"السلامة المعلوماتية" يحذر من السقوط في فخ "الابتزاز الإلكتروني".. و161 حالة خلال العام الجاري

 

 

مسقط - ياسر الشبيبي

حذَّر المهندس بدر بن علي الصالحي مدير عام المركز الوطني للسلامة المعلوماتية بهيئة تقنية المعلومات، من تزايد حالات الابتزاز الإلكتروني داخل السلطنة. موضحا أنَّ عدد حالات الابتزاز الإلكتروني المسجلة في المركز منذ عام 2011 بلغ أكثر من 269 حالة؛ منها: 161 حالة في هذا العام، وتلك الحالات ما نسبته 45% من إجمالي القضايا التي ترد إلينا سواء من الجهات الأمنية كالادعاء العام وشرطة عمان السلطانية أو بصفة شخصية من الأشخاص الذين تعرضوا للابتزاز.

ووفقا للإحصاءات، بلغ عدد حالات الابتزاز في العام 2016 نحو 161 حالة، بينما سجَّل إجمالي الحالات المبلغ عنها في العام نفسه 355 بلاغا.

وأضاف الصالحي: "بلغت نسبة الذكور المبلغين لدينا في المركز الوطني للسلامة المعلوماتية عن حالات الابتزاز ما نسبته 90% من عدد حالات الابتزاز الإلكتروني، لكننا نعتقد بأن نسبة الإناث أكثر من تلك النسبة؛ وذلك نظرا لتحفظ الإناث عن الإبلاغ عن هذا النوع من القضايا". وحول تزايد حالات الابتزاز الإلكتروني على المستوى المحلي مقارنة بالمستوى الدولي، تابع الصالحي بأنَّ مشكلة الابتزاز الإلكتروني لا تقتصر على دولة بعينها، وإن كان المؤشر العالمي للأمن السيبراني يشير إلى أن السلطنة في المركز الأول عربيا في مجال الأمن السيبراني وفي المركز الثالث دوليا؛ إلا أنَّ عدد حالات الابتزاز في تزايد مستمر، وأصبحت تطال الجميع بمن فيهم الموظفين العاملين في أماكن حساسة في الدولة ناهيكم عن الابتزاز الذي يتعرض له الشباب والفتيات بشكل يومي، قد تصل ببعضهم إلى الانتحار. وتحدث الصالحي عن دوافع المبتزين قائلا: "بناء على الحالات التي نستقبلها في المركز فإن هناك دافعين اثنين للمبتزين؛ الأول: هو الابتزاز المادي للحصول على مبالغ مادية مقابل عدم إفشاء أو نشر المعلومات وهذا النوع يستهدف الذكور بشكل أكبر بينما النوع الثاني؛ فهو: الابتزاز الجنسي ويستهدف غالبا الفتيات وهو نوع من أنواع التحرش الجنسي، ويمكن تعريفه بأنه أي عرض جنسي غير مرغوب فيه أو طلب خدمة جنسية ‏أو أي تصرف آخر له طبيعة جنسية سواء كان شفهيا أو جسديا".

وعن الدول التي تنطلق منها عمليات الابتزاز الإلكتروني يقول الصالحي: "لا يمكن الإشارة إلى دول محددة تنطلق منها هذه الاعتداءات؛ وذلك نظرا لاستخدام المبتزين لتقنيات حديثة في إخفاء عناوين بروتوكولات الإنترنت وموقعهم أو القيام باختراق أجهزة أخرى يتم من خلالها ابتزاز الضحايا؛ مما يصعب تعقب موقع المبتز الحقيقي؛ لذا لا يمكن تحديد الدول التي تنطلق منها عمليات الابتزاز الإلكتروني، بل تعدى الأمر إلى أن أصبحت هناك عصابات منظمة تستهدف مختلف الفئات".

وقال حسن بن علي العجمي المتخصص في الأمن المعلوماتي: إنَّ الابتزاز الإلكتروني سواء في السلطنة أو غيرها في تزايد مستمر؛ وذلك بسبب الجهل بسلبيات التعامل مع تقنيات المعلومات والاتصالات أو بسبب التهور وغياب الوازع الديني والأخلاقي مع كثير من الشباب. وعن الجهات المعنية بالتوعية بجرائم الابتزاز الإلكتروني، أوضح العجمي أنَّ مسؤولية التوعية تقع على جميع الجهات الحكومية والخاصة والأسرة والمجتمع عموما، لكن هيئة تقنية المعلومات مسؤولة بدرجة أكبر عن التوعية بإيجابيات هذه التقنيات ومخاطرها، وعلى الجهات الأخرى كشرطة عمان السلطانية والادعاء العام والمدرسة والأسرة أن تقوم بدور مكمل ومساند لدور الهيئة.

ويستعرض الدكتور حسين بن سعيد الغافري (استشاري قانوني) جهود السلطنة فيما يتعلق بالتشريعات القانونية لمواجهة الابتزاز الإلكتروني؛ حيث يقول: "تصدت القوانين العمانية لجريمة الابتزاز التي تستخدم من تقنيات المعلومات والاتصالات وسيلة لارتكابها؛ وذلك من خلال  النصوص التشريعية الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والصادر في العام 2011 بموجب المرسوم السلطاني رقم 12؛ وذلك لمواجهة الجرائم المرتكبة من خلال وسائل تقنية المعلومات أو عليها، ومن الجرائم التي تصدى لها القانون جريمة الابتزاز التي تتم باستخدام وسائل تقنية المعلومات، فالمادة 18 من القانون نصت على "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد علـى ثلاثـة آلاف ريـال عمانـي أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يستخدم الشبكة المعلوماتية، أو وسائل تقنية المعلومات في تهديد شخص أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو امتناع، ولو كان هذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعا".

