"المركزي": متانة القطاع المصرفي تدعم مبادرات التنويع الاقتصادي.. ولا تهديدات مباشرة للاستقرار المالي بالسلطنة

مسقط- الرؤية

يسهم القطاع المصرفي بالسلطنة في دعم مبادرات التنويع الاقتصادي، كما يعمل على رفد الاقتصاد الوطني بعدد من عوامل التميز والنمو، من خلال البنوك العاملة في البلاد، سواء كانت تقليدية أم إسلامية، فكلاهما يسهمان على نحو مؤثر في دفع عجلة التنمية الشاملة للأمام.

وفي هذا السياق يؤكد البنك المركزي العماني أنّ متانة القطاع المصرفي واحدة من عوامل نمو الاقتصاد الوطني، من خلال دعم مبادرات التنويع الاقتصادي، عبر تمويل المشروعات وإدارة السيولة النقدية في الأسواق، ويشهد هذا القطاع أداء مميزًا على مدى السنوات الماضية، بفضل النمو الجيد في معدلات التشغيل والأرباح، علاوة على ابتكار منتجات مصرفية تسهم في نهضة هذا القطاع الحيوي.

ويواصل البنك المركزي العُماني انتهاج سياسته النقدية الملائمة في ظل بيئة اقتصادية اتسمت بتدني معدلات التضخم ونمو محدود في الأنشطة غير النفطية. وانسجاماً مع أوضاع السيولة التي لا تزال مريحة، شهدت الإجماليات النقدية في السلطنة توسعاً بنسب معتدلة خلال عام 201؛ حيث سجل عرض النقد بمعناه الواسع نمواً بنسبة 10 في المئة في عام 2015. ووفقا للتقرير السنوي للبنك المركزي العماني فإنّ حجم الائتمان الممنوح من قِبل مؤسسات الإيداع الأخرى والتي تشمل قطاع البنوك التجارية بالإضافة إلى البنوك والنوافذ الإسلامية، قد بلغ 20.1 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2015، مسجلاً نمواً بنسبة 12 في المئة عن مستواه في نهاية العام الذي سبقه. وسجّل إجمالي الودائع لدى هذه المؤسسات زيادة بنسبة 8 في المئة خلال العام ليصل إلى حوالي 19.4 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2015. ونظراً لظروف السيولة المريحة نسبياً، تراجعت أسعار الفائدة على الودائع والقروض على حد سواء في السلطنة خلال عام 2015.

من جهته، يؤكد سعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني، عدم وجود أية تهديدات مباشرة على الاستقرار المالي في السلطنة نتيجة الضغوط الاقتصادية، مشيراً إلى أنَّ الهبوط الحاد والمستمر لأسعار النفط منذ منتصف العام 2014، أدى لتعرض الاقتصاد العماني لضغوط جمة، إلا أنه أبلى بلاءً حسناً دون أضرار إضافية؛ بفضل السياسة التي انتهجتها السلطنة لمواجهة تقلبات أسعار البضائع، والمتمثلة في بناء مصدات مالية كبيرة وفرض اشتراطات على البنوك لزيادة رؤوس أموالها والإبقاء على نسبة ديون حكومية منخفضة وإبرام عقود مرنة للأجور. وفي كلمته المنشورة بمقدمة تقرير "الاستقرار المالي"، قال سعادة الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني إنَّه على الرغم مما سبق فإنّ حالة انعدام التوازن التي يعاني منها الاقتصاد العالمي ونقص المساحة المالية في الدول المصدرة للنفط -ومن ضمنها السلطنة- يعدان من الأمور التي تستدعي القلق؛ لذلك تخضع عملية تطور هاتين الجبهتين إلى مراقبة دقيقة ومتيقظة من قبل البنك المركزي العماني والجهات المالية الأخرى. وأوْضَح سنجور أنه كنتيجة للعجز الثنائي في الموازنة العامة للدولة وفي الحساب الجاري في سنة 2015، وما تبع ذلك من تخفيضات للتصنيف الائتماني للسلطنة، فقد قامت السلطنة بإصلاحات مالية بهدف دعم الوضع المالي في المدى المتوسط. وتابع أنّه وبما أنَّ السلطنة تتبنى نظام سعر الصرف الثابت؛ لذا فإنَّ الحفاظ على قيمة الريال مقابل الدولار يمثل هدفاً أساسياً للسياسة النقدية. وبيَّن سعادته أنه كان، ولا يزال، سعر الصرف مستقراً، كما أنّه بنهاية العام الماضي لم يحتج البنك المركزي العماني لأكثر من ثلث الاحتياطيات الأجنبية المتوفرة لديه لتحقيق ذلك.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه اقتصاد السلطنة نتيجةً لحالة التدني الراهنة في أسعار النفط، ظل القطاع المصرفي يتمتع بالمتانة وقادراً على دعم مبادرات التنويع الاقتصادي وتلبية الاحتياجات الائتمانية للأعداد المتنامية من السكان الشباب. ومن العوامل التي أدت إلى الاستقرار المالي كان تطبيق الإشراف المبني على المخاطر للبنوك وتطبيق اتفاقيات بازل وتطوير أنظمة المدفوعات والتسويات. ظل متوسط نسبة كفاية رأس المال للأصول المرجحة بالمخاطر للبنوك التجارية عند مستوى مريح يبلغ 16.1 في المئة في نهاية عام 2015م، وهو ما يفوق الحد الأدنى المحدد من قِبل البنك المركزي العُماني.

وبحسب التقرير أن السلطنة تبنت من خلال "رؤية 2020" والخطط الخمسية للتنمية التي تضمنتها هذه الرؤية، استراتيجية للتنويع الاقتصادي وتعزيز دور القطاع الخاص وتحسين مُناخ ممارسة الأعمال من أجل جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر. وقد شهدت فترة الأعوام العشرة ارتفاع حصة الأنشطة غير النفطية في الصادرات السلعية من 16 في المئة إلى 41 في المئة، في حين نمت مساهمة الإيرادات غير النفطية في إجمالي الإيرادات الحكومية من 14 في المئة إلى 22 في المئة. وعلى مر السنين، قامت السلطنة بتطبيق سياسات حكيمة على مستوى الاقتصاد ككل الأمر الذي أدى إلى تحقيق نسب نمو مرتفعة في الناتج المحلي الإجمالي بالتزامن مع تضخم محدود بالإضافة إلى نشوء نظام مالي مستقر. تقوم خطط الحكومة لتمويل عجز الميزانية على استخدام الاحتياطيات العامة والاقتراض من السوق المحلي بدون مزاحمة القطاع الخاص بالإضافة إلى الوصول للأسواق المالية العالمية سواء من قِبل الحكومة أو من الشركات التابعة لها. وضمن هذا السياق، نجحت السلطنة عن طريق الأسواق المالية العالمية في جمع 1 مليار دولار أمريكي في عام 2015م بالإضافة إلى 2.5 مليار دولار أمريكي في يونيو 2016، الأمر الذي يشير إلى الإقبال الكبير من قِبل المستثمرين.

تعليق عبر الفيس بوك