معايير تحديد السرعات في طرقنا!

سيف المعمري

saif5900@gmail.com

حققت السلطنة خلال السنوات الأربع الماضية مؤشرات إيجابية في تقليل نسبة الحوادث المرورية وتخفيف حددتها وخسائرها البشرية، ويرجع ذلك إلى العديد من الإجراءات التي قامت بها شرطة عُمان السلطانية والجهات الأخرى والمواطنون؛ كالتوعية من خلال الندوات والمحاضرات والرسائل المرورية المتنوعة عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى حملات الضبط المروري، كما كان لأجهزة ضبط السرعة الأثر الأبرز في التقليل من الحوادث المرورية إلا إن كثرة أجهزة ضبط السرعة وتباين السرعات في طرقنا، وغموض معايير تحديد السرعات في تلك الطرق، ساهم في تضجر معظم فئات المجتمع من أجهزة ضبط السرعة، حيث لم تميز تلك الأجهزة بين السائق المستهتر بقواعد المرور، وبين السائق الذي مضى على قيادته أكثر من 4 عقود من الزمن وهو متقيد بأنظمة وقواعد المرور، فتوزعت المخالفات بين معظم الفئات، ورغم يقين المجتمع وترحيبه بالجهود المبذولة في انخفاض نسبة الحوادث المرورية إلا إنّ عملية توزيع أجهزة ضبط السرعة في جميع الطرقات وعدم وجود مسح دقيق لحاجة طرق معينة لأجهزة ضبط السرعة دون غيرها، وتدني السرعات المحددة في بعض الطرق حدا بأبناء المجتمع بمطالبات الجهات المسؤولة ممثلة بشرطة عُمان السلطانية ووزارة النقل والاتصالات والجهات الأخرى ذات العلاقة في إعادة النظر في تحديد السرعات على طرقات السلطنة.

ولا يجب أن يفهم من مقالي أنني أقلل من أهمية أجهزة ضبط السرعة؛ بل إنّ النتائج التي حققتها تلك الأجهزة في انخفاض الحوادث المرورية في السلطنة خلال السنوات الأربع الماضية إلى أكثر من 48% تبعث بالطمأنينة وتبارك جهود القائمين على انخفاض تلك النسبة المزعجة من مسلسلات الحوادث المرورية الأليمة التي راح ضحيتها الآلاف، إلا أنني أرى تحديد السرعات في طرقاتنا لا يخضع لمعايير وأسس واضحة، فكما هو معلوم أنّ السرعة القصوى المحددة في طرقات السلطنة لا تتجاوز 120 كليومترًا في الساعة كما توضّحه اللافتات المرورية التحذيرية والإرشادية ويسمح للسائق بتجاوز حدها في 15 كيلومتر في الساعة بمعنى أنّ أجهزة ضبط السرعة تقوم بضبط المخالف للسرعة المحددة في الطريق بـ 120 كيلومترا في الساعة بعد تجاوزه السرعة إلى أكثر من 135 كليومترا في الساعة؛ وهي سرعة معقولة جدا؛ ولكن لا توجد في معظم طرقنا اللافتات المرورية الإرشاديّة والتحذيريّة المزدوجة التي توضح تحديد السرعات للمركبات الخفيفة والشاحنات، بينما نجد تلك اللافتات في الدول المجاورة، وسأضرب أمثلة على ذلك في طريق الباطنة من خطمة ملاحة وحتى محافظة مسقط، وطريق حفيت -عبري، وطريق عبري- جبرين، وطريق جبرين- مسقط، كما لا توجد هناك معايير واضحة في تحديد السرعات القصوى في الطرق المزدوجة والطرق المفردة سواء ذات المسافات الطويلة أو القصيرة فمثلا تجد طريقا مفردا كانت السرعة فيه 100 كيلومتر في الساعة وبعد ازدواجيته لم تغيّر السرعة فيه، رغم أنّ انسيابية الحركة المرورية أصبحت أكثر أمانا، وتمت تهيئة الطريق لجميع الظروف المناخية ومن الأمثلة على ذلك طريق عبري- مسكن.

وهناك طرق مزدوجة في وسط المدن وعلى جانبي الطريق المنازل والمحلات التجارية ويتم تحديد السرعة بـ 100 كيلومتر في الساعة كالطريق الذي يربط تقاطع جسر الخوض بدوار جامعة السلطان قابوس، بينما نجد طرقا أخرى في أماكن منبسطة وبعيدة كل البعد على المناطق السكنية والتجارية ويتم تحديد السرعة فيها بـ 100 كيلومتر في الساعة كطريق عبري- مسكن من الدريز وحتى هجيرمات، رغم أنّ الطريق يحتمل السرعة حتى 120 كيلومترا في الساعة.

المشكلة ليست في السرعات القصوى للطرقات في السلطنة فتحديدها بـ120 كيلومترا في الساعة في حدود المعقول وتتناسب وطبيعة التضاريس والمنحنيات والارتفاعات والانخفاضات والانبساطات في طرقنا، لكن ما دون السرعة القصوى بحاجة إلى إعادة نظر فمثلا الطريق من دوار الزروب وحتى منفذ صاع بولاية البريمي تم تحديد السرعة القصوى فيه بـ 80 كيلومترا في الساعة وهو طريق بعيد عن المناطق السكنيّة والتجارية ويمكن أن يتم رفع السرعة فيه إلى 100 كيلومتر في الساعة، كذلك طريق المري - قميراء والذي يربط ولاية ينقل بولاية ضنك بحاجة لرفع سرعته إلى 100 كيلومتر في الساعة.

كما يمكن أن تتم إعادة النظر في المخالفات التي يتم فيها تجاوز السرعات المنخفضة فمثلا إذا كان تحديد السرعة في طريق معين 60 كيلومترا في الساعة فيمكن أن يكون اعتماد مخالفة السرعة بعد الزيادة عن السرعة المحددة بـ 30 كيلومترا وليس بـ 15 كيلومترًا فقط خاصة الطرق المزدوجة في وسط مركز ولاية البريمي مثلا.

لذا أصبح أمر إعادة النظر في تحديد السرعات في الطرق مطلبا مجتمعيا يتواكب مع الطرق المزدوجة الحديثة، حيث إنّ مشاريع الطرق الجاري تنفيذها في السلطنة تمتاز بأنها ذات مواصفات عالية من حيث معايير السلامة المرورية، وسيصبح طريق الباطنة السريع - والذي من المؤمل الانتهاء منه في عام 2017- أنموذجا للطرق العصرية، وسيسهم في إحداث نقلة نوعية للنقل البري في السلطنة.

ودمتم ودامت عُمان بخير،،،

تعليق عبر الفيس بوك