البلسم الشافي (الجزء الرابع)(12)

حمد بن عبد الله بن محمد الحــــوسني*

أيها الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات، تحدثنا في اللقاء (السادس) عن سبيل إبليس اللعين في إضلال بني البشر عن منهج الله القويم وشرعه المستقيم، وتحدثنا -أيضًا- عن أهمية التوجه إلى - سبحانه وتعالى- بطلب التوفيق والهداية لسلوك دربه والسير على منهجه، وذكرنا أن الدعوة إلى صراط الله هي جوهر ما جاء به النبي الأكرم -عليه من الله أفضل الصلوات وأزكى التسليم-، ودعا إليه؛ يقول الله - تبارك وتعالى-: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ. وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) [سورة الشورى: 51-53].

أيها الإخوة الأكارم والأخوات الكريمات، لنتأمل -وفقكم الله- كيف كان تكذيب دعوة النبي الخاتم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- من قبل من كان يدعوهم للسير على منهج الله -تعالى-، وكيف لفقوا ضده التهم الباطلة، وحاكوا حوله الدسائس، ونسجوا الأباطيل -وهذا هو مسلك المضلين في كل عصر ومصر مع الدعاة إلى الله- ورموه بالسحر، واحتقروا مكانته، وكيف رد الله عليهم، وتوعد الكافرين، ولننظر بم أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ يقول الله -سبحانه وتعالى-: (بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ. وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ. وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ. وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ. وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ. وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ. وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ. حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ. وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ. أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ. أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ. فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ. وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ) [سورة الزخرف: 29-45]، لقد أمره بالاستمساك بما أوحي إليه؛ لأنه على الصراط المستقيم.

والله -عز وجل- عند ما ذكر ما امتن به على النبيين الكريمين: موسى وهارون -عليهما السلام- كان من ضمن ذلك هدايته لهما إلى الصراط المستقيم: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ. وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ. وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ. وَآَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ. وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآَخِرِينَ. سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الصافات: 114-122].

أيها الأفاضل، إن سلوك طريق الله يعني القيام بعبادة الله -تعالى- كما شرع، والشيطان الرجيم -كما سبق- يحاول أن يضل الناس عنها، وأن يحرفهم عن مسلكها: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ. وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) [سورة يس: 60-62].

* أمين الصندوق بالجمعية العمانية للعناية بالقرآن الكريم، والمشرف العام لمسابقة رتل وارتق للقرآن الكريم

تعليق عبر الفيس بوك