"QNB": النمو العالمي يستعصي على التوقعات لضغوط التباطؤ الصيني وتداعيات هبوط السلع

 

الرؤية - خاص

استبعد التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" أن يعوض تخفيف السياسة النقدية بالكامل عن الآثار السلبية لحالة عدم اليقين السياسي، وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، ونتيجة لذلك يتوقع التقرير أن يبلغ النمو العالمي 2.9 في المئة خلال عام 2016، وهو أبطأ معدل نمو منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009، ويبدو أن الاقتصاد العالمي سيخيب الآمال مجدداً على الرغم من التوقعات المتفائلة.

وفي تقريره الذي صدر مؤخراً حول آفاق الاقتصاد العالمي، قام صندوق النقد الدولي بتعديل توقعاته للنمو العالمي في 2016 بتخفيضها بنسبة 0.1 نقطة مئوية إلى 3.1 في المئة. ويتوقع صندوق النقد الدولي حالياً أن تنمو الاقتصادات المتقدمة بنسبة 1.8 في المئة والأسواق الناشئة بنفس نسبة 4.1 في المئة المعلنة سابقاً. ويرى تقرير بنك قطر الوطني أن توقعات النمو الجديدة لا تزال مفرطة في التفاؤل، وقد تخضع لمزيد من التخفيض خلال الأشهر المقبلة. وقال إن من المرجّح أن يتأثر النمو العالمي سلبياً بحالة عدم اليقين السياسي، والتباطؤ الاقتصادي في الصين، وتداعيات انخفاض أسعار السلع الأساسية في الاقتصادات الناشئة.

والسؤال المطروح الآن: لماذا قام صندوق النقد الدولي بتخفيض توقعاته السابقة للنمو العالمي؟ والإجابة هي أن قرار المملكة المتحدة بالخروج من الاتحاد الأوروبي، السبب الرئيسي وراء ذلك. وقد أدى تفاقم عدم اليقين السياسي نتيجة ذلك القرار البريطاني إلى قيام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للنمو في الاقتصادات المتقدمة، وبالتالي لنمو الاقتصاد العالمي بشكل عام. وفي نفس الوقت، يرى صندوق النقد الدولي أنه من المرجح أن لا يكون هناك تأثير يذكر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي على الاقتصادات الناشئة، وهو ما دعاه لعدم تغيير توقعاته السابقة لنمو بلدان هذه المجموعة. وقد ظل منحنى تخفيض التوقعات بشأن نمو الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة يتخذ مساراً مألوفاً. فمنذ عام 2011، ثبت أن التوقعات التي تم الإعلان عنها في بداية كل سنة كانت مفرطة في التفاؤل. وقد تم تعديلها وخفضها في وقت لاحق من قبل صندوق النقد الدولي. ويبدو أن كل عام يبدأ بآمال عريضة بانتهاء الأزمات السابقة وبدء مرحلة انتعاش مستديم، غير أن النمو كان دائماً يخيب تلك الآمال في نهاية المطاف، فيتم تخفيض تلك التوقعات استناداً إلى حقائق الواقع.

ومن غير المتوقع حدوث أي اختلاف هذه السنة، إذ تشير الإحصاءات إلى احتمال مراجعة توقعات النمو لعام 2016 بتخفيضها أكثر. ومنذ عام 2011، ظل صندوق النقد الدولي يراجع توقعاته للنمو بالتخفيض بمعدل 0.2 نقطة مئوية بين يوليو وأكتوبر. وإذا استمر الأمر على هذا المنوال، فمن المتوقع انخفاض النمو العالمي إلى 2.9 في المئة عند نشر المجموعة التالية من التوقعات في شهر أكتوبر المقبل.

وهناك أيضا عوامل اقتصادية تدفع للاعتقاد باحتمال انخفاض النمو العالمي لأقل من نسبة 3.1 في المئة التي تم تحقيقها في عام 2015. وبالمقارنة مع السنة السابقة، نجد هناك ثلاثة عوائق كبيرة قد تؤدي إلى تباطؤ النمو. أولاً: هناك تزايد لحالة عدم اليقين السياسي على المستوى العالمي مقارنة بالعام الماضي. ويعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي أحد أسباب حالة الغموض هذه لكنه ليس السبب الوحيد. كما أن عدم اليقين مرتبط أيضا بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي ستنظم في نوفمبر المقبل، علاوة على العديد من المخاطر الجيوسياسية حول العالم. ومن شأن حالة عدم اليقين التي تنتج عن هذه العوامل أن تمثل عبئاً للاقتصاد العالمي في ظل احتمال تأجيل قرارات الاستثمار والاستهلاك إلى حين تراجع حالة عدم اليقين السياسي.

ثانياً: من المتوقع أن يتباطأ النمو في الصين في عام 2016 مقارنة مع 2015. وحتى في ظل السيناريو المتفائل بعدم حدوث هبوط حاد، فمن شأن التباطؤ طويل الأمد للنمو في الصين أن يشكل عامل تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ النمو في الصين من 6.9 في المئة في 2015 إلى 6.6 في 2016. وبما أن الصين تمثل ما يقارب حصة 18 في المئة من الاقتصاد العالمي، فمن شأن تباطؤ اقتصادها بمفرده أن ينقص 5 نقاط أساس من النمو العالمي.

ثالثاً: من المحتمل أن يؤدي تراجع أسعار السلع الأساسية إلى تباطؤ في النمو في الدول المنتجة. وقد انتعشت أسعار السلع الأساسية مؤخراً، ولكن لا تزال هناك توقعات بأنها ستكون أقل في المتوسط هذا العام مقارنة بالعام الماضي. وحتى تاريخه، نتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط 41 دولاراً للبرميل في عام 2016، أي أقل من متوسط عام 2015 الذي بلغ 54 دولاراً للبرميل. ويشكل هذا التراجع ضغطاً على الموارد المالية للدول المنتجة للنفط، مما يؤدي إلى خفض الإنفاق وتباطؤ النمو في تلك الدول.

لكن الأمر الذي سيعوض جزئياً عن هذه العوامل السلبية هو احتمال تخفيف السياسة النقدية في الاقتصادات الأكثر تقدماً؛ حيث يُتوقع أن يقوم كل من البنك المركزي البريطاني والبنك المركزي الياباني والبنك المركزي الأوروبي بتقديم محفزات نقدية في وقت ما من العام الجاري. ويمكن أن يؤدي الانخفاض في سعر الفائدة الناتج عن ذلك إلى هروب رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة بحثاً عن عوائد، وهو ما سيخفف ضغوط التمويل على هذه الاقتصادات الناشئة.

تعليق عبر الفيس بوك