حلب.. المخاض العسير

 

 

لا تُريد قوى الشر أن تضع الحرب في سوريا أوزارها، بل تُمعن في صب الزيت على النار وإشعال المعارك هنا وهناك، ومن المؤسف أن القوى التي لا تريد الخير لسوريا مُتعددة، وتتكالب على هذه الدولة كما تتكالب الأكلة على فريستها، فلم يعد هناك شبر في سوريا إلا وتلطخ بدماء الأبرياء، أياً كان قاتلهم.

وفي ظل إخفاق المجتمع الدولي في وضع نهاية حقيقية لهذه المأساة التاريخية التي سيُسطرها التاريخ بلون الدم، تتواصل المعارك في حلب، التي تعاني من قصف عنيف واقتتال على الأرض بين أطراف تسعى للجلوس على سدة الحكم فوق جثث المدنيين والأبرياء. فلم يعد هنالك موطئ قدم في حلب إلا وتهدم فيه بيت أو تحطمت فيه الطرق، أو سقط العشرات من سكانه بين قتيل ومصاب.. إنّها حرب ضروس لا تبقي ولا تذر، تأكل الأخضر واليابس، ويرفض مشعلو الحرائق أن ينجح أحد في إخمادها، ولا يدري أي ممن يتقاتلون على الأرض إلى ماذا سيفضي هذا المخاض العسير.

هل هان الإنسان على العالم، حتى تتحول مدينة سورية إلى ساحة لحرب عالمية مُصغرة؟ قوى لا تريد الخير للسوريين تعمل على منح أطراف النزاع العتاد والسلاح بل والمُقاتلين، الذين هبوا إلى تلك البقعة من الأرض وفق معتقدات خاطئة، صورها لهم رؤوس الفتنة وزبانية الظلام.

الجميع شاهد بارقة أمل في مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، وموافقة الحكومة السورية على العودة إلى طاولة الحوار مجددًا، إلا أنّ خيبة الأمل قضت على كل توقعات متفائلة حيال هذه المباحثات.

لقد عرَّت الأزمة السورية الضمير الإنساني وكشفت زيف الدعوات المطالبة بالديمقراطية هناك واختلاط الحق بالباطل أملاً في رسم ملامح جديدة لمنطقة قُدر لها أن تظل فوق صفيح ساخن، تُعاني ويلات الحروب والفقر والبطالة والاضطرابات المجتمعية، فلا يكتمل عقد من السنوات إلا وتأتي فاجعة تنسف سنوات التنمية في دولة ما. إنّها سلسلة من الأحداث أشبه بأحجار الدومينو؛ سقوط الأول يعجل بسقوط الأحجار التالية.

إنّ العالم بأسره- ولاسيما العرب- يتحمل مسؤولية ما يجري في المنطقة من نزاعات وصراعات تقتل الشعوب وتُدمر مشاريع التنمية وتهدر الطاقات البشرية، بينما لو جرى الاستفادة مما تمتلكه المنطقة من مقومات لقادت التنمية في العالم، ولتحقق الازدهار والرخاء للشعوب.

تعليق عبر الفيس بوك