدنه اﻹنساني الراقي، ويبني ويشيد؛ فهناك الكثير من المراكز الصحية والمراكز المجتمعية والبرامج غير المعلنة، وهو أيضا من يأتي بمنتجات وخدمات جديدة يحتاج لها المجتمع وإن كانت مقابل رسوم أو أتعاب نقدية فهذا حقه نظير جهده، وهو من دفع مبالغ كبيرة واستثمر وغامر، وإنْ ربح مرة فقد يخسر مرات كثيرة في مسيرته التجارية.

علينا أنْ نقيِّم مواقفنا تجاه ما نقوم به، وننظر إلى الجانب اﻹيجابي والجانب السلبي، ونرى أيهما ترجح كفته؛ فالجانب السلبي هو السب وتشويه الصورة وشخصنة المواضيع والتي نَبَذها الدين وأخلاقنا واﻷعراف والقوانين. أما الجانب الإيجابي، فعلينا أن نكون عقلانيين فيما نُصدِر من آراء وأحكام، وأن نحتضن تجَّارنا ونمدُّهم باﻷفكار النيِّرة التي من خلالها يمكن أن يكونوا داعمين لتنمية المجتمع، وندعمهم في توصيل صوتهم للحكومة لتسهيل الإجراءات اللازمة عليهم، وإيجاد كل الممكنات لوضع أموالهم ومشاريعهم داخل السلطنة، بل وتشجيعهم لإقناع زملائهم التجار من خارج الدولة لإقامة مشاريع مشتركة وجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية وضخها في السوق العماني.

لدينا خياران في التعامل مع التجار، واﻷمر متروك للكل حسب قناعته؛ وهما: كيل التهم غير المبنية على دلائل وبراهين ونتائجها إحجام تجارنا وتحفظهم وبحثهم عن فرص خارج الدولة -والتي أصبحت متوفرة في كل مكان؛ من: أسهم، وسندات، وودائع، وعقار، وفرص متوفرة بضغطة زر في أي مكان في العالم- والخيار الثاني: أن نتعامل معهم بأنهم جزءٌ أساسي من أطياف المجتمع؛ فمنهم: اﻷخ، أو الصديق، أو القريب، أو الجار، أو النسيب، وهم العَصَب اﻷهم في أي اقتصاد مُتنامٍ وصحي؛ لذلك أقول والأمر متروك لكم: "لنرفق بهم، وهالله هالله في تجارنا".