أهميّة الذكاء الصناعي

فايزة سويلم الكلبانية

يقال "إذا كان لابد من تصميم آلات تفكر كالبشر، فلابد لنا أن نفهم كيف يفكر هؤلاء البشر أولا !!"، حيث من الملاحظ في الآونة الأخيرة أن مجتمعنا العماني يزخر بالكثير من العقول المفكرة، والتي تسعى لتبتكر وتخترع كل ما هو جديد، باذلين الجهد الكثير والوقت لاستغلال ما يتوفر لديهم من مهارات حياتية وإمكانيات لتحويل الأفكار التي تدور في أذهانهم إلى واقع يخدم وطنهم، وحياتهم، ومما لاشك فيه أنّ بلادنا غنيّة بأصحاب العقول المفكرة بدءًا بطلبة المدارس والجامعات والكليّات، وانتهاءً بأولئك ممن تولدت لديهم خبرات اكتسبوها من تجارب الحياة المختلفة في تطوير مجال الابتكارات العلمية والتي تتعدد مجالاتها ما بين "الطاقة الشمسيّة، والإلكترونيّات، والروبوت" أو غيرها من مجالات التطور العلمي الأخرى.

ففي بعض الدول الصناعية المعتمدة على التقنية والعلم في اقتصادها وتقدمها، نجد كثيرًا من المصطلحات العلمية المتداولة بينهم ومن أكثرها شيوعًا مصطلح "الذكاء الاصطناعي" والذي أصبح كثير الاستخدام، لدرجة أنّ البعض ينتابه نوع من القلق والمخاوف بأنّ هذا المصطلح يعني سيطرة الآلات والتقنية لتعمل كبديل عن دور البشر في إنجاز الأعمال، بالرغم من أنّ الواقع لا يزال بعيدًا عن هذا المنظور، ولكن أملنا كبير في الوصول إلى تنمية مجتمعات تتميز بالابتكار والاستثمار التكنولوجي، بالإضافة إلى جذب المستثمرين الدوليين وأصحاب رأس المال المغامرين للاستثمار في نظام دعم التقنية الناشئة.

حقيقة الواقع بأنّه قد تكون بلادنا قد تأخرت في اهتمامها بالجانب العلمي والمعرفة والابتكار، ولكن أن ندرك أهميّة تطوير هذا الجانب خير من إهماله أو التأخر أكثر مما مضى، ولاسيما في ظل ما يعانيه العالم من أزمات متعاقبة وعلى رأسها تلك التحديات الناجمة عن تراجع أسعار النفط، والتي نلمس آثارها على اقتصاد جميع دول العالم عامة، إلى جانب ما وصل إليه اقتصاد السلطنة من تراجع وتأثّر، تسعى الحكومة والقطاع الخاص لإيجاد البدائل للنفط لكونه مصدرًا ناضبا بعد سنوات ليست بالبعيدة، ومن هذا المنطلق كثفت الجهود للاهتمام بقطاعات خمس واعدة متمثلة في قطاع التعدين، والقطاع اللوجستي، وقطاع الثروة السمكية، وقطاع الصناعة، وقطاع السياحة، لتلعب دورا حيويًا في تغطية العجز والتراجع الاقتصادي الناتج عن تراجع أسعار النفط، ولكن أرى أنّ هناك قطاعًا آخر يتطلب اليوم من الجهات المعنية المزيد من الاهتمام أيضا وهو مجال "الابتكارات العلمية" ولاسيما وأنّ هناك عددا ليس بالقليل من أبناء الوطن تنصب اهتماماتهم الذاتية بهذا الجانب أيضا، وحصدوا جوائز على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، ولكنهم بحاجة لنوع من الاهتمام من الجهات المعنية بالسلطنة بشكل أكبر، كونها أحد أهم قطاعات التنمية الاقتصادية بعدد من دول العالم المتقدمة التي لم تعتمد على النفط كمصدر رئيسي لدخلها وبناء البلاد، وذلك من خلال توفير الدعم وتسهيل عملية استخدام منظومة التقنية للعمل على نقل نتائج الأبحاث من المختبرات إلى السوق، وتحويل الافكار إلى ابتكار حقيقي كمشروع استثماري وخدمي، مما يشجع المبدعين في هذا المجال على حماية ابتكاراتهم والترويج لها، والعمل بجهد لتحويل أعمالهم وابتكاراتهم إلى منتجات وخدمات تتسم بالطابع التجاري، وهذا من شأنه أن يحول الابتكارات إلى مصدر دخل يساهم في التنمية الاقتصادية، من منطلق ربط المعرفة والابتكارات بالاقتصاد .

مؤكد أننا اليوم فعلا بحاجة للربط بين العلم والتقنية وتوطينها، وطرح التقنيات للمشاركة في تنميتها وتطويرها والحصول على تراخيص براءة الاختراع أو أي صورة أخرى من صور العلاقات التبادلية الاقتصادية، والأمثلة على ذلك عديدة، حيث كان للابتكارات العلمية والاختراعات دور هام في العمل كنقاط تحول في اقتصاد بعض الدول التي تهتم بهذا المجال، وتنفق بسخاء لتطويره وتفعيله، وقد يكون بالنسبة لها مخرجا من الأزمات التي تعاني منها تلك الدول المعتمدة على النفط في اقتصادها بشكل كلي، حيث إنّ الدول الصناعيّة اليوم تعتبر الاهتمام بالبحث والابتكار العلمي أساسًا من الأسس التي تبنى عليها نهضتها واقتصادها وتقدمها ومنافستها الدول الأخرى، فتقدر الاختراعات والمخترعين أصحاب العقول البشرية المفكرة، وتكرّمهم لاجتهادهم الذي لا ينحصر على مجال واحد فقط، بل يتعدى ذلك ليشمل كافة مجالات الحياة.

Faiza@alroya.info

 

 

تعليق عبر الفيس بوك