توقير الكبير من تعاليم الإسلام ومحددات الفطرة السليمة

شباب: التواصل مع كبار السن والاستفادة من خبراتهم أهم من تضييع الوقت على تطبيقات الهواتف

 

 

 

أفراح البوسعيدي: سيطرة التكنولوجيا على حياتنا اليومية جاءت على حساب كبار السن والتواصل العائلي

عفراء المعمري: تعاونت مع مجموعة طلابية في تأسيس فريق أرتال لرد الجميل إلى كبار السن

يوسف البلوشي: نحصد حاليا نتائج إهمال تربية الأجيال الجديدة على توقير واحترام الكبير

نهال عفيفي: كبار السن في حاجة إلى معاملة خاصة من جانب كل أفراد الأسرة والجهات المعنية

 

الرؤية – ناصر العبري

أكَّد عددٌ من الشباب على ضرورة الاهتمام بكبار السِّن واحترامهم وتوقيرهم تنفيذًا لتعاليم الدين الإسلامي واتفاقاً مع الفطرة السليمة للإنسان، وأشاروا إلى أهمية الاستفادة من خبرات كبار السن والتعلم من تجاربهم المُتعددة في كافة مجالات الحياة، باعتبارهم حلقة وصل صادقة بين الأجيال الجديدة وخبرة الأجداد المتراكمة. وحذَّر عدد من المشاركين في استطلاع "الرؤية" من التأثر سلبيًا بتطور التكنولوجيا وسيطرتها على التفاصيل الإنسانية في حياتنا، وضربوا المثل بالانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي وتضييع الوقت في استخدامها أكثر مما ينبغي، وقالوا إنّه من المُفيد تخصيص وقت أكبر للتواصل إنسانيًا مع كبار السن في الأسرة وغيرها بدلاً من إهدار الوقت في علاقات العالم الافتراضي.

وقالت أفراح علي أحمد البوسعيدي إنّ الدين الإسلامي لم يترك شيئًا يمكن أن يعجز الإنسان عن شرحه وفهمه واحترام الإنسان للشخص الأكبر منه سناً هو خُلق إسلامي أوصانا به الله ورسوله الكريم ويجب علينا العمل به حتى نعيش في مجتمع متماسك يحترم فيه الصغير ويوقر فيه الكبير، لذلك يجب تربية الصغار على معرفة حقوق من يكبرونهم سناً وأنَّ توقيرهم واجبٌ. وأضافت البوسعيدية أنَّ القِيم والموروثات في التَّعامل مع كبار السن تراجعت نسبيًا مقارنة بما كانت عليه في الماضي لدى بعض الشباب، وقد يكون هذا التراجع بسبب دخول التكنولوجيا حياتنا واختلاف الفكر بين الماضي والحاضر، فالشباب يُمكن أن يستفيدوا من تجارب كبار السن في الحياة على مختلف مستوياتها من خلال مجالستهم والاستماع إلى قصصهم التي واجهتهم في الحياة والصعاب والعقبات التي اعترضت طريقهم حتى يتعلَّم الشباب كيف يتجاوزون مثل هذه المواقف إذا واجهتهم في قادم الأيام.

 

فريق تطوعي

وقالت عفراء المعمري: تعاونت مع مجموعة من الطلاب من مختلف الكليات والجامعات في تشكيل فريق تطوعي تحت مسمى "أرتال" حتى نُعبر عن حُبنا واحترامنا ونرد الجميل لكبار السن ونستفيد من خبراتهم لأنّهم يعتبرون كتاباً مفتوحاً به العديد من المعلومات والحكم للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم والفريق يُسلط الضوء على كبار السن من الجانب التوعوي لتوعية المجتمع بهذه الفئة والترفيه لكبار السن والعمل على دمجهم في المجتمع واستعادة ذكرياتهم، إلى جانب الاهتمام بالنواحي الصحية من خلال إنشاء نادي أرتال الصحي الذي يعنى بصحتهم وينظم فعالية (افحص واطمئن)، ولجعلهم يواكبون التكنولوجيا أطلقنا مشروع بصمة أرتال وهو عبارة عن تعليم كبار السن استخدام الحاسب الآلي والقراءة باستخدام القلم القارئ ونعمل جاهدين على تخريج جيل واعٍ يعنى ويهتم بكبار السن والاستفادة منهم لأنَّهم ثروة لا تُعوَّض.

وقالت المعمرية إنَّ القيم والموروثات في التعامل مع كبار السن بالفعل بدأت في التراجع النسبي عمَّا كانت عليه في الماضي، وهذا ما نراه ظاهرًا لدى العديد من الشباب، ويجب احترام كبار السن لأنَّ احترامهم واجب ديني، خاصة وأن هنالك العديد من النصوص الدينية التي تحث المسلم على ذلك، بغض النظر عن إن كانت هنالك صلة رحم أم لم تكن. وأشارت إلى أن كبار السن يحتاجون منِّا للاحترام والتقدير؛ فهم مدرسة عامرة بالتجارب التي عاشوها صغيرة كانت أم كبيرة، ولهم عقول حكيمة. واستدركت: لكن مع الأسف الشديد بعض الشباب يكرسون جل أوقاتهم للجلوس على التطبيقات التكنولوجية، وبرامج التواصل الاجتماعي ولا يخصصون ولو جزءًا يسيراً من أوقاتهم للجلوس مع من يكبرونهم حتى يستفيدوا منهم.

