علاقة الأستاذ بالتلميذ

سعيد الشعيلي

عندما كنا صغارا في المدرسة كانت علاقة الأساتذة بنا كطلاب مثل علاقة الأب بابنه، من حيث فرض السلطة والعقاب. وكان الأستاذ بالنسبة لنا هو مصدر الأوامر التي يجب أن لا تخالف. نادرا ما كان يحصل نقاش بين ما يقوله الأستاذ وبين ما نؤمن به، وتتضخم هذه النظرة عند بعض الأساتذة حتى أننا نصل لحد إذا سلك الأستاذ طريقا سلكنا طريقا غيره. وربما كان هذا الشيء من متطلبات مرحلة الطفولة حيث تغلب على الأطفال روح الشقاوة والعناد، لكن المؤسف حقا أن تستمر هذا العلاقة حتى بعد الدخول في مرحلة الجامعة ومرحلة العمل.

عندما بدأت بالدراسة في الجامعة لاحظت أنّ هذه العلاقة لا تزال حاضرة بقوة، خصوصا عند بعض الدكاترة العمانيين والأجانب بحيث يصل الحد عند بعض الطلاب بالخوف من أن يسأل سؤالا أشكل عليه فهمه في المحاضرة، فبمجرد السؤال ينهال عليك سيل من التوبيخ أمام زملائك وأنت في مرحلة جامعية. هذه العلاقة حرمت الكثيرين منا من بعض المعلومات المهمة التي كان يفترض أن يسألوا عنها في المحاضرة.

عندما وصلت لبيئة العمل كنت أظن أنّ هذه العلاقة انتهت وأنّ العلاقة الآن بينك وبين أي مسؤول تلتقي به هي علاقة موظف بموظف لكن ما لاحظته العكس تماما حيث لا يزال الكثير منا وهو في بيئة العمل يتعامل مع مسؤوله بمثل ما يتعامل به التلميذ مع أستاذه. يخاف من المناقشة ومن السؤال عن المعلومة ويصبح مجرد متلق للأوامر فقط. هذا الشيء هو نتاج تربية تربى عليها الموظف منذ أن كان تلميذا في المدرسة وساهمت في خلق شخصية ضعيفة مهزوزة في بيئة العمل. بهذه الصورة أستطيع الجزم أننا نخسر الكثير من مواهب الشباب العماني في سوق العمل، فأنت عندما تنتج موظفا يشبه الآلة ولا يستطيع المناقشة فأنت تقتل فيه روح الإبداع والابتكار، إنّ ما يجب أن يعيه كل شاب عماني وصل لسوق العمل أن من حقك أن تبدي رأيك وأن تعترض على ما تراه سيئا بطريقة رسميّة تكفلها لك القوانين، وأن مجرد اعتراضك على نقطة سلبية في بيئة عملك لا يعني أنّ المؤسسة التي تعمل بها ستقوم بفصلك من عملك.

في غالب الأوقات قد لا تكون المؤسسة على علم بالسلبيات التي بها والسبب أن الموظفين لا يقومون بنقل مقترحاتهم إلى الجهة المختصة وإنما يكتفون بالتذمر فقط.

عطر الكلام:

لا تربوا أولادكم على الخوف بل ربوهم على الاقتناع والمناقشة.