المجالس البلدية: تكامل بين الحكومة والمواطن

خالد الخوالدي

 تجربة رائعة للمجالس البلدية في السلطنة، وهي التجربة الأولى كما يعرف الكثير، ودائما ما تكون التجارب الأولى محطات لمعرفة الإيجابيات والسلبيات، وبعد المعرفة يكون الدور نحو تعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات قدر الإمكان، وحقيقة إننا لمسنا تحركا إيجابيا من قبل المجالس البلدية في السلطنة في الفترة الأولى؛ نحو تسليط الضوء على بعض الجوانب الخدمية والتنموية المسكوت عنها سابقا، بل عرفنا أن هناك دراسات قام بها أعضاء في المجلس لمعالجة الكثير من القضايا والتحديات التي تواجه ولاياتهم، وكانوا يدا بيد مع أعضاء مجلس الشورى في تحقيق المصالح العليا للوطن أولا ولولاياتهم ثانيا.

والتكامل بين أعضاء مجلس الشورى والمجلس البلدي في الولايات يجعلنا نعيد النظر في الفصل الحقيقي بين دور مجلس الشورى وبين دور المجلس البلدي؛ لأن عددا من الناس للأسف يخلط بينهما وبين الأدوار المنوطة بكل مجلس. فما يزال هناك من يطالب عضو مجلس الشورى بأن يكون الناطق الرسمي بحاجات الولاية من الخدمات كالطرق والإنارة والصرف الصحي والحدائق والمتنزهات وغيرها، ويطالبه البعض بأن يتوسط له مع الجهات الحكومية لتخليص المعاملات اليومية، في حين أن دور المجلس وأعضائه أكبر من هذا وأعمق فهو دور قانوني وتشريعي وتصحيحي للوضع العام في السلطنة وللمشاريع التي تنفذ وللقرارات التي تسن ولمعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلد بين فترة وأخرى وغيرها من الأدوار الكبيرة التي يقوم مجلس الشورى بدراستها وإقرارها، بينما الدور التنموي والخدمي والبلدي للولاية يفترض أن يقوم به عضو المجلس البلدي والممثل للولاية وهو واجب صريح وواقعي لأعضاء المجلس أن يقوموا به، وهو ما عشناه خلال الفترة الأولى من عمر المجالس البلدية في المحافظات.

إنّ المجالس البلدية في نظري هي رافد من روافد المشروع الوطني الكبير الذي يقوده مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله تعالى ورعاه – والذي يكفل للجميع حق المشاركة في تحقيق أهداف التنمية الشاملة عبر الدور التكاملي بين أجهزة الدولة وما تقوم به من جهد واضح للعيان وبين مختلف فئات المجتمع، ومن هنا فإنّ هذه المجالس البلدية شريك أساسي في العملية التنموية في البلاد، من خلال اقتراح السياسات التنموية الهادفة إلى تحقيق التنمية الشاملة، ومتابعة تنفيذها على الأرض، وهي النواة الأولى لوضع الخطط والرؤى التي تلبي الاحتياجات البلدية للمواطن.

وأرى أن الفترة القادمة من أعمال المجلس البلدي ستكون حافلة بالعديد من الإنجازات، وأن يد التطوير والتعمير ستطال العديد من المجالات الخدمية والآفاق المجتمعية التي تحقق راحة المواطن ورفاهية العيش له، وأنّ تحقيق هذه التطلعات يتطلب منا نحن المواطنين تعاونا وتناغما في الرؤى والأفكار ومجالات التطبيق والمتابعة لكي نكون سندا قويا يدعم كافة الوزارات والجهات الحكومية الأخرى من أجل استمرار عجلة التنمية ودفعها للأمام، وهذا يعكس الروح الطيبة للمسؤولية الوطنية العليا تجاه الوطن الذي لا يقوم إلا بسواعد أبنائه، وهي خطوة إيجابية حتى يبذل من ينتخب لتمثيل المجلس قصارى جهده لتحقيق الأهداف المرسومة لهذه المجالس البلدية، والالتقاء بالمواطنين، والاستماع لهم، وتعرف متطلباتهم التنموية والخدمية وإيصالها إلى المجلس، والعمل على تحقيقها في نطاق الخطط التنموية العامة التي ترسمها وزارات الدولة ومؤسساتها وهيئاتها المختلفة.

وإنّي أتطلع مثل غيري من المواطنين وبثقة كبيرة في المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية أن يكون هناك تكامل حقيقي بين الجهات الحكومية الممثلة في المجلس البلدي وبين المواطنين الممثلين لولاياتهم فالعملية في الأصل الهدف منها أن يكون تكاملي وليس تصادمي كما يتخيل البعض من أنّ أعضاء المجلس الممثلين للمواطنين سيمثلون فريق الهجوم وممثلي المجلس من المؤسسات الحكومية سيشكلون فريق الدفاع؛ وإنما العملية هي عملية تكاملية الهدف منها الوصول إلى تحقيق الأهداف المشتركة وخدمة المواطن أينما كان وتوزيع المشاريع على كل ولايات المحافظة..

ودمتم ودامت عمان بخير،،

[email protected]