الكيان الصهيوني.. يتقاعد!

علي المعشني

الكيان الصهيوني الغاصب بإيجاز:

- الكيان الصهيوني يعيش حالة حرب واستنفار منذ تأسيسه 1948م، وهي حالة غير مسبوقة في التاريخ!

ـ كيان يتعاقب على قيادته رجال حرب وجاسوسية!

ـ جميع عقول مبدعيه هم من مهاجرين غير مؤسِّسين له، وأعداء لثقافة الحرب التي تسوده، وتسيطر على ذهنيات قادته تباعاً؛ فالعقلية العسكرية لا تؤسس لثقافة سلام أو إبداع أو تنمية.

- كل حرب يخوضها الكيان تتسبَّب في هجرات معاكسة منه، والذي يعاني أصلاً من خلل مرعب في النمو والتركيبة السكانية.

ـ 23% من الصهاينة أبدوا استعدادهم للهجرة، إلى خارج الكيان، إذا تأكد لهم حيازة إيران لسلاح نووي، في استطلاع عام 2009.

ـ حرب غزة عام 2008م، هي أول حرب يخوضها الكيان داخل جغرافيته المزعومة، الأمر الذي حمل الكثير من نذر الشؤم والفناء لساكنيه ومغتصباتهم.

ـ الـ39 صاروخاً التي أطلقها العراق على الكيان الصهيوني عام 1991م، خلقت واقعاً عسكرياً جديداً في الصراع العربي الصهيوني، والذي اعتاد على مواجهات بين جيوش نظامية وخارج جغرافيته المزعومة، وبعيداً عن عمقه.

ـ مواجهات المقاومة الوطنية اللبنانية مع الكيان، والنيل منه في العُمق، خاصة حرب يوليو 2006م، برهنت على أن الكيان استبيح من قبل المقاومة، بفضل وصول سلاحها إلى أي نقطة فيه، وإختراقها الإستخباراتي لأجهزته الأمنية والعسكرية رأسياً وأفقياً، الأمر الذي مكن المقاومة من استدراجه في مواجهة استباقية، وتفتيت حلقات مؤامرته قبل أن تكتمل وفضحه وإشهار إفلاسه، في سا بقة لم يعهدها العدو ورعاته منذ قيام كيانه المزعوم.

- لم ينتصر الكيان الصهيوني عسكريًّا منذ معركة الكرامة مع الجيش الأردني عام 1968م وصولًا إلى حرب غزة عام 2014م، مرورًا بحروب: الاستنزاف، وحرب 73، وحرب لبنان 82، ثم المواجهات مع المقاومة أعوام 2000 و2006م وفي غزة أعوام 2008م و2012م. ولكنه كان يستغل الوهن والشتات العربيين وقوة رعاته لتحقيق انتصارات سياسية تغطي على تلك الانتصارات العسكرية.

- أغلب ساكني الكيان الصهيوني، يحملون أكثر من جنسية، في دلالة جلية على عدم الاستقرار النفسي الذي يعيشه الكيان وساكنوه، وشعورهم بشعور المجرم الذي تؤرقه جريمته وتستقر في عمق نفسيته وتؤدي به إلى التشتت والقلق، وشعورهم بالزوال في أية لحظة، فيتعاملون مع كيانهم كشركة رابحة يهددها الإفلاس في أية لحظة!

- علماء وعقول الكيان هم من المهاجرين الجدد وليسوا ممن عاشوا في ظل الحروب والعصابات والتعبئة والشحن النفسي والفكري لجو الكيان الغاصب الموبوء بكل أشكال الأمن والتوجس والريبة والخوف.

- يتكون الكيان الصهيوني من 102 جنسية و81 لغة، وهرتزل لم يكن متديناً أصلاً. لذلك دعا إلى قيام دولة لليهود، وليس دولة يهودية، وقصد بذلك استيعابها لجميع أطياف اليهود، الطائفية والفكرية والجغرافية والثقافية والعرقية؛ لذا تكون الكيان من فسيفساء متنافرة لا تربطها سوى خيوط واهية من المصالح المادية الموقته، وأكذوبة أرض الميعاد وفق الفكر الصهيوني، وخطر الزوال، لوجوده وسط بحر من الكراهية والرفض!! يستدر بها عواطف السُذج في العالم.

- الجندي الصهيوني الذي يخوض حرباً واحدة، يحال إلى الاحتياط لترميم نفسيته المُحطمة؛ لهذا فعقيدتهم العسكرية لا تتحمل حروباً طويلة، أو حروب استنزاف، أو كثرة خسائر أو أسرى، وزادهم إرتباكاً وإحباطاً استهدافهم في العمق، ومن الداخل (كحروب تموز (يوليو) وغزة).

ـ كيان محاصر بالحروب والكراهية والاحتقار ممن حوله.

ـ كيان يُؤمن أبناؤه بأنهم زائلون بالقوة الحقيقية وزائلون بالسلام الحقيقي كذلك، إفناءً أو تلاشياً أو ذوباناً. وهذا غيض من فيض لهذا الكيان المتفرد في كل شيء، وبخلاف ما دأب عليه البشر وتقبلته نواميس الحياة والتاريخ والمنطق.

ـ لو سألت أي صهيوني بداخل الكيان الغاصب، ومن أي شريحة كان، وأي كان موقعه، عن فلسفة ومكونات ما يسمى بالحفاظ على أمن إسرائيل، لتعلثم طويلاً وتردد كثيراً، لان ما يسمى بأمن إسرائيل هذا وهم غير محدد لهم وغير مفهوم لهم كذلك بحدوده وكميته ومكوناته، فهو عنوان هلامي وغير معلوم المعالم أو الاشتراطات أو الجغرافية، فهم لا يعلمون هل أمن إسرائيل يتحقق بالسلام، أم بالاستسلام! أم بنزع السلاح من دول الطوق، أم بنزع سلاح العرب جميعهم، أم بإخلاء البلاد العربية من الأحجار والعصي وسكاكين المطابخ، أم بقتل الذكور من العرب، وبنزع أسنان النساء وتقليم أظافرهن بعد ذلك، أم.. أم.. أم.. أسئلة كبرى حائرة، لهذا الكيان المسخ والذي يحمل في مكنوناته كل بذور الفناء والزوال الأبديين.

وبما أنَّ فلسطين قضية وقف لجميع المسلمين، وقضية إنسانية عادلة، فإن فوبيا أمن إسرائيل وضماناته ستمتد إلى كافة المسلمين وإلى شرفاء العالم كذلك.

الصهاينة لا يمتلكون القدرة على التضحية كما هي الحال لدى العربي والمسلم، وهذا هو الفارق ما بين أهل الحق، وأهل الباطل عبر التاريخ. إنها لعنة الجريمة التي تطارد المجرم، وعدالة السماء، ووهج الحق الذي يأبى أن ينطفئ أو يموت.

هناك سببان رئيسيان لتخلف العرب لا ثالث لهما؛ هما: الإرث العثماني الذي خلف 6 قرون من القطيعة مع العلم والمعرفة والتطور واستبدلها بالجيش الانكشاري والعسكرة والدروشة والحروب والخصومات والثأرات، وغرس الكيان الصهيوني في قلب الأمة وإحاطته بكل أسباب الرعاية والقوة من قبل رعاته.

السبب الأول استطاعت الأمة تجاوزه بقدر معقول من الانعتاق من أغلال التاريخ العثماني وتبعاته وآثاره. أما السبب الثاني، فمن المستحيل تجاوره إلا بزوال أحد طرفي الصراع نحن العرب أو الكيان؛ فالصراع ليس حربًا أو معركة، بل صراع وجود وقسر وإكراه للقبول بواقع الكيان الصهيوني وقوته وتسيده وتفرده.

ولو أنَّ الكيان الصهيوني تم غرسه في أية جغرافية أخرى حول العالم لمارس الدور ذاته، وحظي بذات الرعاية ولظهرات ذات الأعراض والصراعات.

الكيان الصهيوني اليوم أصبح عبئًا على رعاته وحلفائه أخلاقيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا؛ حيث لم يعد "فزاعة" ويد طولى وجيشًا لا يُقهر كما كان وكما سوقوه وصوروه.

بل أصبح قوة عادية يتجاسر عليه ويهزمه كل صاحب حق وإرادة، وهذا ما دفع حلفاءه ورعاته إلى وضعه في خانة التقاعد المبكر والبحث عن أياد أخرى تقوم بالمهام بالنيابة عنه كداعش وأخواتها اليوم.

... إنَّ مُسارعة فرنسا اليوم لتجييش العالم نحو مبادرة سلام لم تأتِ من فراغ أو إنسانية؛ فالغرب يُدرك اليوم أنَّ قواعد الاشتباك قد تغيرت لصالح المقاومة، وأن خمسة أعوام من التدمير الممنهج لسوريا حاضن المقاومة ولبها لم يحقق سوى الدمار دون تغيير في الواقع وفق المخطط من إزالة الدولة والنظام والسياسات ثم الانفراد بالمقاومة وتصيدها. فحربا غزة 2012 و2014م ليستا سوى حروب اختبار لجهوزية المقاومة ومدى متانة حبلها السري مع الحاضن، وتمرس حزب الله في معارك سوريا أورثه قوة وخبرات قتالية أرعبت الصهاينة ورعاتهم، رغم كل البلبلة والمناورات والعضلات اللسانية على القنوات ووسائل الإعلام، فلو كان الكيان وحلفاؤه متيقنين من ضعف حزب الله وإجهاده في سوريا لما ترددوا لحظة في احتلال الجنوب اللبناني بأي زعم أو مبرر كان للإجهاز على الحزب، وكذلك الحال في قطاع غزة.

مبادرة السلام الفرنسية اليوم سواء كانت شعبين في دولة أو دولتين لشعبين، هي في الأساس إقرار من الغرب بأن القادم أسوأ لهم ما لم يربطوا الأزمات ويديروا البؤر المشتعلة ويدمجونها مع مبادرة السلام عل هذا الوضع المتأزم للمنطقة يمنحهم أوراق مناورة أكبر لتحصين الكيان ومده بعمر افتراضي جديد قبل تشظي الأزمات وخروجها عن السيطرة والأهداف المرسومة لها.

وهذا هو سر الإبقاء على المنطقة مشتعلة وجراحها مفتوحة طيلة الخمسة أعوام الماضية في سورية ولبنان والعراق وليبيا واليمن لتتم التسوية في إطار عملية سلام شاملة، فاليوم خالف الحقل البيدر الغربي ووجدوا أنفسهم في دائرة خيار "التفكير في الموجود أفضل من التفكير في المفقود".

-----------------------------

قبل اللقاء: قالت الصهيونية جولدا مائير عن الفلسطينيين بعد النكبة: "كبارهم سيموتون وصغارهم سينسون". (لم تعش مائير لترى فصائل المقاومة وأفعالها اليوم، ولا مغزى مفاتيح العودة في أيدي أطفال فلسطين)... وبالشكر تدوم النعم!

Ali95312606@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك