عائلة الوافد والنقلة النوعية لاقتصاد السلطنة

 

 

خلفان الطوقي

تشترط وزارة القوى العاملة في الوقت الراهن، أن يكون راتب الأجنبي على الأقل 600 ريالا عمانيا؛ ليتمكن من إستقدام عائلته إلى السلطنة، الأمر الذي أدى إلى سخط كبير من أصحاب الأعمال وحتى من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وعندما أتخذ القرار من عدة سنوات فكان له مبرراته، وربما لم يعارضه الكثير في حينه بسبب عدم وجود أثار مباشرة عليهم وعلى مصالحهم التجارية، ولكن الآن وبسبب اﻷثار المباشرة من إنخفاض أسعار النفط، وتقليل اﻹنفاق الحكومي على القطاع الخاص المحلي وما تبعه، فإنك ستسمع أحاديث اﻹحباط منتشرة بين عدد كبير من الأوساط وخاصة اصحاب الأعمال الذين يدعون ويطالبون الحكومة وخاصة وزارة القوى العاملة وشرطة عمان السلطانية ووزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة لتغير قوانينها بما يتناسب والمعطيات ومتغيرات السوق.

إن أصحاب الأعمال بكافة مستوياتهم يطالبون الحكومة وخاصة الجهات المعنية والموضحة أعلاه بإلغاء هذا الشرط أو تعديله بما يتناسب مع الأوضاع الأقتصادية والمالية، ولهم مبرراتهم في ذلك، والتي سأحاول تسليط الضوء عليها في الأسطر القادمة، فكما هو معروف عن المجتمعات الحية والنشطة هو سرعة التأقلم مع المتغيرات السريعة جدا وهي سمة هذا العصر.

وإليكم المبررات التي أرى أنها تستحق النظر إليها بعمق وبجدية غير مسبوقة لربما تساعد في المحافظة على وضعنا الأقتصادي العصيب وتدارك أوضاع ربما تكون أكثر ألما في اﻷيام القادمة، وأهم هذه المبررات أنه سيرفع دخل الحكومة بشكل مباشر، والذي بدوره سيعزز من مكانة السلطنة اقتصاديا وماليا، وسيزيد من ثقة الداعمين والممولين والمقرضين، أضف إلى ذلك تحريك الدورة الإقتصادية وضمان دوران النقد داخل السلطنة.

الدورة الاقتصادية المتكاملة في حال تم السماح للوافد بجلب عائلته بشروط ميسرة ستكون كالتالي ؛ سيزيد القادمين للبلد وستزيد حركة الطيران والسكان، كما ستزيد العوائد المالية لخزينة الدولة من تأشيرات، وسيزيد اﻹنفاق الحكومي مما يضمن اﻹنتهاء من المشاريع المزمع قيامها في الخطة الخماسية التاسعة، وستنشط الشركات الكبرى المحلية واﻷجنبية، وستجر معها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للقيام بالأعمال المساندة، وبالتالي سيزيد الطلب على كافة القطاعات كالمباني والمطاعم والحركة الشرائية والمجمعات التجارية، بل وتضمن إستمراريتها وتضمن بقائها وأزدهارها، وبالتالي ستتولد أنشطة أخرى كالمرافق الترفيهية والسياحية لتكتمل المنظومة الاقتصادية في شكلها الحضاري والمتكامل المأمول مما يساعد في إرتقاء حياة المواطن والمقيم، ذلك كله سيولد وظائف جديدة للعمانيين كما سيشجع الإستثمار الخارجي للقدوم وجلب عملة صعبة بدلا من رحيلها.

فلكي نضمن دورة اقتصادية بشكل صحي، فلابد من مبادرات اقتصادية ومعالجات علمية مدروسة بناء على اﻹحصائيات واﻷرقام بعيدة عن المزاجية والقرارات اﻹرتجالية والمصلحة الخاصة الضيقة التي لن تزيد الوضع إلا إرتباكا وتخبطا، فمبادرة تدارس مزايا وعيوب وفرص وتحديات مقترح عدم إشتراط راتب 600 ريالا عمانيا للوافد ليتمكن من جلب عائلته لهو مقترح جدير للتمحيص والدراسة المستفيضة في هذا الوقت الحرج، هذه المبادرة قد تنشط ديمومة دوران راس المال داخل البلد، بل وتساعد على إستقرار الأجنبي إجتماعيا وتضمن حصيلة جيدة من راتبه ليبقى في السلطنة بدلا من تحويل جل دخله للبلد اﻷم.

وبذلك نرى أن هذه المبادرة ستشمل الجانب الاقتصادي والإجتماعي والسياسي وإبراز وجه السلطنة الحضاري لدى الأمم المتقدمة ولنضمن لنا مقعدا دائما في قطار التقدم والنمو المستدام، كما يمكن للمعنيين إيجاد حلولا عملية ﻷي ثغرات أو إختراقات قانونية إن وجدت بالجلوس والتحاور بين الجهات المعنية، وبإيجاد حلولا عملية كتغليط القوانيين أو رفع الرسوم للمتجاوزين التي ستقلل تلقائيا الهواجس اﻷمنية إن وجدت، فبذلك ستتمكن الحكومة من تحقيق مبادئ الشراكة الحقيقية وتطبيق نظرية "لا ضرر ولا ضرار" لتعم الفائدة لكل من يقطن هذه اﻷرض الطيبة.