وأوضح الغافري أنَّه إذا تعرض شخص للابتزاز من خارج النطاق الإقليمي لسلطنة عمان، فإنَّ قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات هو الذي يحميه ويجرم الفعل؛ وذلك استنادا للمادة الثانية من القانون والتي نصت على: "تسري أحكام هذا القانون على جرائم تقنية المعلومات ولو ارتكبت كليًّا أو جزئيًّا خارج السلطنة متى أضرت بأحد مصالحها، أو إذا تحقَّقت النتيجة الإجرامية في إقليمها أو كان يراد لها أن تتحقق فيه ولو لم تتحقق". ولفت إلى أنَّ إحضاره المتهم الذي يعيش خارج السلطنة للمحاكمة داخل السلطنة محكوم بالاتفاقيات الدولية والثنائية بين الدول، سيما تلك المتعلقة بتسليم المجرمين.

فيما قالت الدكتورة آمال بنت عبدالله أمبوسعيدي استشاري طب نفسي في مستشفى جامعة السلطان قابوس، إنَّ ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في تزايد مقلق، وهناك من يُعانون من آثارها النفسية بصمت خوفا من الإشهار وتبعاته. ولقد أصبح من السهل على مضطربي الشخصية وذوي النزعات الإجرامية تصيد ضحاياهم على الشبكات الإلكترونية واستهدافهم للإيقاع بهم؛ وبالتالي ممارسة ضغوط نفسية عليهم للانصياع لرغباتهم. وأوضحت أن الابتزاز الإلكتروني لا يلتزم بوقت مُحدَّد؛ فالضحية عرضة للابتزاز على مدار الساعة وقد يتم الابتزاز من قبل مجموعة من الأفراد مما يزيد من وطأة الأثر النفسي الأفراد والجهات التي تمارس الابتزاز الإلكتروني، والتي عادة ما تعمل وفق نهج محدد يعتمد على الابتزاز العاطفي بتعميق إحساس الضحية بالضعف وقلة الحيلة والذنب والخزي، ثم يلجؤون للتهديد والتخويف فلا يجد مفرا من الامتثال لمطالبهم.

وتنصح الدكتورة آمال بعدد من الخطوات لمعالجة الحالات التي تعرضت للابتزاز؛ حيث تقول: "إن آثار الابتزاز الإلكتروني تتجاوز كونها حدثا نفسيا صادما وحسب، بل إن ما يعمق أثرها على الفرد هو عدم مقدرته على طلب المساعدة لإحساسه بالإحراج وأحيانا لجهله بوجود من هو قادر على مساندته والتخفيف عنه، ولهذا فإن علاج هذه الحالات تبدأ بالتعامل مع الأعراض النفسية التي يعاني منها ضحايا الابتزاز الإلكتروني بكل جدية وسرعة انتشالهم من عزلتهم. كما أن من أساسيات العلاج النفسي بشكل عام أن تتم معاملة المرضى بسرية تامة وإظهار الاحترام لهم وتفهم أعراضهم وكسب ثقتهم وتقديم الدعم والمساعدة بمهنية وخصوصا من يعانون من صدمات نفسية ناجمة عن الاعتداء الجسدي أو النفسي. ونصحت كل من تعرض للابتزاز الإلكتروني ألا يتردد في طلب المساعدة من الجهات المختصة التي تتعامل مع الأمر باحتراف وسرية واللجوء لمختص في العلاج النفسي أو طبيب نفسي للتقييم والتوجيه لطرق التأقلم والعلاج إن لزم الأمر.

واستعرضتْ عزيزة بنت سلطان البراشدية مديرة خدمات الأمن السيبراني الاحترافية بالمركز الوطني للسلامة المعلوماتية، بعض الإرشادات التي تساعد على تجنب الوقوع في شرك الابتزاز الإلكتروني.. قائلة: "إن التعامل مع جرائم الابتزاز الإلكتروني يتطلب تعزيز الوعي بالأمن المعلوماتي لدى مؤسسات وأفراد المجتمع"، مضيفة بأنَّ من الأخطاء التي يقوم بها البعض قبول صداقة أشخاص مجهولين بالنسبة لهم والرد عليهم ومحادثتهم سواء بالكتابة أو عبر محادثة الفيديو وهي منافذ جيدة للمبتزين، كما أنَّ مُشاركة المعلومات والصور الشخصية مع الآخرين -حتى وإن كانوا معروفين- في فضاء الإنترنت يمثل مشكلة أخرى؛ حيث يمكن للآخرين اعتراض تلك الصور أو الوصول إليها بسهولة، ومن ثم استخدامها بأشكال سيئة. وتابعت بأنَّه يجب مراعاة السرية في كلمات المرور على الحسابات الشخصية لمواقع التواصل الاجتماعي وتفادي تصفح المواقع غير الموثوقة لاسيما المواقع الإباحية.

تعليق عبر الفيس بوك