وأوضحت المعمرية أنَّ المسؤولية تقع على عاتق الشباب لإنبات هذه القيم الأخلاقية في نفوسهم، ومن واجبهم أيضًا التسلح بالحب والاحترام عند الجلوس مع كبار السن، والإنصات لهم بكل احترام وتقدير، وفي الآونة الأخيرة يلاحظ أن بعض الشباب إذا جلسوا مع كبار السن يظلون منشغلين بهواتفهم وبرامج التواصل الاجتماعي وغيرها من الأشياء الانصرافية.

 

وقال فيصل بن فهد الشملي إنّ وسائل التواصل الاجتماعي والتقدم التكنولوجي في كل ميادين الحياة إضافة إلى الاستقلال الأسري وتغير أفكار الشباب تجاه الحياة المستقبلية أخضعتهم إلى أجندة مغلقة ودائرة محدودة وضيقة في التعامل مع فئة كبار السن بحيث أصبحت هذه الفئة تعاني من قلة التواصل والتلاحم معهم بل وحتى لم يجدوا اليد الحانية والأذن الصاغية والقلوب الصافية التي تستمع إلى كل ما بداخلهم من مكنونات ودرر ثمينة. وأضاف لن يساء إلينا ولن ينظر إلينا نظرة ازدراء إذا تركنا من هم حولنا وجالسنا كبيرنا وأحسنّا إليه بالقول والعمل وأصغينا إليهم وإلى مطالبهم واستمعنا إليهم بصدر رحب، وعلينا أن نتذكر أننا سنسأل عن ذلك أمام خالقنا عزّ وجلّ ولو أطال الله في أعمارنا سنقف نفس موقفهم تمامًا وسيأتي من يعاملنا بالإساءة وقلة الاحترام عندما نكون مكانهم.

تعاليم الإسلام

وقال يوسف بن عوض البلوشي إنّ من تعاليم الإسلام النبيلة التي تنظم طبيعة العلاقة بين المُسلمين أن يحترم الصغير منا الكبير في السن، وأن يبدأ الصغير بالسلام على الكبير، وضمن العادات والتقاليد العمانية السمحة أن الطفل يتربى في بيت أهله منذ نعومة أظافره على هذا الاحترام، وترسخ هذه الأخلاق في سبلة البلدة التي يجتمع فيها الأهالي. ومع التغيرات الاجتماعية الكبيرة التي أثرت على طبيعة العلاقات في المجتمع والتي أثر فيها بشكل كبير التقدم التكنولوجي والعولمة، حيث ظهرت ممارسات غريبة في طبيعة العلاقة بين الصغير والكبير، غيرت المعالم القديمة التي كانت مترسخة، ففي البيت لم يعط هذا الأمر تلك الأهمية عند ترسيخ القيم في الأبناء بل صار موضوعًا هامشياً، حتى أصبح الطفل يتطاول على والديه بالكلمات البذيئة وقد يصل الأمر إلى الاعتداء عليهما ضربًا، وعند خروج هذا الطفل للخارج اتضح هذا التغير في علاقته مع الكبار في المسجد أو المدرسة أو غيرها من أماكن اجتماعية، وكثير من الأبناء يفتقدن آداب الحوار مع الكبير، وأضحى احترام الكبير أمرًا ثانويًا، بعد أن كان خلقاً إسلاميًا، ولو تقدم كبير بنصيحة.

وقالت إيمان بنت سعيد الكلبانية إنّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ليس منِّا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر) وهنالك أساليب للتعامل مع كبار السن وينبغي علينا معرفة الأساليب اللازم مراعاتها عند معاملة كبار السن من بينها مبادرة المسن بالتحية والسلام والمصافحة وتقبيل الرأس واليد لاسيما إن كان أباً أو أماً أو عالمًا ورفع الروح المعنوية لديه وذلك بحسن استقباله والترحيب به والدعاء له وإظهار البشر بقدومه والتبسم في وجهه فهذا يشعره بحب المجتمع له وفرحه بوجوده وأنه غير منبوذ أو مكروه في مجتمعه، كما ينبغي سؤال المسن عن ماضيه وذكرياته وإنجازاته والإصغاء إليه وعدم مقاطعته وينبغي أن يُدرك من يتعامل معه أنّ المسن تظل ذكرياته الماضية حية ماثلة أمامه فهو يتذكر جيدًا أعماله التي قدمها في شبابه ويرغب في الحديث عنها بنفسه أو التَّحدث عنها مع غيره وإبراز جهود وإنجازات المسن والحديث عن ما قدمه من خدمات لمجتمعه والدعوة إلى الاقتداء به والدعاء له ذو أثر إيجابي عليه وإشعاره بأهميته وخاصة في اللقاءات والمناسبات العائلية فشعور المسن أنّه قد أنجز أعمالاً باهرة وأنه قد كافح بعصا ميتة حتى نال ما نال هذا الشعور يولد نعيمًا لا ينضب من السعادة النفسية وزاداً لا ينفد لراحته العاطفية وأن أيامه أيام خير وجيله جيل أعمال ورجال والحذر من الاستئثار بالحديث في حضرتهم أو تجاهلهم دون منحهم فرصة للتعبير عن مشاعرهم أو ذكر شيء من آرائه وخبراته، إضافة إلى عدم التبرم والضجر من تعصب المسن لماضيه لأن تعصب المسن لماضيه يمثل بالنسبة له القوة والنشاط والمكانة الاجتماعية والإنجازات التي قدمها فينبغي تلمس العذر له وتفهم حاله وإشغال المسن بما ينفعه من أمور دنياه وآخرته إما بتكوين علاقات جديدة وصدقات أخرى مع أنداده في السن أو المشاركة في حلقات تحفيظ لكبار السن وقراءة القرآن وملازمة المساجد والجماعة ومراعاة التغيرات العضوية والنفسية والعقلية عند المسن حيث يصبح غالبًا عرضة لكثير من التغيرات الجسمية والنفسية، وفوق كل ذلك مراعاة آداب المجالسة والمخالطة والمصاحبة في حضرة كبار السن وفي الغالب يكثر وجودهم في أكثر مجالس الناس اليوم.

وأضافت الكلبانية: نعيش في ظل ظروف مُتغيرة ومؤثرة على الأبناء والآباء معاً، فالعقوق يأتي من تخلي الآباء عن دورهم في التربية الحسنة لأبنائهم، إلى جانب انشغالهم عنهم، وكذلك عدم النصح والدعاء لهم، لذلك نحن نسمع كثيراً عن جرائم يرتكبها الأبناء بحق والديهم، مثل {الضرب، أو القتل، أو التعذيب، والصحف تطالعنا كل يوم بجريمة تلو الأخرى.

 

معاملة ورعاية خاصة

 وقالت الدكتورة نهال عفيفي إنَّ كبار السن يحتاجون إلى معاملة خاصة تتناسب مع فئتهم العمرية والفرد عندما تتقدم به السن يحتاج إلى رعاية خاصة واهتمام كبير ففي تلك المرحلة العمرية يرجع الإنسان ويصبح كالأطفال يغضب بسرعة جدًا ويصبح غير قادر على فهم بعض مطالب الآخرين ويشعر بحساسية عند التعامل مع الآخرين ويصاب بالملل والوحدة والحزن، لذلك فإنّ كبار السن يحتاجون إلى أشخاص يتعاملون معهم بحب وحنان، قادرون على فهمهم وتحمل تصرفاتهم، وجعلهم يشعرون بالراحة والأمان. وأضافت في العصر الحالي نجد الكثير من الشباب غير قادرين على فهم احتياجات المسنين وكيفية التعامل معهم وليس لديهم الوقت الكافي لرعايتهم والاهتمام بهم ويصابون بالملل من الجلوس مع المسن بسبب انشغالهم بمسؤوليات الحياة كالعمل وغيره ولكن لا ننكر أنّ هناك أيضاً فئة من الشباب تهتم بفئة كبار السن من أسرهم وذويهم وجيرانهم ومعارفهم حيث إنّهم يفهمون احتياجاتهم ويعون معنى الشيخوخة، خاصة وأن هناك ثقافة ووعي كبير عن كيفية التعامل مع المسن من الكثير من الشباب بوجه خاص والمجتمع بوجه عام.

ورفضت نهال التسليم بأنّ القيم والموروثات في التعامل مع كبار السن تراجعت نسيباً عن الماضي لدى بعض الشباب وقالت إن اختلاف الزمن وتطور التكنولوجيا وإيقاع الحياة السريع وزيادة المسؤوليات وأعباء الحياة وانتقال الشباب للعمل بعيداً عن مقر سكن الأهل أثر في حياتنا. وأوضحت أن الشعب العماني ما زال متمسكاً بالقيم والتقاليد والموروثات العمانية الأصيلة كجزء لا يتجزأ من الإنسان العماني ولا يمكن أن يتخلى عنها، والدليل على ذلك أنه بسلطنة عُمان لا توجد دور للمسنين إلا دار واحدة فقط بالرستاق ويضم المسنين المنقطعين أي الذين ليس لهم أحد أبدًا لرعايتهم. والمسن تتم مراعاته والاهتمام به في بيته وبين أسرته، ولكن ما نحتاج له هو التثقيف والتوعية عن مرحلة الشيخوخة وعن الرعاية الخاصة التي تحتاجها تلك الفئة العمرية وكيفية الاهتمام بهم والحديث معهم .

 

تعليق عبر الفيس بوك