يَرَى مُختصون أنَّ الأمطارَ في مَوْسم الخريف لهذا العام تتميَّز بالغزارة والاستمرارية، مقارنة بالمواسم في بعض السنوات السابقة.
ونَتَج عن هذه الغزارة وتساقط كميات كبيرة من الرذاذ جريان عدد من العيون المائية في محافظة ظفار؛ مما أضْفَى على موسم هذا العام ألقاً، وأصبح عنصرَ جذب إضافيًّا ليجعل من محافظة ظفار واحدة من أبرز الوجهات السياحية خلال موسم الصيف.
وتبرز عين كور لتتصدر المشهد السياحي بما جادت به من باطنها من مياه تدفقت على شكل شلالات خريفية رائعة المنظر وبحيرات مائية أبهرت زوارها. وتعد هذه العين وغيرها من العيون المائية في جبال ظفار نتاجا لموسم تدفق غزير نسبيا تشهده المحافظة، ويتداول أهالي محافظة ظفار وبعض الأهالي المقيمين بالقرب من عين كور الحديث حول أن عين كور بوادي جردوم لم تشهد تدفقا لمياه العين فيها لأكثر من ثلاثة عقود ماضية عدا العام قبل الماضي وهذا العام.
وعين كور واحدة من العيون المسجلة لدى الوزارة مع حوالي 360 عين ماء أخرى موزعة على الشريط الجبلي وعلى حواف الجبال المتاخمة للسهل الساحلي، بينما تنتشر أعداد قليلة منها في منطقة النجد ومعظم العيون يعد موسم الخريف لهذا العام واحدا من المواسم القوية في كمية تساقط الرذاذ.
وانعكستْ غزارة المياه في الموسم الحالي على تغذية العيون المائية حيث تغلغلت مياه امطار الخريف الموسمية إلى جوفها وامتلأت به فنتج عنها تدفق الكثير من العيون ومنها عيون كور وأثوم وطبرق وخيوت وحشير...وغيرها، والأمر قابل للزيادة في ظل غزارة الهطول وقابلية امتلاء الخزانات الجوفية.
ولا تُصنَّف عين كور ضمن العيون الجديدة، وإنما حصل فيها تدفق للمياه نتيجة قوة الموسم، وهذا من فضل رب العالمين. وتتنوَّع العيون بين العيون الدائمة والعيون المتقطعة والعيون الموسمية وهي العيون المائية التي تعتمد على الأمطار الخريفية.
وأشار إلى أنَّ 99% من العيون المائية تتوزع في محافظة ظفار، تتوزع على الشريط الجبلي والحواف المتاخمة للجبل، والذي يمتد من ولاية ضلكوت غربا وحتى ولاية سدح شرقا.
أمَّا فيما يتعلق بنشأة العيون المائية فهي ليست وليدة تكوينات حديثه، بل هي عملية جيولوجية تطوَّرت عبر السنين بين الطبقات الصخرية. وتنشأ العيون بين طبقة وأخرى مكونة من العوالق والكسور التي تضعف على مر الزمن، ويحدث فيما بينها عمليات نحت وإذابة فتضهر لنا بشكل ظاهر في شكل الكهوف التي تنتشر في مواقع مختلفة في سلسة الجبال أو عيون مائية. كما أن الطبقات الصخرية التي تتكون فيها هذه العيون تحمل نفس المنشأ. موضحا أنَّ العيون تحدث ما بين ثلاث طبقات يسميها المختصون الدمام وهي الطبقة الأولى وتتكون من حجر جيري، والطبقة الثانية والتي تتكون من خليط من الطين والحجر الجيري وتسمي هذه الطبقة بالرس، والطبقة الثالثة وتسمى بأم الرضومة وإن هذه التسميات أطلقت على هذه الطبقات التي تتشابه وتحمل نفس الخصائص والتكوينات للاسم الأول الذي تم اكتشافه فيه.
وحول تكوين العيون المائية في محافظة ظفار، فإنها تقع بين الطبقتين الثانية والثالثة. موضحا أن أغلب العيون تنبع من بين هذه الطبقات وكذلك عند قواعد الجبال. كما أن الاحتكاك بين الطبقات ينجم عنه تكوين حمض يسمى بحمض (الهيدروكاربونيك HCO3). ومن مصادر العيون تأتي الأمطار الموسمية في المقدمة وهي المصدر الأول لتغذية الخزان الجوفي في منطقة الجبل والسهل وتختلف كمية الأمطار من منطقة إلى أخرى، وتهبط أمطار الخريف بشكل منتظم على منطقة السهل والجبال المحاذية له خلال الفترة من نهاية يونيو إلى سبتمبر سنويا، بجانب الأمطار المدارية والإعصارية والتي تعد مجتمعة الخزان الرئيسي للخزانات الجوفية.
وحول تفاوت نسبة الأمطار الموسمية في المواسم، فإنَّ ذلك يُؤثر في الوقت ذاته على كمية المخزون الجوفي، إلا أنَّ الموسم الحالي يبشر بالخير ولله الحمد. ويعد الرذاذ الآلية الانسب للخزانات الجوفية؛ كون هذا النوع من التساقط يهطل بشكل خفيف ولا يسبب جريانا شديدا مثل ما تحدثه الامطار الغزيرة التي تسببها الأمطار المدارية.
ويرى المختصون أنَّ الاستفادة من مياه أمطار الخريف أكبر من الاستفادة من الأمطار الأخرى؛ كونها تسبب جريانا شديدا ويذهب أغلبها إلى البحر. ويصل المعدل العام لمتوسط الأمطار على مدى ثلاثين عاما بحوالي 252 مليون متر مكعب، وتعزى زيادة نسبة الهطول لديمومة العيون المائية بما يتخزن لديها من مخزون مائي نتيجة لهذا الهطول وتقوم وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه بالدراسات على العيون وفحصها، والتأكد من نسبة التلوث والملوحة...وغيرها من الفحوصات اللازمة، وتعد نسبة التلوث في العيون مسالة قليلة الحدوث إلا في حالات معدودة وتكون بسبب تحلل روث الحيوانات وذوبانه من مع المياه الجوفية.