حقيبة المعاملات الحكوميَّة

يوسف البلوشي

دَخَل المستثمرُ قسمَ المراجعين لكي يشتم في مناخ الاستثمار الحالي فرصة لكي يضع فيها أمواله، يجلس على مقعد المراجع أمام الموظف بلا أوراق، وينظر إليه الجميع بنظرة دهشة واستغراب، لعله جاء مُستفسرا فقط، ولكن: هل يحتاج سؤاله كل هذا الانتظار؟!

وفجأة يقول للموظف إنه بصدد تقديم مُستنداته لطلب منافذ الاستثمار، والذي يرد طالبا منه مستنداته وأوراقه الثبوتية لكي يفتح له الملف كما هو الدارج، ويخرج هذا المستثمر جهازه اللوحي وقرصا مدمجا وجهاز ذاكرة صغيرة سعة 4 جيجابايت، ويعطيه للموظف لكي يستخرج وينزل أوراقه، ويظل الجميع في دهشة وحيرة من ذلك...الجميع كانوا بانتظار أكوام الورق المحمولة!

لم تعد حقيبة الأوراق مجدية للتاجر والمستثمر بعد اليوم، عندما كان يجوب المندوب أو التاجر كل الوزارات وأحيانا يمكث في مجمع الوزارات القديم متنقلا بين طوابقه لينجز المعاملات ويخرج ليأتي يوم آخر فيه من الطلبات والمعاملات بشيء مختلف.

اليوم.. في ظل التعقيدات والروابط التجارية والمناخ الأستثماري، رَمَى الكثيرون بتلك الحقائب في سلة الزمن الغابر وأصبح ينتقل بالجهاز اللوحي أو بمستنداته الورقية في صيغة تطبيق إلكتروني وعلى وحدة ذاكرة "ميموري كارد" لكي ينجزها بعيدا عن البيروقراطية.

هذا الواقع الذي أصبح من الضروري أن نسلم به، ويجب أن نزيل عدم الاكتراث في ذلك لنفتح الأفق للتعامل الجديد مع المستثمرين الجدد بهذه الصورة رغم أنَّ النقلة النوعية في التعاملات التجارية أصبحتْ الآن عبر المواقع الإلكترونية وأيضا عبر منافذ سند وإنجاز المعاملات المختلفة، ولكن هي الحقيقة والصورة الذهنية التي يجب أن نتعامل معها مجددا بكل مرونة، وهي توفير واقع استثماري ملائم للتجار والاقتصاديين الذي يأتون من أجل وضع أموالهم ومدخراتهم في بلادنا ودون أي بيروقراطية ومعوقات.

ما نريده حاليا في ظل أزمة هبوط أسعار النفط: إيجاد آلية موحدة وسهلة للاستثمار التجاري وجذب المستثمرين والتسويق الأمثل لمشروعات السلطنة وتوزيع الاستثمارات؛ لكي لا تكون في سلة واحدة وتحت ضوابط ومستثمرين من جهة واحدة، بل تنويع المناخ الاستثماري وفتحه لمختلف الأجناس.

وبالمقابل، بادرة طيبة وحسنة قامتْ بها وزارة التجارة والصناعة، مُؤخرا، في استدعاء أصحاب السجلات التجارية المتعددة؛ حيث إن في ذلك زيادة من أعداد القوى العاملة السائبة والهاربة وممارسة التجارة المستترة؛ وهي التي تضيع فيها أموال البلاد، وأيضا تترهل بسببها التجارة والاقتصاد.

فيجب أن تقف الوزارة بحزم في قضية السجلات المتعددة وغير الفاعلة نحو دمجها أو إلغائها أو تصفيتها، خاصة وأنَّ هذه الطرق كدمج سجلات المؤسسات الفردية يستغرق يوما واحدا فقط لا تحتاج إلى وقت كبير لكي يقوم بها المستثمر أو التاجر.

لذا؛ علينا أن نكون حريصين على تنظيم هذه العملية وفق معيطات المرحلة الراهنة وسياستها الرامية إلى تنظيم هذا القطاع.

[email protected]