كشف عن مساعٍ لوضع مؤشر إسلامي لتحديد هوامش ربح المصارف المتوافقة مع الشريعة

رئيس "التدقيق والرقابة الشرعية" ببنك العز: عقود التمويل الإسلامي بالمصارف الإسلامية تحكمها أُسس وضوابط شرعية

 

أكَّد سُفيان ميسرة يس المراقب الشرعي ورئيس إدارة التدقيق والرقابة الشرعية ببنك العز الإسلامي، أنَّ عقودَ التمويل في المصارف الإسلامية تحكُمها أسس وضوابط شرعية.. مشيرا إلى أنَّ البنوك الإسلامية تعتمدُ في نشاطها على بيع سلع وخدمات للمتعامل، وهذا هو البيع الذي أحلته الشريعة وأجازت التربح منه. وقال يس -في حوار خاص- إنَّ هناك جهودًا في قطاع الصيرفة الإسلامية لوضع مؤشر إسلامي بهدف تحديد هوامش ربح المصارف المتوافقة مع الشريعة؛ حيث إنَّ التسعير الحالي للمنتجات متروك لحركة السوق عرضاً وطلباً وهذا لا حرج فيه؛ فالتسعير لا أثر له، وما يهم هو طبيعة العقد إن كان عقداً شرعيًّا أو غير شرعي.

ويمتلك سفيان ميسرة يس خبرة 15 عاماً في مجال البنوك الإسلامية؛ حيث شغل سابقا منصب رئيس إدارة التدقيق والرقابة الشرعية في مصرف الشارقة الإسلامي، وفي ميثاق للصيرفة الإسلامية. وهو مستشار ومدقق شرعي معتمد من قبل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. وحصل أيضاً على شهادة دراسات عليا في الصيرفة الإسلامية والتأمين الإسلامي، إضافة إلى شهادة بكالوريوس في العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال من جامعة ام درمان الأهلية بالسودان.

 

الرُّؤية - خاص

 

 

 

< بداية نودُّ توضيح الفارق بين أرباح البنوك الإسلامية وفوائد البنوك التقليدية؟

- نشاط البنوك التقليدية قائم على إقراض الأموال بفائدة، التي جعلت من النقود سلعة تباع بمقابل مالي وبزيادة محددة؛ على سبيل المثال البنك الربوي يقرض 1000 مقابل 1100 مؤجلة، وهذا تبادل نقد بنقد أكثر وهو الربا المحرم شرعا، بينما البنوك الإسلامية يقوم نشاطها على بيع سلع وخدمات إلى المتعامل، وهذا هو البيع الذي أحلَّه الله وأجاز التربُّح منه؛ فالربح هنا ناتج عن بيع أو عقد معاوضة، والأصل في عقود المعاوضات الإباحة، ويجب ألا ننسى أن البنوك الإسلامية هي مؤسسات ربحية تسعى إلى تحقيق أرباح تغطي مصروفاتها وتوزع منها على المساهمين الذي سعوا إلى استثمار أموالهم بطريقة شرعية عن طريق تأسيس البنك، إضافة إلى أن المودعين يسعون لزيادة مُدخراتهم باستثمارها بطرق شرعية في البنوك الإسلامية. وما يُثير حفيظة البعض هو نسبة الربح التي تدخل في تحديد ثمن البيع أو الأجرة عند إبرام العقود الشرعية بين البنك والمتعامل؛ سواء كانت هذه العقود: عقد بيع بالمرابحة أو استصناع أو إجارة أو أي صيغة تمويل شرعية أخرى، والكثير من الناس يقارن بين هذه النسبة ونسبة الفائدة في البنوك التقليدية عند الإقراض.

 

 

< وما أهم النقاط التفصيلية التي توضِّح بشكل حقيقي الفارق بين التقليدي والإسلامي؟

- لا يزال البعضُ يرتاب في وجود فارق بين المصرفية الإسلامية والمصرفية التقليدية. هذا الشك والانطباع صادر عن فهم غير واضح للنظامين المختلفين؛ إذ إنَّ البنكَ التقليديَّ يقوم بتبادل نقدًا بنقد أكثر وهو الربا المحرم،  بينما في البنك الإسلامي؛ فالعملية تتم بتبادل سلعة بمال أو خدمة بمال أو منفعة بمال، وهو عقد معاوضة شرعي. وأي عقد له هدف وغرض حسب محل العقد (البدلين) فتبادل سيارة من جانب البنك وثمن من جانب المتعامل يوضح أن الهدف من العقد هو الحصول على السيارة؛ لأنه تبادل مال بمال مختلفين في جنسيهما، وليس من المنطقي تبادل سيارة بسيارة تحمل نفس المواصفات بين طرفين إذ ليس هناك غرض من العقد؛ إذن اختلاف البدلين يوضح الغرض من عقد المعاوضة، بينما الذي يحدث في البنوك الربوية هو تبادل نقد بنقد متماثلين جنسا. وحيث إنَّ المرابحة هي بيع مؤجل، فمن المنطقي أن يكون سعر السلعة أقل إن كان البيع حالاً وأكثر إن كان البيع مؤجلاً؛ لأن الزمن في الشريعة له اعتبار وقيمة إن كان في البيع أو أي عقود شرعية أخرى، وليست له قيمة إن كان في القرض، ولا يُمكن للتاجر أن يبيع بنفس رأس ماله وإلا انتفت المصلحة من التجارة التي أحلها الله، والزمن في المعاوضات له اعتبار وأما في التبرعات؛ فلا اعتبار له وأقصد هنا القرض الحسن فالقرض الحسن لا زيادة ولا اعتبار للآجل فيه. والنقد الحاضر يمكَن التاجر من شراء سلع أخرى وبيعها للزبائن وبالتالي سرعة دوران رأس ماله، عكس الثمن المؤجل.

ثانيا: البنك التقليدي لا يوقع عقودا شرعية ولا يشتري سلعة، وفي بعض المعاملات قد يوقع عقوداً بغرض الضمان وتأمين وضعة القانوني وهي في الغالب عقود غير شرعية لا تتوافر فيها أركان العقد الشرعي. ثالثا: البنوك الإسلامية في كل الدول الإسلامية تعمل تحت مظلة اقتصاد تقليدي يتبنى أدوات تسعير تقليدية للتحكم في عرض النقود في السوق؛ فللنقود تكلفة لابد من تغطيتها لتفادي الخسارة حسب معايير الاقتصاد التقليدي.

وأدوات السياسة النقدية هي أدوات اقتصادية تقليدية، هدفها تبني سياسات للتأثير على عرض النقود في السوق إما برفع أو خفض سعر الفائدة، ومن المفترض حسب الاقتصاد الإسلامي أن يتم البيع حسب سعر السوق، والأجرة في الإجارة حسب الأجرة المماثلة في السوق، وعائد المضاربة حسب ما تدره المضاربة من أرباح عند إطفائها وليس حسب مؤشر محدد أو تسعير مسبق. وهذه واحدة من التحديات التي تواجهها البنوك الإسلامية في كل البلدان والتي لا توجد حلول لها حتى الآن.

لذلك؛ تجد أنَّ نسبة الربح في البنك الإسلامي مثلا 5، ونسبة الفائدة في البنك التقليدي 5 أو ربما أكثر أو أقل هنا أو هناك؛ لأنَّ البنوك الإسلامية لن تستطيع العمل في الوقت الحالي بمعزل عن الاقتصاد وأدواته التقليدية، بل هي جزء لا يتجزَّأ منه. وحل هذه المشكلة يتطلب وضع حلول جذرية ووقت طويل، وليس للبنوك الإسلامية يد فيه. كما أن التسعير متروك لحركة السوق عرضاً وطلباً وهذا لا حرج فيه؛ فالتسعير لا أثر له وما يهم هو طبيعة العقد إن كان عقداً شرعيًّا كالبيع أو غير شرعي كالقرض بفائدة، وإن كان السعر لكليهما واحدا فهذا لا أثر له. وأنَّ هناك محالاوت لإيجاد مؤشر إسلامي لتحديد هوامش الربح في البنوك الإسلامية، ونأمل أن تكلل بالنجاح.

 

< وما المقصود بعقود التمويل في البنوك الإسلامية؟ وما هي الضوابط التي تحكم هذه العقود؟

- عقود التمويل الإسلامي المقدَّمة في البنوك الإسلامية تحكمها أُسس وضوابط شرعية محددة للتأكد من توافقها مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وهيئة الفتوى والرقابة الشرعية المستقلة والتابعة لكل بنك إسلامي تتأكد من وجود وتوافر تلك الضوابط والأُسس الشرعية قبل موافقتها على أي منتج قبل طرحه للمتعاملين؛ فمثلاً: إنَّ من الضوابط الشرعية لعقد بيع المرابحة أنه لا يجوز شرعاً تعديل ثمن بيع السلعة أو السيارة بعد إبرام عقد البيع، حتى ولو استمر المتعامل في دفع الأقساط وطالت مدة السداد لعدة سنواتٍ.

إلا أنَّ عقد الإجارة الذي هو بيع منفعة معلومة بثمن معلوم لمدةٍ معلومة، يمكن تعديل الأجرة فيه بعد نهاية الفترة الايجارية الحالية وللفترة الجديدة سواء بالزيادة أو النقصان باتفاق الطرفين، ويكون البنك الإسلامي وفقاً لعقد الإجارة مالكاً للعقار والعميل مالكاً لمنفعته فقط.

 

< اذكُر لنا التحديات التي تواجه قطاع الصيرفة الإسلامية والبنوك الإسلامية؟

- تُواجة البنوك الإسلامية منذ نشأتها العديد من التحديات على كافة المستويات؛ لعل أبرزها هو بداية عملها بعد ظهور ووجود البنوك التقليدية؛ حيث ظهرت البنوك الإسلامية بعد تشبع واعتياد المتعاملين على منتجات متوفرة منذ عقود تلبي كافة احتياجاتهم بسهولة ويُسر لاعتمادها على القروض ذات الفائدة؛ سواء كان قرضاً لمنزلٍ أو سيارةٍ أو سحبا على المكشوف.

هذا التحدي استوجب على البنوك الإسلامية إيجاد وتوفير منتجات تلبي احتياجات المتعاملين، وهنا برز دور الهيئات الشرعية في إيجاد الحلول المناسبة لمتطلبات المتعاملين بما يتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.

 

< وهل ذلك يعني أنَّ سوق الصيرفة الإسلامية يحتاج لفترة طويلة لتحقيق النمو؟

- الأرقام تُظهر أنَّ حجم الأصول في المصارف والنوافذ الإسلامية في السلطنة بلغ 2.4 مليار ريال عماني بنهاية فبراير 2016، و1.85 مليار ريال عماني رصيد التمويل الإجمالي والذي يمثل 8.86% من السوق، أما فيما يتعلق بحجم إجمالي الودائع فقد بلغت 1.59 مليار ريال عماني. وهذه الأرقام تؤكد النمو السريع لقطاع الصيرفة الإسلامية في السلطنة وأكثر وأسرع من دول مجاورة بدأت فيها الصيرفة الإسلامية قبل السلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك