العمل التطوعي ... والحاجة له

مدرين المكتومية

يعجبني كثيرًا هذا الاقتباس وأردده معظم الأوقات في صمت "إنَّ الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، ولكنه يعيش صغيرًا ويموت صغيرًا" فإذا أراد الإنسان أن يكبر بإنسانيته فعليه أن يعيش من أجل الآخرين وأن يُحبهم ويقضي حوائجهم بقدر المستطاع حتى يتذوق متعة الحياة الحقيقية ويوقن أنّها تكمن في الإحساس بالآخر والعمل على توفير أبسط مقومات الحياة له ولأسرته الكريمة. وكثيراً ما يتبادر إلى ذهني سؤال ويطرق أبواب أفكاري: ماهو طعم الحياة إذا كنت أنت تتمتع بكل شيء فيها وغيرك محروم من أبسط الأشياء؟

بالتأكيد إن الذي يعيش في قصور عالية وينظر للآخرين من أعلى البروج ظلم نفسه ظلماً كبيراً وحرمها متعة النزول إلى الآخرين والتعايش معهم والشعور بأحاسيسهم ومشاركتهم همومهم والإحساس بهم، ولو عرفوا معنى الإحساس بالآخرين ومساعدتهم لنزلوا من قصورهم وسارعوا إلى العيش مع العامة حيث لا هم ولا نكد ولا عبوس ولا نظرة سوداوية وسلبية، ولصارت غايتهم في الدنيا العيش بشرف وكرامة وعدم الحاجة إلى الآخرين، فالإنسان من خلال الأعمال التطوعية يمكنه تعلم الصبر والتحمل واكتساب طاقة إيجابية وإدراك مفاهيم مختلفة في الحياة وقيم ومبادئ تعاونية، كما أن الأعمال التطوعية تقوي من عزيمته ويصبح إنسانا محبوبا في المجتمع لما يقدمه من أعمال خير، خاصة وأن محبة الآخرين من خلال العمل التطوعي لا يضاهيها شيء على الإطلاق.

وأجمل مافي الأعمال التطوعية أنّها تقوي العلاقات مع العامة وتزيد من المعارف فربما يعمل الشخص مع فريق مكون مع عدد من الأعضاء والمنتسبين، الذين قد تختلف طبائعهم وعاداتهم وسحناتهم ولكن ما يوحدهم هو الوازع التطوعي الذي يشع بداخلهم وهو ما يجمعهم دائماً على قلب واحد، فهو الشيء الذي يمكن من خلاله أن يعمل الشخص مع أيّ فريق في أي مكان ومع أي جنسيات أخرى دون النظر للاختلافات، كما أن الفرق التطوعية تلعب دورا كبيرا في خدمة المجتمع وتمثل جانبا أساسيا في عملية التطوير وتقديم الخدمات للمواطنين والمساعدات في لحظات الكوارث..

وتحمل على عاتقها أيضًا مهمة مساعدة الناس على تجاوز الأزمات وتخطي العثرات من خلال نظرتها لمفهوم التطوع والمساعدة فكل فريق يعمل في حدود إمكانياته وتعريفه وكل فريق يقدم خدماته المختلفة بما يتناسب مع رؤيته، ولأننا كمجتمع بحاجة لمثل هذه الفرق التي ظهرت مؤخراً على يد شباب من الجيل الذي يعول عليه في مجال التنمية علينا أن نساعدهم ونهتم لأمرهم وبناء قدراتهم ونعمل على توفير الدعم اللازم لهم؛ خاصة وأن هناك الكثير من الشباب الذين استغلوا أوقات فراغهم بالانضمام وتشكيل فرق هدفها الأساسي تقديم الخدمات اللازمة للمجتمع.

وقد عكست الندوة التي نظمتها الرؤية ضمن مبادراتها مؤخراً أنّ المشكلة لا تتمثل في إمكانيات الشباب بقدر أنها تكمن في كيفية تشجيعهم على مواصلة العمل التطوعي أو ما يمكن أن نطلق عليه الأعمال التي يتم من خلالها خدمة المجتمع.. ولأننا من الدول التي دخل عليها مفهوم مؤسسات المجتمع المدني بشكل حديث كان علينا أن نرسخ هذا المفهوم عبر المنهج الدراسي وذلك لأن في العالم الآخر يعد مفهوم التطوع جزءًا من منهجهم الدراسي والحياتي، وكل شخص بقدراته وطاقاته، فمن هنا علينا أن نقدم كل ما لدينا لجعل هذه الفرق تعمل بصورة واضحة وتسير بخطى ثابتة.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك