قضت 7 سنوات في دراستها الجامعية بسبب الاختيارات الخاطئة

سنوات العمر أثمن من أن تهدرها الاختيارات الجامعية الخاطئة

رصدت التجربة – عزة الحسينية

حلمت لسنوات بالالتحاق بجامعة السلطان قابوس، ومن أجل ذلك اجتهدت في دراستها على قدر استطاعتها، وشاركتها والدتها الحماس والحلم، لتفاخر بها أمام الأقارب والجيران كعادة كل الأمهات. وحصلت "ع. ع" في الثانوية العامة على نسبة 91% وقُبلت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في العام 2009 ووقع الاختيار على هذه الكلية تلبية لرغبة الأم.  

لكن بعد الالتحاق بالدراسة، وجدت "ع.ع " صعوبة بالغة في إتمام دراستها بكلية الاقتصاد نظرا لرغبتها في دراسة الإعلام وهو التخصص الذي رفضته الأم رفضا قاطعا. وكان التخبط واضحا في إتمام الساعات الدراسية والخطة الدراسية الخاصة بها، مما أدى إلى تأخرها في إنجاز الفصول الدراسية كما هو مقرر لها في الخطة. وقضت "ع" أربعة فصول دراسية كاملة في الكلية بواقع 28 ساعة معتمدة فقط وهو عدد ساعات أقل مقارنة مع هذه الفترة الزمنية، في ظل الاستسلام للأمر الواقع ومتابعة الدراسة في التخصص على أي صورة.

ونظرًا للظروف المعيشية دون المتوسطة التي تعيش فيها الطالبة وبهدف القدرة على مساندة والدتها قررت "ع" الارتباط مبكرًا وهي على مقاعد الدراسة الجامعية، لتمنح أمها فسحة أكبر في التصرّف براتب أبيها التقاعدي على إخوتها دون التفكير في مصاريفها، وكان هذا هو الحل الوحيد المتاح للفتاة في ذلك الوقت، وكان الزواج أحد العراقيل التي عطلت مسيرتها التعليمية، فقد كانت مسؤولة عن دراستها ووجدت نفسها خلال مدة قصيرة مسؤولة عن تراكم الواجبات والالتزامات الجامعية إلى جانب ما أفرزته الحياة الجديدة من حقوق وواجبات.

واستطاعت "ع" خلال فترة الزواج التحويل إلى كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بعد قضاء سنتين ونصف في كلية الاقتصاد واختارت أن تحقق حلمها حتى وإن كان متأخرا، وأثبتت قدرتها على تحقيق معدلات جيدة في المواد الدراسية التابعة للتخصص، وواجهتها عقبة أخرى في مسيرتها الجديدة وهي الحمل الذي لم تعتبره عقبة وإنما مسؤولية مضافة إلى قائمة المسؤوليات الأخرى، وهنا قررت أن تواصل الدراسة وأن تتخطى هذا الظرف المفاجئ وعقب الولادة أصبحت غير قادرة على تجاوز مشاعر الأمومة وأدركت أن احتياج طفلها الوليد يفوق احتياجها للدراسة وأكثر أهمية من مستقبلها. وهكذا وضعت "ع.ع" جميع الأطراف في الميزان لتجمد فصلا دراسيا آخر لتمارس دورها الجديد بكفاءة عالية. وعادت بعدها إلى مقاعد الدراسة وهي تدرس مواد الفصل الثالث المخصصة للسنة الثانية من خطة الإعلام في سنتها الجامعية الرابعة، ولم تشعر بأي إحباط جراء هذا التأخر وتابعت بكل اجتهاد دراستها وتمكنت من اجتياز العقبات وتخصصت في الصحافة والنشر الإلكتروني وهو الهدف الذي سعت من أجله منذ أن كانت تواظب على المشاركة في أنشطة الصحافة والإذاعة المدرسيّة.

وكانت في كل سنة دراسية تمر تزداد صعوبة في جانبيها النظري والعملي، لكن كان حماسها أقوى من كل الصعوبات، حتى أصبحت أمام حمل آخر وتجربة أخرى للأمومة ومشاكل صحية ألمَت بها خلال تلك المدة لكن جهودها تضافرت من أجل ألا تقع مرة أخرى في فخ التأجيل وإفلات السيطرة على خط مسيرتها التعليمية المرسومة.

وأصبحت "ع" في السنة السادسة من الدراسة وتحظى بسمعة طيبة بين الأكاديميين والطلبة لكن مع ذلك كانت تتحرج أن تصرح بسنة التحاقها بالجامعة، لكنّها كانت متقدة ونشيطة كمن يصغرها سنًا داخل الصف الدراسي بيد أنّها ليست منضمة لأي جماعة أنشطة جامعيّة لانشغالها بعد فترة الدوام بدورها كأم وكرئيسة لجنة إعلاميّة في فريق تطوعي تابع للولاية.

وحانت سنة التخرج التي كانت يجب أن تكون قبل سنتين من موعد التخرج الحالي، لكنّها الآن في السنة السابعة تشعر بسعادة التخرج كأي طالب وتعلق حلما آخر على المؤسسات التي ستمنحها فرصة التوظيف لتستطيع تضمين كل المعارف النظرية في أطر عملية فاعلة إلا أنّها بعد انقضاء فصلين دراسيين اكتشفت أنّها يجب أن تدرس 4 مواد أخرى سقطت سهوًا من حسبانها ولم يتم معادلتها نظرًا لتغيير الخطة الدراسية أثناء الدراسة بخطة أخرى. ويكمن الخطأ في عدم اهتمام "ع.ع" بمتابعة أمور دراستها مع المشرف الأكاديمي، حيث إنّ هناك فجوة كبيرة بين المرشد الأكاديمي والطالب فلا تعقد لقاءات منتظمة بين الطالب ومشرفه ليمكن تحديد المشاكل التي يواجهها الطالب فضلا عن ضعف حلقة الوصل بين العمادة ومشرفي الطلبة. وتستعد "ع.ع " للتخرج من الجامعة بعد قضاء 7 سنوات بين فصولها الدراسية حاملة معها معارف متنوعة ربما تشفع لها كل هذا التأخير.

تعليق عبر الفيس بوك