ميسي.. وضجيج الاعتزال!

 

 

حسين الغافري

لم يطغَ حدث فوز تشيلي بكأس كوبا أمريكا المئوية مثلما قامت الدنيا ولم تقعد على خبر اعتزال نجم الكُرة العالمية والأرجنتينية ميسي من تمثيل مُنتخب بلاده في الاستحقاقات القادمة. مُباراة مثيرة شهدها النهائي المئوي في نسخة مُكررة لنهائي البطولة الماضية بتشيلي. ومن الممكن القول بأنَّ الأرجنتين كانت مُرشحة فوق العادة لتحقيق هذه البطولة والجميع راهن على فوزهم بالنهائي مع إن المُنافس يعيش فترة زاهية في مشواره الكروي بنجوم من الدرجة الأولى تنّشط في كبرى دوريات العالم كأمثال فيدال وسانشيز وبرافو وفارجاس وغيرهم!

ولعلَّ ما يمكن تفسيره من خبر إعلان ميسي اعتزاله اللعب دولياً هي: حالة الإحباط التي يعيشها منذ تمثيله لأول مرة لمُنتخب بلاده إضافة إلى المُقارنات المُستمرة من عدم إجادته وصُنّعه للفارق مثلما هو عليه في برشلونة؛ كونه علامة فارقة وسلاح مخيف بقميص البلوجرانا، أما في الأرجنتين فلا يظّهر كذلك في كثير من اللقاءات مع إن المعطيات ومحيط اللاعب يختلف في الأرجنتين عما هو عليه في برشلونة سواء من الطريقة الفنية التي يلعب بها في المُنتخب المُختلفة تماماً عما هي في برشلونة، وكذلك الأسماء في الجانبين وكفاءتهم!

مسألة الدعم المعنوي هي تفسير آخر لقرار الاعتزال؛ ففي الأرجنتين لا يُمكنه تقديم الشيء الكبير مع إستمرار الإعلام في محاربته من جهة، والأسطورة مارادونا من جهة أُخرى. حتى قبل النهائي صرّح مارادونا بأن ميسي لا يُمكن أن يكون قائداً للأرجنتين بسبب شخصيته الغير قيادية في وقت كان من المهم تكاتف الجميع بما إن المُنتخب هو للجميع!. أما من ناحية الصحافة والإعلام الأرجنتيني فكما ذكرت هي قصة أخرى لمحاولة التشكيك في ولائه لبلاده وتقديمه الإضافة والمقارنات مع برشلونة في صنعه للفارق.

الدكة الفنية بالمُنتخب الأرجنتيني سبب ثالث لقرار ميسي إضافة لفقدانه الألقاب، ولا يمكن أن تمّر مرور الكرام. وهي قرارات اتخذها المسؤولون باتحاد اللعبة الذي اشتكى ميسي من سوء إدارتهم وتنظيمهم لرحلات الطيران خلال البطولة الأخيرة. أما جانب المُدربين، فالخيارات التي يُعّتمد عليها المنتخب منذ مدة جانبها التوفيق -إن صح التعبير. على سبيل المثال، حتى الآن المدير الفني مارتينو لم يظهر أي إضافة فنية مع المنتخب، وكل ما تحقق في وصول لنهائي الكوبا مرتين لا يتجاوز مسألة جهود لاعبين! مع أن استقدام مارتينو جاء بغرابة -نوعا ما- خصوصاً إنْ أخفق في برشلونة بشكل واضح. مع كل هذا فالغريب أن كفاءة المدربين الأرجنتينين في أوج ذروتها وهي فترة زمنية زاهية من خلال الأسماء الفنية الكبيرة التي أثبتت جدارتها في كبرى المُنتخبات والأندية.. سيميوني مع أتلتيكو مدريد الإسباني صنع منه قوة عظيمة يُحسب لها ألف حساب في أوروبا ككل!. سامباولي الذي تعاقد معه أشبيلية الإسباني قبل أيام كان خيار ممتاز وقد أثبت حسّه الفني وقراءاته الدقيقة للمباريات مع تشيلي خلال الكوبا الماضية وحقق معهم اللقب. مارسيلو بيلسا أيضاً خيار ممتاز للغاية وقد خاض فترة موفقة في أتلتيك بلباو الإسباني ومارسيليا الفرنسي. أيضاً بوكاتينهو مدرب توتنهام الإنجليزي واحد من بين الأسماء الأرجنتينية الكبيرة في عالم التدريب.. والقائمة تطول.

ومهما كان قرار ميسي بعد النهائي فهو قرار يُفسِّر الظروف التي يعيشها والحالة النفسية السيئة التي يمّر بها مع خسارته النهائي الكبير الثالث في آخر ثلاث أعوام متتالية، خسر نهائي كأس العالم أمام ألمانيا والكوبا مرتين أمام تشيلي. صحيح إن الفرصة لازلت ممكنة والبطولات والاستحقاقات مُقّبلة من جديد، إلا أن نهائي كأس عالم آخر من الّصعب تكراره بهذه الظروف. ومع الدعم الكبير الذي تلقاه في محاولة ثنيه عن قراره .. لاشك في إنه سيكون حاضراً في كأس العالم المقبلة بروسيا.. الطموح بلقب ككأس العالم لازال بعين ميسي.. وهو لقب إن تحقق سيضعه جنباً إلى جنب مع أساطير الكرة أمثال ماردونا وبيليه الذي حقق المجد بكأس العالم.. وقد يتجاوزهم.

HussainGhafri@gmail.com