في الزمن العربي وفي الزمن الطائفي (2-1)

 

علي بن مسعود المعشني

 

يقول شابٌ عراقي: كانت مُعلمتي في المرحلة الابتدائية بالموصل عراقية فاضلة من الطائفة المسيحية الآشورية.. وكانت دائماً تسألني : ما اسمك ؟ فأجيبها: أيمن معلمتي فتقول لي: كن محمداً يا أيمن.. فلا أفهم ما تقصده وأخجل من سؤالها.. وتوالت الأيام وهي تُكرِّر ذات السؤال وذات النُصح.. الأمر الذي أجبرني على سؤالها ذات يوم: معلمتي لماذا تقولين لي كُن محمدًا وأنت تعلمين أنني أيمن.. فابتسمت بلطف وقالت: يا أيمن يا ابني حين تكون محمدًا فستُحب كل النَّاس ولن يعرف قلبك الحقد ولا الضغينة أو البغض لأحدٍ من البشر.. يقول أيمن: كبرت وطوى الزمان عقودًا من عمري وأبتلينا بالحروب والإرهاب ونال أشقاؤنا من الطوائف غير المُسلمة الكثير من الظلم والغُبن والتَّهجير وعلمت أنَّ مُعلمتي الفاضلة هاجرت إلى السويد وفي أثناء هذه الفواجع والاقتتال الطائفي علمت لماذا كانت مُعلمتي تنصحني أن أكون محمدًا لا أيمن...

في الزمن العربي، هبَّ أكثر من (12) ألف شخص من تونس لنُصرة فلسطين عام 1948م، ولا شك عندي بأمثالهم من أقطار عربية أخرى.

في الزمن العربي، أحب العرب جميعهم من مختلف الأديان والطوائف والأعراق والمذاهب الزعيم العربي جمال عبد الناصر والتفوا حوله لأنّهم كانوا على يقين واحد يتجاوز جميع تلك التَّسميات والتوصيفات وهو أنّهم إخوة في التراب وشركاء في الوطن والمصير.

في الزمن العربي، كتب نصارى الشام من أمثال الأب بطرس البستاني وجورج جرداق وجرجي زيدان والقروي عن اللغة العربية وتغنوا شعرًا ونثرًا بالإسلام وبالنَّبي العربي وآل بيته الكرام وبالحضارة العربية الإسلامية بما يفوق الوصف والخيال ويتعدى لغة الفكر والأدب.

في الزمن العربي، كتب الشاعر العربي الصابئي عبد الرزاق عبد الواحد ملاحم وطنية غزيرة وعميقة، تتغنى بالعروبة والإسلام وآل البيت عليهم السلام.

في الزمن العربي، كتب المُفكر العربي السوري ذو الأصول الأوزبكية د.برهان بخاري أبدع الكلمات وأعظم المؤلفات في العروبة والحضارة العربية الإسلامية كناسك مُتعبد في محرابهما وكعاشق مُعذب بهما.

في الزمن العربي، كان رجل الدولة المصري القبطي مكرم عبيد يحفظ القرآن الكريم بقرآته العشر، ويستشهد في قضايا موكليه بالمحاكم المصرية بآيات من القرآن الكريم.

في الزمن العربي، صعد رجل الدولة السوري فارس الخوري منبر الجامع الأموي ليرد على ادعاء الجنرال الفرنسي المُحتل غورو بحماية المسيحيين، فقال عبارته التاريخية الشهيرة: إذا كان الفرنسيون أتوا لحماية المسيحيين في سوريا فإنِّي أشهد ألا إله إلا الله محمدًا رسول الله.

في الزمن العربي، قال الزعيم اللبناني بشارة الخوري لشعبه: إخواني، كلنا مسلمون، فمنا من أسلم بالقرآن ومنِّا من أسلم بالإنجيل.

في الزمن العربي، أطلق أحرار البربر في شمال أفريقيا اسم المغرب العربي على موطنهم واعتبروا أنفسهم بربرًا عرَّبهم الإسلام، وجرم قادة الثورة الجزائرية من البربر من يدعي أو يُطالب ببربرية جزائر الثورة أو جزائر دولة الاستقلال، وطالبوا بتوثيق ذلك في ميثاق ثورة نوفمبر الخالدة وكان لهم مطلبهم.

Ali95312606@gmail.com