"QNB": الحوافز الصينية تزيد المخاطر رغم قدرتها على تعزيز النشاط الاقتصادي.. وارتفاع الديون بالصدارة

مسقط - الرؤية

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إن الصين قدمت محفزات كبيرة للاقتصاد خلال العام الماضي، الأمر الذي ساهم في تخفيف التباطؤ وزيادة النشاط في بعض القطاعات، لكن ذلك التحفيز ساعد أيضاً في نمو المخاطر، كما إنه لا يتماشى مع خطط التنمية الاقتصادية على المدى الطويل.

وخلال النصف الثاني من عام 2015، ردّت السلطات الصينية على تباطؤ النمو والنشاط الاقتصادي من خلال عدد من التدابير المحفزة للاقتصاد. وتوضح المؤشرات المختلفة أن النشاط في الاقتصاد الصيني قد ارتفع منذ ذلك الحين، وبالأخص في القطاعات الصناعية. ومع ذلك، فإن هذا الانتعاش في النشاط الاقتصادي لا يأتي من دون مخاطر، وأبرزها تلك المتمثلة في ارتفاع مستويات الديون وزيادة أسعار العقارات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التحفيز لا يساعد الاقتصاد على إعادة التوازن من خلال الابتعاد عن الاستثمار والتوجه نحو الاستهلاك بما يتماشى مع استراتيجية الحكومة طويلة الأجل.

وتراجع النشاط الاقتصادي في الصين خلال النصف الأول من عام 2015. وعلى سبيل المثال، تباطأ الانتاج الصناعي من 6.8% على أساس سنوي في يونيو 2015 إلى 5.6% في أكتوبر عام 2015. ورداً على ذلك، اتخذت السلطات الصينية عدداً من التدابير النقدية والمالية لتحفيز الاقتصاد. ففي مجال السياسة النقدية، تم خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك مرتين منذ يونيو 2015 من 18.5% إلى 17%، وبذلك تم تحرير المزيد من الأموال للبنوك لاستخدامها في أغراض الإقراض. كما تم خفض أسعار الفائدة على الإقراض والإيداع في النظام المصرفي بنحو 0.7% منذ يونيو 2015.

ومن حيث السياسة المالية، فإن الحكومة تتقدم في أهدافها التوسعية للعام 2016. فقد ارتفعت الاستثمارات العامة بنسبة 23.7% في مايو من العام الماضي. وأعلنت الحكومة مؤخراً تخصيص 4,7 تريليون يوان (724 مليار دولار أمريكي) للاستثمارات على مدى السنوات الثلاث المقبلة في مشاريع البنية التحتية للنقل.

وأدت التدابير التحفيزية من قبل الحكومة إلى دعم النشاط الاقتصادي. ورغم استمرار التباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل خفيف خلال الربع الأول من 2016، ارتفعت مؤشرات أخرى على زيادة النشاط الاقتصادي خلال الأشهر الأخيرة. فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى مستويات تفوق 50، وهو ما يشير إلى التوسع، وذلك من مستوى 48 في سبتمبر من العام الماضي. ثانياً، ارتفع الإنتاج الصناعي في شهر مارس (6.8%) وفي أبريل (6.0%). أخيراً، كان رئيس الوزراء لي كيكيانغ قد ذكر ثلاثة مؤشرات يفضل استخدامها لقياس النشاط الاقتصادي: استهلاك الكهرباء والشحن عبر سكك الحديد وإقراض البنوك. وقد ارتفعت جميع هذه المقاييس الثلاثة خلال الأشهر الأخيرة.

وأوضح التقرير أن معظم بيانات الأنشطة التي تشهد تحسناً تتعلق بقطاعي الصناعة والتصنيع. لكن المؤشرات المرتبطة بالاستهلاك تواصل التراجع. ويعزى التعافي في مؤشر مديري المشتريات بشكل كامل إلى قطاع التصنيع (47.2 في سبتمبر 2015 وحتى 49.7 في مارس)، بينما ظل قطاع الخدمات دون تغيير. وشهد النمو في مبيعات التجزئة تراجعاً مطرداً منذ نوفمبر. وتبين هذه المؤشرات أنه رغم مساعدة التحفيز الحكومي على دعم النشاط الاقتصادي في المدى القريب، فقد يكون ذلك على حساب الخطط طويلة المدى التي تهدف إلى إعادة موازنة الاقتصاد وتوجيهه نحو الاستهلاك أكثر. ورغم الارتفاع الذي شهدته أنشطة التصنيع، فإن استحواذ قطاع الخدمات على حصة من الناتج المحلي الإجمالي تفوق حصة الصناعة يعني أن الناتج المحلي الإجمالي لن يستفيد بشكل كبير من الانتعاش الأخير لأنشطة التصنيع.

والخطر الآخر هو أن تسهيل السياسة النقدية قد يؤدي إلى زيادة مفرطة في الأسعار في القطاع العقاري من خلال تشجيع الاقتراض بغرض شراء العقارات. وربما ساعدت التدابير في عكس اتجاه انخفاض أسعار العقارات؛ حيث كانت أسعار المنازل قد انخفضت بنسبة 4.5% في العام على أساس سنوي في 100 مدينة في أبريل 2015، ولكنها ارتفعت في وقت لاحق بنسبة 10.3% على أساس سنوي في مايو 2016. ورغم أن ارتفاع أسعار المنازل يمكن أن يساعد في تحفيز النشاط الاقتصادي على المدى القصير، لكنه يمكن أن يؤدي أيضاً إلى زيادة مخاطر عدم الاستقرار المالي.

وهناك خطر آخر يكمن في ارتفاع مستويات الديون، فقد ارتفع أوسع مقياس للدين في الاقتصاد الصيني من 204% في الربع الرابع من عام 2015 إلى 210% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من2016، وهو ما يعدّ مستوى سريعاً في نمو الدين، كما يعتبر عالياً بالفعل لسوق ناشئة. وتتفاقم مشكلة الديون بسبب تخفيف السياسة النقدية وزيادة الاستثمارات الحكومية التي يتم تمويلها جزئياً بالاقتراض.

تعليق عبر الفيس بوك