(المسكيت)، والمساكين، وأشياء أخرى!!.

إضاءة

مسعود الحمداني

(1)

في الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة مالية هائلة، تكاد تخنق كل شيء، وتقض مضجع كل مواطن، تظهر لنا (الحملة الوطنية لإزالة أشجار المسكيت)، والتي ستُكلّف الدولة في مرحلتها الأولى حوالي مليوني ريال، قابلة للزيادة بالطبع ككل مشاريعنا (الوطنية)، وكما صرّح المسؤولون عنها قبل بدءها، وستستمر هذه الحملة إلى منتصف عام 2017م، وهي أيضًا ككثير من المشاريع والحملات فترة قابلة للتمديد!!.

هذه الشجرة التي ظلت تعيش بين مزارعنا طيلة عقود، وتسبب الكثير من الأضرار البيئية، لم تحن لحظة قطافها إلا في هذه الفترة التي تبحث فيها الدولة عن أي (قرش) يسد العجز، أو يساهم في التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية..

أعتقد بأنّ هناك أولويات أهم من اقتطاع الأشجار، فالمزارع الخضراء في كثير من المحافظات قضت نحبها منذ زمن بعيد، ولم يعد معظمها قائماً إلا ما رحم ربي، لذلك لن يضر (الشاة سلخها بعد ذبحها).. فاتركوا (المسكيت)، وأمسكوا بما تبقى من خزينة الدولة.

(2)

بيان مجلس الوزراء الأخير، جاء جميلاً ومنمقاً وصيغ بعبارات إنشائية فخمة، وجاء مملوءا باللجان والدراسات والإسترتيجيات و(الحثّ)، و(بشّر) بإنشاء مركز التدريب الإعلامي، ومركز الإعلام الإلكتروني، (ولا تعليق على هذين المشروعين اللذين يأتيان في ظل الظروف المالية الصعبة)، وبارك (تقديم) وزارة التراث طلب تسجيل موقع قلهات ضمن قائمة التراث العالمي، ووجّه إلى ما تمّ التوجيه بشأنه في كل مرة، وركز على الأمن الغذائي، والسياحة..

وسارع الكتّاب والمحللون يحلّلون البيان، الذي في رأيي ركّز على الجانب النفسي للخطاب الإعلامي الجماهيري، وطمأنة المواطنين أنّ الأمور ما زالت على ما يرام، وهي لغة هامة في هذا الظرف ربما، ولكن كنتُ أتمنى أن يصدر ضمن البيان مشروع إستراتيجي واضح تمّ الانتهاء من (دراسته)، يُعيد التوزان إلى ميزانية الدولة، ويُعيد للمواطنين ثقتهم في الخطط والإستراتيجيات والمشاريع التي طال انتظارها، والتي ألغي بعضها بسبب تلك اللجان والدراسات، ونقص التمويل.

(3)

كنت أتمنى لو أن رجال الأعمال وأثرياء البلد الذين أثروا في أوقات الرخاء بادروا فاجتمعوا، وأصدروا بيانًا بإنشاء صندوق للمساعدة في هذه الأزمة، لكان ذلك خيراً لهم من التحليلات الاقتصادية التي لا تقدّم للوطن غير الكلام، ولو أنّ أولئك الذين نهبوا أموال الناس في أيام الغفلة، طهّروا (أموالهم) و(أعادوا) جزءا مما نهبوه إلى خزينة الدولة، كجزء من تأنيب الضمير، لكان ذلك أكثر وطنية من الدروس التي يقومون بإعطائها للآخرين عن (كفاحهم) (المشبوه) ليصلوا إلى ما وصلوا إليه.

(4)

يظهر البعض من (الوطنيين) ليعطوا المواعظ والنصائح، من باب الرفق بالوطن، ولا أعتقد أن أحداً يقسو على أمّه ووطنه، ولكن نقسو أحياناً على أبنائنا إذا ما أخطأوا، فكيف لا نقسو على مسؤول أوصل البلد إلى ما هي عليه، إما: تهاوناً، وإما لأنه اهتم بمصالحه الخاصة، واتجه إلى (التكويش) على ما يمكن الحصول عليه خلال فترة مسؤوليته، أو لأنّه رسم صورا وردية لمشاريع وهمية، وقبل كل ذلك ..لم يقم بتنفيذ توجيهات السلطان المفدى ـ حفظه الله ـ والتي كررها مرارًا وتكرارًا في خطاباته، ولقاءاته، وجولاته، ورغم ذلك كان التنفيذ بطيئًا، والفاقد من الأموال كبيراً، وكانت (اللجان الكثيرة والدراسات غير المجدية، والارتجالية) سبباً لوصول الأمور إلى ما وصلت إليه..

نحن نرأف بالوطن، ولكن نقسو على من لم يرأف به.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك