انطلاق أعمال منتدى "استثمر في عمان" بمشاركة عربية وخليجية واسعة

شهاب بن طارق: السلطنة تزخر بميزات استثمارية جذابة.. ومؤسسات الدولة تعمل على تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة

...
...
...
...
...
...
...

الرُّؤية - أحمد الجهوري

رَعَى صاحبُ السُّمو السيِّد شهاب بن طارق بن تيمور آل سعيد مستشار جلالة السلطان، أمس، انطلاق منتدى "استثمر في عُمان"، الذي يستمر لمدة يومين، بتنظيم مشترك بين اتحاد الغرف العربية وغرفة تجارة وصناعة عُمان، وبمشاركة حاشدة من قيادات وأعضاء الغرف العربية وأصحاب الأعمال العمانيين والعرب، والغرف العربية الأجنبية المشتركة، وعدد من مؤسسات ومنظمات العمل الاقتصادي العربي المشترك.

وقال سُموه بهذه المناسبة إنَّ السلطنة تحظى بموقع إستراتيجي، كما أنَّ البيئة التشريعية للاستثمار والبيئة الاقتصادية والبيئة التجارية تتيح فرص الاستثمار وتنويع مصادر الدخل للبلد. مشيرا إلى أنَّ ما يتم استعراضه في المنتدى يبشر بالخير. وأعرب سموه عن أمله في استعراض جميع الفرص بمختلف المجالات الاستثمارية المتاحة، متمنيا التوفيق للمشاركين في المنتدى، وأن يتفاعل القطاع الخاص المحلي والأجنبي مع المنتدى من خلال الإعلان عن مشروعات تزيد وتُسهم في تنويع مصادر الدخل للسلطنة. وأكد سموه أنَّ هناك العديدَ من الحوافز التي تقدمه السلطنة للمستثمرين، كما أنَّ المجلس الأعلى للتخطيط ووزارة التجارة والصناعة وغرفة تجارة وصناعة عمان يبذلون جهودا حثيثة للرقي بالمجالات الاستثمارية والتفاعل مع المستجدات في عالم الاقتصاد، لاسيما في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرُّ بها المنطقة مع انخفاض أسعار النفط والذي يعد من المقومات الرئيسية للاقتصاد الوطني.

ويهدفُ المنتدى إلى تعزيز إدراك مجتمع القطاع الخاص العربي بمقومات الاستثمار الواعدة في عُمان، في ظل البيئة الاستثمارية والتشريعية المستقطبة للاستثمار والتسهيلات والحوافز المتوفرة للمستثمرين. كما هدف إلى تسليط الضوء على إستراتيجية "رؤية عُمان 2020"، التي نجحتْ في تحقيق تنوع ملموس في الاقتصاد الوطني، والتعرف على التوجهات الجديدة لتعزيز دور القطاع الخاص في مشروعات التنمية المستدامة، إلى جانب استعراض عدد من التجارب الاستثمارية الناجحة، والاطلاع على المشاريع والفرص المتاحة في عدد من القطاعات الواعدة، وإتاحة المجال للتعاون وإقامة الشراكات المثمرة بين القطاع الخاص العُماني والعربي.

وافتتح المنتدى بعرض فيلم عن مزايا وفرص الاستثمار في سلطنة عُمان بعنوان "لتكن عُمان وجهتك"، تلاه كلمة ترحيب من سعادة سعيد بن صالح الكيومي رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان، قال فيها: إنَّ السلطنة تدرك حجم المنافسة لاستقطاب الاستثمارات، وتدرك أيضا أنَّ القدرة على استقطاب تلك الأموال وما يصاحبها من تقنية، مرهون بمقدار ما يقدم من تسهيلات وحوافز؛ لذا هيَّأت المناخ المناسب والمشجع للاستقطاب محليا وخارجيا؛ وذلك من خلال توفير حزم من الحوافز والتسهيلات وإقرار مجموعة من القوانين والتشريعات المنظمة والمحفزة لنمو وازدهار وضمان الاستثمارات، فضلا عن الموقع الإستراتيجي المتميز، وتوافر البنية الأساسية والموارد الطبيعية والكوادر البشرية الوطنية المؤهلة. وأكد أنَّ كافة الجهات القائمة على الاستثمار في السلطنة تسعى جاهدة لتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين وإن بدت هناك -في بعض الحالات- بعض التحديات والصعوبات التي تواجه المستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء، إلا أنَّها تأخذ حظها من العناية المكثفة لإيجاد الحلول الملائمة بشأنها. ودعا إلى أهمية تفعيل علاقات التعاون والشراكة بين المستثمرين ومؤسسات القطاع الخاص في منطقة الخليج والمنطقة العربية بشكل أوسع، وهو ما يتطلَّب تفعيل اتفاقيات التعاون المشترك وقبل ذلك تعزيز قنوات الاتصال بين تلك المؤسسات والمشاركة في الفعاليات الاقتصادية وتبادل المعلومات التجارية والاستثمارية والخبرات والتجارب في المجالات الحيوية.

