إدمان تطبيقات الهواتف ومواقع الإنترنت ورَّطه في قضية ابتزاز مالي

وسائل التواصل الاجتماعي عزلته في العالم الافتراضي.. وجهله بالقانون أوقعه في الفخ

 

 

 

الرُّؤية - خاص

يعملُ الثلاثيني "ح.ن" في إحدى المؤسسات الحكومية، مُتزوج وله طفلان، يقضي يومه في عمله حتى المساء. وبعد تناوله وجبة العشاء يجلس فترة طويلة مستخدما هاتفه الذكي، فلا حكايات مشتركة تدور بينه وبين زوجته القادمة من القرية، ولا تتقن استخدام التقنيات الحديثة إلا فيما يكفيها ويسد حاجة التواصل عائليا معها. وبدأت الحكاية بعد أن قرر تسجيل حساب في موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك في 2009 بمعاونة أحد زملائه في الدوام، وكان التفاعل وتبادل المعلومات سببا مباشرا لدخول هذا العالم الافتراضي، واختار أن يسجل حسابه باسم وهمي في بادئ الأمر واستبدل صورته الشخصية في العرض بصورة أخرى، وكان يقضي ساعات طويلة على الموقع دون اكتراث بالواقع والمحيطين به.. يضحك مع هذا ويتفاعل مع هذه، ولكنه لم يحاول أن يتجاوز حدود الأدب في تفاعله مع الآخرين.

وبمرور الوقت، وجد مُتسعا من الوقت إضافة إلى شبكة إنترنت مجانية متوفرة في نطاق عمله، وكانت فرصة سانحة لتصفح الموقع من مكان عمله ليزيد عدد ساعات الاستخدام اليومية، حتى أصبح الفيسبوك من مهامه المفضلة وأدمن عليه، ولم يكتف بهذه الشبكة، بل حرص على الدخول إلى عالم التواصل من أوسع أبوابه، ودون تردد اشتراك في تويتر وإنستجرام وسناب شات، مؤخرا، وكان يقوم بتحديث أنشطته المختلفة على هذه المواقع المختلفة.

ووضع صورته الشخصية ومعلوماته الحقيقية، وبدأ في الدردشات الخاصة بعد أن أمن الوضع، حتى تزايدت مؤخرا حسابات تحمل أسماء تعود إلى أقطار من المغرب العربي وأخرى إلى دول أجنبية، وكانت هناك حملة كبيرة من هذه الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي. وبالرغم من وسائل التوعية التي تحذر من خطر التصادم مع هذه الحسابات، إلا أن "ح.ن" لم يكن عارفا بالأمر وقَبِل صداقات العديد من هذه الحسابات، وفي ليلة من الليالي بدأت واحدة من أصحاب هذه الحسابات التحدث معه، وطلبت منه فتح الكاميرا الأمامية حتى تستمع إلى حديثه، وواصلت الحديث معه حتى استدرجته لأفعال مخلة بالأدب والأخلاق العامة، فشعر "ح" بالذنب وتأنيب الضمير.

وفي اليوم التالي، بادر صاحب الحساب الوهمي بالحديث معه، وقام بتهديده بإرسال مقاطع الفيديو المسجلة له في أوضاع مخلة، وأنه سينشر كل تلك المقاطع إن لم يقم بإرسال 400 ريال إليه، رضخ الرجل للتهديد وأرسل المبلغ كاملا لكن لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل جاء المبتز مرة أخرى ليطلب المال، وما كان من "ح" إلا استشارة أحد أصدقائه في هذا الأمر والذي نصحه باتخاذ إجراء قانوني ليضمن حقه، لكن "ح" لم يُعط هذه النصيحة أهمية ودبر المال مرة أخرى، وكان يشعر بضغط شديد وهلع، وعندما طلب منه المال للمرة الثالثة لم يستطع توفيره هذه المرة، ووجه المبتز ضربة قاضية له بنشر مقاطع الفيديو التي يحتفظ بها على منصة اليوتيوب وفي الفيسبوك، بل وقام بقرصنة صفحته على الموقع.

ويواجه "ح" حاليا ضغوطا اجتماعية شرسة، وانعزل عن أصدقائه، كما تسبب الأمر في خلاف أسري، ويحاول جاهدا أن ينقذ عائلته من الدوامة، فأغلق جميع حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، متكفيا ببرنامج واتساب على هاتفه. ويمضي أغلب وقته مع عائلته الآن، بعد أن أيقن أن شبكات التواصل الاجتماعي ما هي إلا جالب هم إذا استخدمت بصورة خاطئة.

تعليق عبر الفيس بوك