عن أي شيء آخر.. إلا الرياضة!!

 


المعتصم البوسعيدي
"ذات مرة باليابان وبمصنع صابون ضخم واجهتهم مشكلة كبيرة؛ مشكلة الصناديق الفارغة التي لم تعبأ بالصابون نظراً للخطأ في التعليب؛ فماذا فعلوا لكشف الصناديق الفارغة من الصناديق المعبأة؟! لحل المشكلة قام اليابانيون بصناعة جهاز يعمل بالأشعة السينية مُخصَّص للكشفِ عن الصابون بداخل الصناديق ووضعوه أمام خط خروج الصناديق بقسم التسليم، وتعيين عمال جدد ليقوموا بإبعاد الصناديق الفارغة التي فضحها الجهاز، وفي مصنع آخر أصغر من السابق عندما واجهتهم نفس المشكلة فإنهم أتوا بمروحة إلكترونية وضبطوا قوتها بما يناسب وزن الصندوق الفارغ وتم توجيهها إلى خط خروج الصناديق بقسم التسليم بحيث أن الصندوق الفارغ سوف يسقط من تلقاء نفسه بفعل اندفاع الهواء"، وبعيدًا عن حقيقة القصة هناك فكرة تتبلور من بين الحلين؛ فنجد تضخيم المشكلة وبالتالي بذل الجهد والمال في الحل الأول، ونجد تقزيم المشكلة ومن ثم إيجاد فكرة سهلة ويسيرة في الحل الثاني.
*****

وفي مكان آخر، استوقفتني عبارة "القادة العِظام يشبهون الممثلين الاستعراضيين أكثر مما يشبهون العلماء"؛ ذلك أنَّ القيادة فن التعامل مع الناس والتحديات، لا حقائق علمية ولا إثباتات جدلية، اختصار القيادة يكمُن في القبول والرضا؛ فالقيادة إنسان يفرض نفسه على الجميع ويُعين نفسه بما يملكه من صفات ومهارات، وأحد مفاتيح القائد الحقيقي يتجلى في أنَّ "القادة العِظام يتعاملون مع المشاكل الصغيرة بأسلوب بارع وقوة كبيرة".
*****

تتبخر القدوة في لحظة من اللحظات، يُصَيرُها حدث ما إلى "ان حظي كدقيق فوق شوك نثروه/ ثم قالوا لحفاة يوم ريح أجمعوه"، الاستفادة من التجارب لا تعني التقليد، والخبرة كما يقال ليست تراكم السنوات واندفاع أعمارنا نحو الكهولة، والتغيير الحقيقي يحتاج لشجاعة وتحمل النتائج (والاعتراف) وأضع قوسين على الاعتراف؛ حيث يقترن الاعتراف -على الأغلب- بالإثم والخطأ مع أنَّ هناك من يعترف بالحب مثلاً، ويعترف عندما يكون منتشيًا ومنتصرا، فأين نحن من قول الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد "لكنني فيا مما فيك معجزة/ أني بجرحي عند الزهو اعترفُ"!
*****

"يُحكى أنه كان يوجد ملك أعرج ويرى بعين واحدة، وفي أحد الأيام دعا هذا الملك فنانين ليرسموا له صورة شخصية بشرط أن "لا تظهر عيوبه" في هذه الصورة، فرفض كل الفنانين رسم هذه الصورة، فكيف سيرسمون الملك بعينين وهو لا يملك سوى عين واحدة؟! وكيف يصورونه بقدمين سليمتين وهو أعرج؟ لكنَّ وسط هذا الرفض الجماعي قبِل أحدهم أن يرسمه، وبالفعل رسم صورة جميلة وفي غاية الروعة؛ فقد صور الملك واقفاً وممسكاً ببندقية الصيد وبالطبع كان يغمض إحدى عينيه ويحني قدمه العرجاء".. لا نحتاج أن نظهر عيوب الآخرين حتى نستطيع نقدهم، العمل نتيجة جهد قد يصيب وقد يخطئ، سنظل "مكانك سر" إذا كنا نبحث عن تعزيز صورتنا المبدئية عن شخص لا نتقبله منذ البداية؛ لأننا سنبحث دائمًا عن عيوبه بمجهر التكبير!!
*****
عن أي شيء أكتب؟!! هذه العشوائية في الكتابة -إن صح التعبير- كنت أظنها "هروبي الذكي" عن رياضتنا بعد كل نكباتها، وكمية الإحباط فيها، لكن وأنا أراجع ما كتبت رأيت رياضتنا على أعتاب كل حرف، ومع كل كلمة مرت عبر دهاليز العبارات هنا؛ بل هي الفكرة كلها وبيت القصيد "تدري لو مرة أقول إني كرهتك ما أبيك/ يرجع علي صوت الصدأ يقول: الله ما أكبر كذبتك"!! هل كنت أكذب على نفسي؟ رُبما، وأعترف أنني فشلت!!
-------------------
خارج النص: "الذكرى فرح الأيام الخوالي بوجع الفقد الأليم، كان هُنا قبل عشرة أشهر وسيظل حتى لقاء أبدي إن شاء الله".