ومن ثمَّ ألقى مَعَالي سُلطان بن سالم الحبسي أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط، كلمة.. قال فيها: "تأتي أهمية هذا المنتدى في أنه ينعقد على خلفية مجموعة من التطورات الإقليمية والدولية غير المسبوقة منذ الأزمة المالية الكبرى في العام 2008، واستمرار موجة التقلبات في الأسعار العالمية للنفط -المحرك الأساسي لاقتصادات كثير من الدول- وقد انعكس ذلك على البيان الختامي للقمة الحادية عشرة لمجموعة العشرين الذي انعقد في الصين". واشار إلى أنَّ مصادر المخاطرة الناجمة عن التقلبات في الأسواق المالية لا تزال مستمرة، وكذلك التأرجح في أسعار السلع، وتراجع النمو في التجارة والاستثمار، مع ما يصاحب كل ذلك من تباطؤ في نمو الانتاجية وخلق فرص التشغيل. وتابع الحبسي بأنَّ بلدان المنطقة لا تزال تواجه تحديات كبيرة أجملها تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي؛ إذ "لا يزال انخفاض أسعار النفط واحتدام الصراعات يشكلان عبئا على النشاط الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، مشيرا إلى أنه استجابة لتلك التحديات، فقد قامت السلطنة برسم وتنفيذ إستراتيجية متكاملة تستهدف إرساء دعائم اقتصاد متنوع في الأجل المتوسط.

وأوْضَح أنَّ إعداد الخطة التاسعة 2016-2020 يواكب مجموعة من التغيرات الإقليمية والدولية، يأتي في مقدمتها: التقلبات الحادة في أسعار النفط، والتطورات في الأوضاع الجيوسياسية في العديد من البلاد العربية، ودخول الاقتصاد العالمي في موجة من الركود. وقال إنَّ الخطة تستهدف الاستجابة للتحديات عبر أربع تحولات رئيسية؛ هي: التحول في هيكل الاقتصاد العماني من اقتصاد يعتمد أساسا على مصدر واحد وهو النفط إلى اقتصاد متنوع، وذلك بتوسيع القاعدة الانتاجية لتشمل القطاعات الواعدة التي تتمتع فيها السلطنة بميزة نسبية واضحة، وكذلك التحول في محركات النمو بتمكين الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي من القيام بدور رائد مع تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعمل الحكومة على خلق المناخ الداعم لنمو اقتصاد قادر على المنافسة، والتحول في إدارة المالية العامة لتكون أكثر فاعلية وأكثر انضباطا وذلك بترشيد الانفاق وزيادة الايرادات غير النفطية، والتحول في هيكل سوق العمل بإحداث نقلة نوعية في تأهيل المواطن العماني، خاصة الشباب، ليقوم بدور رئيسي في التحول من العمل الحكومي إلى العمل الحر المنتج. وتابع بأنَّه في ضوء التقلبات المتواترة في أسعار النفط العالمية، فقد تمَّ اعتماد مبدأ "التحوط في ظل عدم اليقين"؛ وذلك بافتراض سيناريوهات متعددة تقوم على تراوح أسعار النفط بين 35 دولارا للبرميل و75 دولارا للبرميل، كما تمَّ اعتماد الخطة الخمسية التاسعة كتوجه إستراتيجي لتنويع مصادر الدخل؛ وذلك بالعمل على ثلاثة محاور رئيسية.

وبيَّن أن السلطنة عملت على عدة مسارات  لتوفير البيئة المواتية للاستثمار؛ من أهمها: الحفاظ على الاستثمار في البنية الاساسية المتمثلة في إنشاء وتوسعة وتحسين الطرق والموانئ والمطارات؛ وذلك بهدف التقليل من تكلفة الاستثمار الخاص، مع العمل على تذليل الصعوبات المتعلقة بالقوانين والإجراءات والنظم ذات العلاقة بالبنية الأساسية، كما اعتمدت السلطنة خطة طموحة للمشروعات الكبرى التي تسهم في جعل السلطنة مركزا إقليميا للخدمات اللوجستية، وكذلك الإسراع في إنشاء وتجهيز المناطق الاستثمارية الخاصة التي تتسم بسهولة ممارسة الأعمال وتوفير الحوافز الجاذبة للاستثمار. وأكد أنَّ ما سبق أسهم في تحسن ملموس انعكس على بيئة الأعمال التي يرصدها تقرير البنك الدولي عن "ممارسة أنشطة الأعمال"؛ إذ حققت السلطنة تقدما في عام 2015/2016، واحتلت المرتبة 70 (من 189 دولة) مقارنة مع المرتبة 77 في العام السابق، كما جاءت في المرتبة الثالثة بين دول مجلس التعاون الخليجي.

إلى ذلك، تحدَّث نائل رجا الكباريتي رئيس اتحاد الغرف العربية، الذي أشاد بمشاركة صاحب السمو السيد شهاب بن طارق بن تيمور، بما يعكس اهتمامه وقناعة القيادة السياسية في السلطنة بأهمية دور القطاع الخاص العربي والشراكة معه. وأثنى الكباريتي على الدور الذي تقوم به غرفة تجارة وصناعة عمان وهو ما أثمر عن تحقيق نهوض اقتصادي كبير يرفع من مستوى الاستثمار والإنتاج والتصدير. ودعا القطاع الخاص العربي إلى رص الصفوف والعمل بروح الأسرة الواحدة لمواجهة التحديات العظيمة وتجاوزها. مؤكدا على أهمية تسخير الإمكانيات لتطوير العمل الاقتصادي العربي المشترك. وحث الكباريتي على تغيير المسار وتنويع مصادر الاقتصاد ارتكازا على الابتكار والمعرفة؛ حيث الموارد البشرية المؤهلة والمعلومات أعظم أهمية من الموارد الطبيعية ورأس المال المادي.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية، قام راعي المنتدى بتقديم هدايا تذكارية للشركات والمؤسسات الراعية للمنتدى، ومن ثمَّ افتتاح المعرض المصاحب للمنتدى، الذي شارك فيه العديد من الشركات العمانية والجهات الرسمية المعنية بالاستثمار.

تعليق عبر الفيس بوك