بطولة "الرؤية" الرمضانية.. مبادرة نوعيّة جديدة

علي بن بدر البوسعيدي

 

من قال إنّ الإبداع حكرًا على الأصحاء فقط؟ كل من يعتقد ذلك عليه فقط أن يتابع فرق اللجنة العمانية للصم وهي تقدم أحلى العروض والأعمال في المحافل الخارجية الداخلية.. وأن يطالع خبرا صغيرا أوردته وسائل الإعلام الأسبوع الماضي تحت عنوان: "العُمانية للصم" يتصدر المجموعة الأولى في بطولة الرؤية الرمضانية لكرة القدم بـ7 أهداف".. ربما يمر الخبر على كثير منا مرور الكرام دون الوقوف عنده مليا أو قراءته قراءة متفحصة لما يتبدى بين السطور.. وحقيقة الأمر أنّ الخبر يحمل في طيّاته معاني عظيمة ورسائل إنسانية قيمة، ولكن قبل أن نوضح ذلك ينبغي أن نُزجي الشكر والتقدير أولا لجريدة الرؤية - منظمة البطولة- التي ما فتئت تمارس دورها في مضمار المسؤولية المجتمعية وما زالت ترفد المجتمع بشتى المبادرات الاقتصادية والاجتماعية والرياضية. كما أنّ هذه المبادرة الرياضيّة الرمضانية تجسيد لتوجيهات صاحب الجلالة - حفظه الله ورعاه- بإيلاء فئة الصم اهتماماً كبيراً، من خلال العمل على توفير كافة سبل الرعاية التي من شأنها أن تساعدهم على الاندماج في المجتمع.

ولم يعد يقتصر الاهتمام بذوي الإعاقة في عهد النهضة المباركة على الجوانب التعليمية والتثقيفية والوظائف فقط، بل خطا خطوات بعيدة حتى شمل الجانب الرياضي، لانّ هذه الفئة المجتمعية مثلها مثل سائر البشر ومثل سائر المواطنين ولها كل الحقوق مثل أي شخص معافى سليم، وكان الاهتمام بها منذ بواكير فجر النهضة المباركة، حيث أخذت الحكومة على عاتقها مهمة تأهيل الأطفال ذوي الإعاقة بتقديم كامل الرعاية لهم وابتعاثهم إلى الخارج لتأهيلهم وتدريبهم وبالتالي دمجهم في المجتمع، إذ لم تكن ساعتئذ هناك مراكز ومدارس خاصة بهم، ولكن الأمر اليوم اختلف كثيرًا فتعددت المراكز والمدارس الخاصة بذوي الإعاقة، وأصبحوا يشغلون كثيرًا من الوظائف الإدارية، وفي المجال الرياضي أخذوا يتبوأون المراكز الأولى والمتقدمة، ولهم مشاركات على المستوى الخليجي والمستوى الدولي فحققوا نتائج طيبة عكست الاهتمام الكبير الذي توليه حكومة السلطنة لتطوير الحركة الرياضية في البلاد وتوظيف طاقات الشباب والارتقاء بمستوياتهم.

لقد بعثت مشاركة فريق الصم في دورة جريدة الرؤية الرياضية الرمضانية رسالة هامة وهي أنّ الإبداع لا يقتصر على الأصحاء فقط أو على فئة محددة من المجتمع بل يشمل جميع أبناء الوطن إن صح العزم؛ وتمت رعاية فئة الاحتياجات الخاصة والرعاية الاجتماعية بصورة حسنة..

من الصور المشرقة أيضًا لهذا الفريق وهذه الفئة أن فريق كرة القدم للصم أحرز مركزًا متقدما في بطولة خماسيات الشركات، كما أن المنتخب العماني للصم سبق ومثل السلطنة في البطولة الخليجية لكرة القدم الخاصة بالصم التي أقيمت بمملكة البحرين واستطاع أن يحقق مراكز متقدمة في بطولة شاركت فيها معظم المنتخبات الخليجية الإمارات العربية ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والكويت

نتمنى أن نشهد مشاركات فئات أخرى من ذوي الاحتياجات وأن تبادر مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني لعكس إبداعات تلك الفئات.. ماذا لو طالعنا في القناة العامة برنامجا يستضيف مرضى متلازمة داون لرؤية إبداعاتهم وأريحيتهم، ماذا لو طالعنا مكفوفين وهم يلعبون رياضة الشطرنج.. أتمنى أن تقام تلك الأنشطة وتعرض على مرأى من الجميع وتبصر المجتمع بأن أبناء عمان بكل فئاتهم مبدعون.. وأن الأبداع كالشمس يسطع على الجميع

 

كل عام وسيدي قابوس وعمان بخير

 

 

تعليق عبر الفيس بوك