أمة العُرب إلى متى الضلالة والهوى؟

حمد بن سالم العلوي

أمة العرب .. ألا من عود إلى سياسة العقل والحكمة، ونبذ سياسة وفرة المال وتشتت الهوى، ألا ترون أنّ العالم من حولكم يتدافع على قصعتكم الشهية؟! وأنتم مُنشغلون بأنفسكم وتقتتلون، ليس دفاعاً عن وطن سليب بالطبع، ولا عن حَرَم أجله الله ولم تُجلوه، فأصبح غصيباً يهان تحت أقذر الأقدام، ألا ترون أنّ تقاتلكم يُضعفكم؟ ولا يُقويكم مهما ظننتم صيِّب قراركم، فإن كان ذلك قراركم، فهو قرار لعين بغيض ذميم، لأنّه يُشرذم الأمة ويُفتتها، ويلغي بالتفرق قوتها، وهذا سؤال تطرحه الأُمة عليكم، لماذا أهملتم تحرير فلسطين والقدس الشريف؟ ولماذا تأمرون النَّاس بقتل الإنسان العربي وتدمير أرضه؟ أليس ربكم القائل:{..إنِّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}.. المائدة (32) أم ظننتم أنّ النَّاس لا يقرأون القرآن؟ وإذا قرأوه (مثلكم) لا يفقهون؟ أم هي مُجاهرة بالعصيان؟ أم هو انصياع وخنوع للشيطان؟!.

إذن، لقد رضيتم لإسرائيل أن تقتل الفلسطيني الذي رفض أن يهجُر أرضه، وقد رضيتم الرضا بأمر مُشين، وذلك بدعم البيعة بالموقف والمال، ففي ذلك قبّة العصيان لله قبل الإنسان، ثم هل ضمنتم أنكم ستكونون في منأى عن غدر العدو؟ ذلك بعدما تصفى له الأرض دون مقاومة؟ أو حتى يظل هناك بشر يقومون بمجرد الاحتجاج والاعتراض، فهل صدّقتم أنّ الخريف العربي، قد أقام ثورة على الظُلم والطغيان، لا ليس هذه حقيقة، ولكنها موجة احتجاج صنعها الغرب، بأموالكم السليبة ليصل هو إلى أهدافه، أما أنتم فليس لكم أهداف ولا قيمة، فقد كُلفتم فقط بدفع المال الذي استقر في خزائن الغرب بلا أدنى جدال، وسيشفطون كل ملياراتكم التي جمعتموها عندهم، وأسميتموها (باطلاً) بصناديق ادخار سيادية، فهي والله حتماً زائلة، ولن تجنوا من ورائها إلا الإثم والندم والحسرة، ألا تصحون من نومكم العميق؟ وتنظرون في أيّ زمن أنتم تعيشون؟ إنّه زمن الظلم الذي يُديره اليهود من وراء الستار، فهذا زمن الغدر والقوة واختلال ميزان الحق، لأنّ القائمين على الحق قد ذهبوا، أو أنّ الغلبة اليوم في يد سادة الطغيان.

تُرى، لماذا تُدمّر مصر وسوريا والعراق؟! فهل من بلد سواها حارب إسرائيل؟ وأقلق مضجعها طوال العقود الماضية؟! إذن الأمر أصبح واضحاً جلياً، لا يحتاج إلى الكثير من الحوار والنِّقاش، ولماذا دمرت ليبيا والصومال، والآن اليمن تحت جرافة الهدم اليومي بلا وازع من ضمير، أو خلق إنساني يرد لهفة ظمآن، وليست الجزائر عن ذلك بعيد، فمخطط الاستهداف ما زال مستمراً منذ زمن طويل، ولماذا لبنان سائح في الطوفان يُسيّرون بيد العربان؟! فكل شيء أصبح واضحاً للعيان، وكل شيء قد رسمت أهدافه فهي كامنة بين المال والموقع الإستراتيجي، وثم إن رفض الانصياع في الدخول إلى مسلخ السياسة الاحتوائية، يشكل قمة الذرائع المفتعلة للغضب والعدوان.

إنّ الذي أسلفت يعد واضحاً لا يحتاج إلى مزيد التفكير لفهمه، ولكن الذي يُحيّر كل ذي لُب، هو حماس العرب في التقاتل والتناحر وهدم الأوطان، وتدمير كل أثر تاريخي على الأرض العربية، وتلك سابقة كانت قبل عصر الإسلام، ومع ذلك فلم يأمر بهدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون من بعده، ولا حتى طغاة الدنيا من بني أمية، وبني العباس وهم عتاة الجبروت والسلطة، الذين لم يتورعوا عن هدم الكعبة المشرفة، وضربها بالمنجنيق عنوة، رغم وجود سابقة في تدمير أصنام الكعبة، فقد حكم بأنّها أوثان ورجس من عمل الشيطان، وكانت جيوش المُسلمين أيام الرسول العظيم، تصول وتجول في ربوع الوطن العربي، فلم تُدمر مثلاً آثار بابل، ولا حصون اليمن، وإنما أُبقي عليها كما كانت حتى أتى القرن الحادي والعشرين، وقد كنّا نتوقع أن يأتي علماء المُسلمين في هذا القرن، أكثر تطوراً وفهماً بسبب تقدم العلم والمعرفة، وانتشار الوسائل المساعدة على التحليل والاكتشاف، ولكن تفاجأنا بزنادقة يفتون بقتل البشر، وتدمير الشجر والحجر والحرث والنسل.

إذن، هل مازلنا نرجو خيراً من أمة فسدت؟! طبعاً (لا) ولكن نرجو الخير كل الخير من الله جلَّ جلاله، فهو مُسير الكون ومُصرِّفه، وهو القادر على أن يُقيّض لأمة الإسلام من يقودها إلى بر الأمان، وإقامة الحق والعدل، لأنّ الفساد ظهر في البر والبحر وحتى في السماء الدنيا، فقد أفسد الإنسان وبطره كل شيء، ولكن الله غالب على أمره، وليس للمفسدين الفاسدين، أية ولاية على خلق الله، ولكن الله هو القائل:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} الرعد (11) إذن الأمر مرتبط بعودة الناس إلى الله، فمتى عادوا سيجدون الله واسعًا عليماً، ولكن الانغماس في الطغيان، لا يزيدهم انغماساً في الضلالة.

لقد بلغ السيل الزُّبى، وعلى النّاس أن يعودوا إلى الله، ولا يعودون إلى عدوهم من البشر، وقد حذّرنا ربُّنا وخالقنا بقوله:{وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} البقرة (195) ولكن المُسلم اليوم يُخالف شرع خالقه، وهو العائش رهين كلمتين، بقوله تعالى (كن فيكون) وكل العالم لا يستطيع أن يتجاوز هذه الحقيقة الإعجازية الربّانية، فلا ينبغي على أحد أن يغرُّه المال الواقع تحت سلطته، فقد يكون وبالاً عليه في الدنيا والآخرة .. اللهم لا تأخذنا بما فعل السفهاء منِّا.

Safeway.om@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك