"صيدليات الإنترنت" ... فخ إلكتروني يهدد الصحة

مسقط – عزة الحسيني

حين يكون الإنسان مريضاً، ويرهقه البحث عن علاج يصل إلى مرحلة اليأس، ويصبح لديه استعداد للتعلق بقشة عافية قد تنقذه من الغرق..

في هذه المرحلة يصبح المريض فريسة لبائعي الوهم والدعاية البراقة الكاذبة وخاصة تلك الموجودة بكثرة على الإنترنت، بحثاً عن أيّ دواء،لا يحاول في هذه الحالة التأكد من فعالية الدواء ولا مدى خطورته على الصحة، وما يزيد من خطورة الأمر أنَّ أغلب هذه المستحضرات والأدوية يتم ترويجها دون الحصول على تراخيص من الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الصحة.

وهذا ما حدث لأم مُحمد عندما قررت أن تلجأ للإنترنت لتستشير النساء في منتدى نسائي معروف على النطاق الخليجي في مشكلتها بعد ولادة طفلها الأول، فقد أصبحت بشرتها مجهدة وباهتة وزاد وزنها خلال فترة بسيطة مما أدى إلى تجاهل زوجها الذي يعمل في بيئة مختلطة لها، فكانت تشكو معاناتها بألم شديد ودقة، وبعد أن انتهت نصحها البعض بالصبر والبعض الآخر قدَّم لها نصائح للعناية بالبشرة بالمواد المتوافرة في المطبخ، وأخرى اقترحت عليها أن تخضع إلى عملية تجميل،  إلا أنها لم تجد ما كانت تبحث عنه فهي تُريد أن تتغير دون أن يشعر زوجها، ولهذا لن تتمكن من استشارة طبيب التجميل لأنّها ستصبح حديث الساعة لدى عائلة زوجها، كما أنّها لا تعتقد أنّ لبهارات المطبخ أية فعالية تذكر في علاج المشكلة.. كانت تُريد حلاً سريعا لا يتطلب وقتاً أو جهداً...ولم يكن أمامها سوى متابعة ما تُعلن عنه تلك الصيدليات على الإنترنت وحلولها المغرية البراقة.

وبينما كانت تتصفح بعض المواقع شاهدت إعلاناً عن حبوب للتخسيس، يقول (اخسري 20 كيلوجراماً من وزنك في شهر)  كان ذلك هو الحل المناسب لأم محمد كي تعود فتاة جذابة كسابق عهدها، لهذا لم تُفكر في التأكد من صدق الإعلان أو حقيقة هذا الدواء، وتواصلت مع الموقع الإلكتروني ودفعت مبلغاً كبيراً لشراء هذه الحبوب التي اعتبرتها المُنقذ الأخير لها من تلك الأزمة.

تطلب وصول الدواء أسبوعاً كاملاً وكان شغفها حاضرًا وهي تتخيل شكلها في فستان يُناسب وزنها الجديد ونظرات الإعجاب تحيط بها، ووظيفة الدواء الذي قامت بشرائه تقتصر على امتصاص الدهون من الجسم ورغم أنّها قامت بتخفيف الوجبات اليومية إلا أنّ النتيجة لم تظهر فعليًا وهي ليست صبورة كفاية لتنتظر شهرًا آخر حتى تظهر نتيجته رغم أنها أكملت شهراً مع فقدان 2 كيلوجرام فقط فقط.

ومن جلسة نسائية تعرفت على مستحضر آخر يمكن أن يقضي على سمنتها السيئة ويباع على الانستجرام وسعره يصل إلى حوالي 40 ريالا، فلم تكن تجربة حبوب التخسيس الفاشلة رادعاً لها كي تُعيد الكرّة وتجرب المستحضر الجديد، الذي جربته جارتها وحقق نتائج جيدة في وقت قصير.

طلبت أم محمد العلاج وبدأت في استخدامه، إلا أنّها وبعد مرور شهر ونصف الشهر بدأت تشعر بأعراض مختلفة رغم نقصان وزنها بسرعة كما كانت تطمح إلا أنّ الحمى كانت تفاجئها في أوقات متفرقة إضافة الى إصفرار وجهها وشحوبها الذي لاحظه الجميع.

قررت في النهاية الذهاب إلى المستشفى والخضوع لفحص شامل لمعرفة أسباب المشاكل التي داهمتها، وبعد ظهور النتائج المخبرية اتضح أنها تُعاني من القرحة المعدية ومرض السكر دون أن تكون على علم بذلك وكان المسبب الرئيسي لهذه الأمراض المستحضرات مجهولة المكونات التي استخدمتها دون وعي..

كانت صدمة أم مُحمد كبيرة، فبعد أن حققت ما تصبو إليه وانخفض وزنها واجهت مشاكل صحية أكثر خطورة، وها هي تعاني الآن من أمراض مُزمنة تتطلب فحوصًا دورية وعلاجًا منتظمًا وطويل المدى ...

أم محمد أخيراً حاولت أن تنقل تفاصيل تجربتها الأليمة للجميع حتى لايكرروا خطأها، ونشرت على الإنترنت تحذيرات للجميع من خطورة هذه الأدوية والمستحضرات والإعلانات البراقة عنها، وضرورة التأكد من كل دواء قبل استخدامه.

  

تعليق عبر الفيس بوك