هل الفكرة وحدها كافية لإنجاح مشروع تجاري؟

 

هلال الشكري *
بالرغم من وجود فكرة جيدة وبراقة للعمل التجاري المقترح، فكرة لسد نقص السوق وتلبية حاجة ماسة للزبون، أو أنها خدمة جديدة يحتاجها المجتمع، أو لتسهل عمل الشركات الكبرى. وبالرغم من تفرد الفكرة -ربما- إلا أنَّ احتمال الفشل يبقى واردا وبقوة؛ فالفكرة وحدها لا يمكن أن تحقق النجاح ما لم يتم دراسة عوامل أخرى تؤدي إلى نجاح المشروع، ولكن عمليًّا فإنَّ كثيرًا من الراغبين في خوض مضمار التجارة لا يكترثون بعمل دراسات للسوق واستشارة خبراء في المجال، وهذا هو السبب الرئيسي لفشل الشركات الناشئة الصغيرة.
أقول هذا وقد تكرَّرتْ لديَّ شخصيًّا تجارب الفشل واكتسبنا خبرة جيدة نستفيد منها لمحاولات مُستقبلية ودروس لغيرنا للاستفادة منها، كذلك بمراقبة السوق، وأشير هنا إلى "سوق العامرات" على وجه الخصوص، حيث نجد مبادرات الشباب في إنشاء شركات ومؤسسات فردية لا يتوقف، بعضها أفكار جديدة ومعظمها مكررة رأى أصحابها إمكانية نجاحها وتحقيق أرباح نظرا لحجم السوق، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ هناك نسبة من هذه الأفكار والشركات الناشئة تفشل، وهذا يُمكن ملاحظته من تغيُّر اللوحات التجارية الدائم بالسوق؛ فالفكرة وحدها إذن ليست كافية لنجاح المشروع.
وفي معرض البحث عن سبب فشل الشركات ونجاحها، فقد شاهدتُ محاضرةً على موقع "تيد" كانت بعنوان "السبب الوحيد الأكبر لنجاح الشركات الناشئة" للسيد بيل جروس؛ حيث درس لماذا تنجح بعض الشركات الناشئة ولماذا يفشل بعضها الآخر! فوجد أنَّ هناك خمسة عوامل تحدِّد النجاح والفشل؛ وهي: الفكرة وفريق العمل ونموذج العمل والتمويل وتوقيت بدء العمل أو الظروف الملائمة لبدء العمل التجاري. وبعد دراسة العوامل على أكثر من مائتي شركة بين ناجحة وفاشلة، تبيَّن له أنَّ تأثيرَ عامل الوقت المناسب يشكل 42% من فرصة نجاح الشركة، وإطلاق العمل التجاري في وقت يكون الزبائن فيه جاهزين للمنتج المقترح وظروف سوق العمل والبنية الأساسية موائمة لبدء العمل. ويلي ذلك العوامل الأخرى بنسب مُختلفة أقلها التمويل بنسبة 14%، ومع عدم الاختلاف على العوامل، إلا أنني أعتقد شخصيًّا بأنه في حال القيام بدراسة مشابهة على الشركات العمانية، فإنَّ النسب المشار إليها قد تختلف قليلا لما للسوق العُماني من خصوصية، ولكنها عوامل تؤثر في نجاح وفشل الشركات بلا شك.
كذلك، وفي الموضوع ذاته نشر موقع "هافينجتون بوست عربي"، مؤخرا، مقالا بعنوان "10 أسباب وراء فشلك في ريادة الأعمال.. تجنبها" حيث ناقش المقال أسباب الفشل الواجب تجنبها، ففكرة المشروع إنْ لم تكن جيدة ومتفردة وقابلة للتطبيق كعمل تجاري، فإنها ستكون حتما سببا للفشل، ولتدعيم الفكرة وإنجاحها لابد من دراسة للسوق وجاهزيته لتنفيذ الفكرة وكتابة خطة عمل ووضع تقديرات للعائد ووجود فريق عمل قادر على تنفيذ الخطة والصبر والإصرار على النجاح.. عوامل مُتعددة تؤثِّر على نجاح الفكرة يجب أن يقوم بها صاحب الشركة الناشئة مجتمعة لتحقيق النجاح المنشود.
والخلاصة.. إنَّ فشل فكرة معينة يجب ألا يكون سببا للتوقف عن محاولة بدء عمل تجاري جديد؛ فقصص الفشل كثيرة، وقصص النجاح كذلك، والعبرة بمن استفاد من تجاربه الشخصية وتجارب الآخرين وأخذ بأسباب النجاح لمشروعه التالي ليحقِّق النجاحَ الباهرَ الذي يسعى له -ولو بعد حين- وهذا ما نرجوه للجميع.

* رئيس مجلس إدارة شركة المسار لخدمات الحاسب الآلي

hilal.alshukri01@gmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك