حتى إشعار آخر

نظرة

آمنة الربيع

إنّ العمل الفني الذي يُمثل هويّتنا العربية هو الذي نتأمله دون تجاهل [لـ] أو تغافل [عن] حيوية مجتمعاتنا. وسأسعى هنا لتكوين صورة ذهنية عن النتاجات الدراميّة لكاتبات السيناريو. ومن المؤسف أنني لا أملك خارطة طريق تأخذني إلى بلاد المغرب العربي لمعرفة النتاجات الفنية التي هناك على صعيد كاتبات السيناريو التلفزيوني، على أمل أن تفتح هذه النظرة جميع الأبواب والنوافذ.

وينبغي تحديد قاعدة، أن حريّة الكتابة الدرامية في أيّ موضوع مسألة مفروغ منها. فلا يمكن لعاقل أن يأتي ليحاسب كاتبة السيناريو لماذا اختارت أن تكتب ما كتبت؟ ولماذا اختارت تلك (المصيبة) ولم تختر سواها؟ والكتابة الدرامية أيضا ليست ترفا، لاسيما إذا كان لكاتبة السيناريو مشروع تؤمن به وتريد أن تدافع عنه. وهذا لا يعني أنّ ساحة الدراما خالية من نماذج اختارت الترويج لنفسها بمجموعة من الأعمال الدرامية ذات الجدل التسويقي الرخيص ولسان حال هذه النماذج عند الدفاع عن أنفسهنّ واختياراتهن يتحلّق غالبا في فلك تذكير المتفرج بفظاعة مصائب المجتمع وأحقية قضيّتهم في الدفاع عنه. ومن واقع متابعتي واكتراثي بالموضوع أنّ أيّ معالجة درامية بسيطة ستكشف على الفور أنّ صاحب المُخيّلة تقليدية مهما كان حجم (المصيبة) الدرامية كبيرًا وثقيلا.

ولا أسعى لاقتفاء تطور الكتابة الدرامية لهؤلاء الكاتبات، فذلك يتطلّب متابعة دقيقة لأعمالهن، وإن كنا نقدر أن نميز بين مسلسلات كلّ كاتبة أو ما يجعلنا نقول باطمئنان وعلى سبيل المثال لا الحصر: إنّ مسلسل ضمير أبلة حكمت للمخرجة إنعام محمّد علي وبطولة الفنانة الراحلة فاتن حمامة الذي كان يدور حول حكمت هاشم "ناظرة مدرسة للبنات تحاول تحقيق حلمها بتطبيق تجربتها التربوية على كافة مدارس الإسكندرية ولكن تقف في وجهها عقبات كثيرة داخل المدرسة وخارجها، ويتم تعيين وكيلة وزارة غيرها علمًا بأحقيتها إلى أن يتم تكريمها وإطلاق اسمها على مدرسة نور المعارف كنوع من الاعتراف بفضلها في تطبيق تجربة مميزة في مجال التربية والتعليم" لا يمكن على نحو من الأنحاء وضعه جنبا إلى جنب مع مسلسل (أبلة نورة) للكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة، وتدور أحداث مسلسلها حول المعلمة نورة، وجسّدت شخصيّتها الفنانة العتيدة حياة الفهد، هي معلمة غير قادرة على الإنجاب وتعيش مع زوجها وشقيقه الذي قامت بتربيته وهو صغير في حب وسلام فتعُين نورة لتكون مديرة إحدى المدارس المليئة بالتسيب والغيرة والإهمال وسط بعض المعلمات على عكس بعض المعلمات الملتزمات اللواتي يعانين من الظلم وتحاول المعلمة حل مشكلات الطالبات والمعلمات بطريقتها الخاصة"، فهل ضمير أبلة حكمت، وضمير أبلة نورة يستويان؟ على الرغم من أن كليهما يتحدثان عن مشكلات التعليم وبيئة المعلمات والطالبات؟ هذا ما نستطيع أن نميزه بيسر واضح، لكن اقتفاء التطورمسألة نقدية أخرى.

تاريخيا، إذا تتبعنا كاتبات السيناريو ولنبدأ من عُمان، يُسجل خوض المغامرة لشيخة الفجرية بمسلسلين يتيمين هما (اليرام 2008، وبانتظار المطر 2010) فهل كان ينبغي لنا في عُمان أن ننتظر كاتبة محترفة لديها مشروعها الدرامي وقادرة على الاستمرارية في ظروف يراها المتفرجون مواتية للاستمرار في حين يرى غيرهم أنّها غير مواتية في المطلق! وبما أننا لم نصل بعد إلى عالم الاحتراف الحقيقي، لكننا قريبون منه، يتم الاستفادة من تجربة السيناريست البحرينية نوال الحوطة بمسلسلها (انكسار الصمت 2015) لتنقطع الاستمرارية حتى إشعار آخر.

ضمن قائمة (مائة مسلسل درامي عربي) هل تدخل المسلسلات العمانية الثلاث السابقة إلى القائمة؟ الجواب لا يهمني كثيرا. إنما الشيء المهم هو أن اجتذاب المتفرجين إلى متابعة الدراما التلفزيونية المحلية ما زال يشكو من غياب حلقة اتصال واضحة بين ما يطمح أن يراه (المجتمع) وبين ما يتطلبه التنافس الدرامي في سوق إنتاج الأعمال الدرامية بلغة العصر.

تعليق عبر الفيس بوك