ارتفاع المعدلات العالمية يستلزم مساهمة بلدان أخرى في النمو

"QNB" يتوقع استقرار معدل النمو العالمي قرب 3% في 2017 بضغط من الركود الصيني

 

 

 

 

الرؤية- خاص

 

توقع التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" أن يستقر النمو العالمي عند انخفاض تاريخي في عام 2017 تبلغ نسبته حوالي 3.0%، ويعد حدوث هذا التباطؤ أمراً حتمياً في ظل تراجع الصين، التي تعد المحرك الرئيسي للنمو العالمي، إلى معدل نمو منخفض ولكنه أكثر استدامة.

وقال التقرير إنه لكي ترتفع معدلات النمو العالمي، يجب أن تقوم بلدان أخرى بالمساهمة في النمو. وقد يساعد مزيج من السياسات الداعمة للنمو في الاقتصادات المتقدمة، خاصة في الجانب المالي، في تحقيق هذه الغاية. كما يمكن دعم النمو العالمي بإدخال سياسات تهدف إلى الحد من اعتماد الاقتصادات الناشئة على أسعار السلع الأساسية وحركة رؤوس الأموال الأجنبية اللتان تتسمان بالتقلب.

وأوضح تقرير المجموعة البنكية أن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي أصدره مؤخراً صندوق النقد الدولي، ابقى الصندوق على توقعاته للنمو العالمي في 2016 دون تغيير عند 3.1%. وفي حين ظل الرقم الرئيسي على حاله، قام الصندوق بتخفيض توقعات النمو في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 0.2 نقطة مئوية إلى 1.6%، مقارنة بآخر توقعاته المعلنة في يوليو. ولكن تم التعويض عن ذلك برفع توقعات النمو في الأسواق الناشئة. فيما بعد العام الحالي، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع نمو الاقتصاد العالمي إلى ما يصل إلى 3.4% في عام 2017. ولكن بسبب سجله الحافل بالتوقعات المفرطة في التفاؤل مؤخراً، فإننا نتوقع أن يقوم الصندوق بإعادة النظر في النسبة المذكورة وتخفيضها إلى نسبة تقارب 3.0% عند نشر المجموعة القادمة من التوقعات في شهر يناير.

وكان سبب قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته لنمو الاقتصادات المتقدمة في عام 2016 هو معدل النمو الذي جاء أبطأ من المتوقع في الولايات المتحدة، حيث وصل إلى 1.4% فقط في النصف الأول من العام مقارنة مع العام السابق. وقد حدث التراجع في زخم النمو في الولايات المتحدة نتيجة لضعف الاستثمار والصادرات، على الرغم من النمو القوي في الاستهلاك. وبسبب ذلك، أجرى صندوق النقد الدولي تخفيضاً حاداً لتوقعاته للنمو في الولايات المتحدة في عام 2016 إلى 1.6% من 2.2% قبل ثلاثة أشهر. وأدى قرار المملكة المتحدة بالخروج من الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى تدهور آفاق النمو في عدد من الاقتصادات الأوروبية.

وأدى التحسن الذي طرأ على الآفاق المستقبلية للأسواق الناشئة إلى التعويض الكامل عن تخفيض آفاق النمو للاقتصادات المتقدمة. ويتوقع صندوق النقد الدولي حالياً أن تنمو الأسواق الناشئة بنسبة 4.2% في 2016 بارتفاع عن نسبة 4.1% التي أعلنها منذ ثلاثة أشهر مضت. وكان التحسن في آفاق الأسواق الناشئة عائداً لثلاثة عوامل. أولاً، أدى استمرار تخفيف السياسات النقدية في الاقتصادات المتقدمة وتأخر رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى تدفقات رأسمالية نحو الأسواق الناشئة، مما دعم عملات هذه البلدان. وقد سمح ذلك للبنوك المركزية في مجموعة من الأسواق الناشئة بتخفيض أسعار الفائدة، مما انعكس بشكل إيجابي على النمو. ثانياً، استفادت الأسواق الناشئة من الانتعاش في أسعار السلع باعتبار أن عدداً من هذه الأسواق هي مصدرة للسلع. ثالثاً، على عكس المخاوف الثي أثيرت في السابق، ظل مستوى النمو في الصين أكثر ثباتاً بفضل التحفيزات الحكومية. وقد عزز هذا الأمر النمو في الأسواق الناشئة بشكل مباشر حيث تمثل الصين ما يقارب 30% من الناتج المحلي الإجمالي للأسواق الناشئة، وبشكل غير مباشر حيث يعني ذلك طلباً أقوى من الصين على الاستيراد من الأسواق الناشئة الأخرى.

وما بعد هذا العام، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع النمو العالمي في 2017 ليبلغ 3.4%. ومن المتوقع أن يكون الانتعاش واسع النطاق في كل من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة. كما يُتوقع أن ينتعش النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2% في 2017 مع انخفاض حدة التأثير السلبي لأسعار النفط على استثمارات الطاقة وتلاشي تأثير الارتفاع الذي طرأ على قيمة الدولار الأمريكي في السابق على الصادرات. وسيكون ذلك كافياَ لتحفيز النمو في الاقتصادات المتقدمة رغم الضرر المتوقع لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي على اقتصاد المملكة المتحدة. في ذات الوقت، من شأن الظروف النقدية المخففة في الاقتصادات المتقدمة واستمرار الانتعاش في أسعار السلع أن يؤدى إلى رفع معدل النمو في الأسواق الناشئة إلى 4.6% خلال العام المقبل.

وفي شأن توقعات صندوق النقد الدولي بشأن النمو للعام 2017؟ فإنخ بالنظر إلى سجله الحافل بالتوقعات المفرطة في التفاؤل، نتوقع أن يتم تخفيض توقعات النمو الخاصة بصندوق النقد الدولي عندما يتم نشر المجموعة التالية من التوقعات في شهر يناير المقبل. فمنذ عام 2012، قام صندوق النقد الدولي بمراجعة وتخفيض توقعاته للنمو العالمي بمتوسط 0.24 نقطة مئوية بين شهري أكتوبر ويناير. وليس من الصعب تخيل المخاطر التي قد تدفعه لتخفيض توقعاته للنمو في عام 2017 إلى أقل من 3.4%. فعلى سبيل المثال، يمكن ألا يتعافى الاقتصاد الأمريكي خاصة وأن ارتفاع أسعار النفط سيؤثر سلباً على الاستهلاك. كما يمكن أن يُلحق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي أضراراً باقتصاد المملكة المتحدة أكبر من تلك التي يتوقعها صندوق النقد الدولي، لا سيما في حال حدوث "خروج خشن".

تعليق عبر الفيس بوك