أولياء أمور وتربويون ينتقدون إثقال كاهل طلاب الحلقة الأولى بكثرة المشاريع

يطالبون بتنفيذها في المدرسة بالتنسيق مع معلمي المواد تجنبًا لتكرار المشاريع

 

 

 

الكندي: توزيع الطلبة على مجموعات لتنفيذ المشروعات بإشراف المعلمات يضمن تحقيق الأهداف

البوسعيدي: تقييم المشروعات المنفذة يجب أن يعتمد على الفائدة التي اكتسبها الطالب أولا

الفضيلية: المشروعات تكسب الطالب الثقة بالنفس ومهارات الابتكار والرغبة في المعرفة

العبيداني: تكليف الطالب بمشاريع لا ترتبط بأهداف تعليمية تزيد العبء على الأسرة

 

 

مسقط - خالد الرواحي

 

أجمع إخصائيون نفسيون وتربويون وأولياء أمور على أنّ المشاريع والأعمال المدرسية التي يكلف بها طلبة الحلقة الأولى تثري المنهج الدراسي وتعد أداة مهمة لتحقيق الهدف التعيلمي، إلا أنّ كثرتها وآلية تنفيذها قد تحول دون تحقق ذلك الهدف، منبهين إلى ضرورة تقنين المشاريع المطلوبة وتخصيص حصص لتنفيذها على مدار العام الدراسي بإشراف مباشر من المعملين والمعلمات.

وقالت فاطمة بنت سيف بن خلفان الفضيلية إخصائية نفسية بمدرسة الرميس للتعليم الأساسي (٦-١٢) إنّ المشاريع والأعمال التي تأتي ضمن مناهج الحلقة الأولى فائدتها كبيرة فمن خلالها يكتسب الطالب الثقة بالنفس ومهارة الابتكار الفني وقد يكون أثرها واضحًا حتى في الجانب العلمي حيث تنمي الفكر، وتسهم في تطوير المهارات لديهم، وأفضل أن ينجز الطالب أعماله بإشراف المعلمة لتحقيق أكبر قدر من المصداقية، والفائدة للطالب نفسه من أن ينجز أعماله أحد والديه أو إخوته الكبار فلا يتحقق الهدف المنشود من هذا النشاط. وتؤكد الفضلية أنّ المعلمة لن تطلب من الطالب تنفيذ مشروعه بتكلفة مالية كبيرة فيستطيع ولي الأمر أن يساعد ابنه أو ابنته في تنفيذ مشروعه من خامات البيئة الموجودة في المنزل، وبذلك لن يكون هناك أي ضغط مادي ومعنوي على الأسرة.

وتضيف الفضلية أنّ هناك عدة حلول للتغلب على كثرة الأعمال أو المشاريع منها أن يكلف كل طالب بمشروع واحد في كل وحدة توضح مفهوم الوحدة المدروسة، وأن تطلب المعلمة من الطالب جلب الأدوات والخامات معه للمدرسة وتنفيذها بشكل جماعي بالمدرسة، وبذلك تكون روح التنافس حاضرة بين الطلاب، ومن المهم تعزيز الطالب مهما كان مستوى المشروع أو الفكرة المنفذة لكي يكون لديه دافعا وحماسا كبيرين لأنّ ينجر أكثر وأفضل في المرات التالية.

وقال سعيد بن هلال الكندي أخصائي أنشطة مدرسية أنّ هذا الموضوع أصبح حديث المجالس وهاجسا ثقيلا لدى بعض الأسر لكن لنكن منصفين لا بد من التحرّي فيه ولنستمع لجميع الأطراف فهناك تشعّب في الموضوع، فهل الخلل بالمناهج أم فيما يطلبه الإشراف من الهيئة التدريسية أم أنّ هناك سوء فهم في تنفيذ المنهج وأهدافه أو قد نجد ولي الأمر شريكا في الخطأ بحيث يبالغ في تنفيذ ما يطلب من ابنه وفي مجمل الحديث ينبغي أن يكون المشروع في متناول اليد ويقدر المعلم أنّ العمل بإمكان الطالب أن ينجزه وتستغل في ذلك خامات البيئة المتوفرة كما ينبغي أن يراعى أن يكتسب الطالب من المشروع قيمة مهارية أو معرفيّة. وإذا توفر لدى المعلمة الوقت لتنفيذه داخل المبنى المدرسي فهو بلا شك أفضل أمّا ما نراه من واقع ملموس من تردد أولياء الأمور على المكتبات لكتابة تقارير وشراء مواد بصورة مستمرة لهو أمر مرفوض إذ لا يحقق غالبا أدنى فائدة للمستهدف وهو الطالب. ومن وجهة نظري أرى أنّ تدرج المشاريع التي يرجى أن تحقق أهداف المنهج، والتي تولد لدى الطالب المهارة والمعرفة بالمنهاج الدراسي وتحدد المواد التي تحتاجها تلك المشاريع وتوفرها المدرسة ويقسّم الطلبة إلى مجموعات لتنفيذها تحت إشراف المعلمة خلال اليوم الدراسي فمن هنا نضمن مشاركة الطالب في إنجاز العمل وتتحقق الفائدة المطلوبة.

 

 

تكلفة مادية إضافية

 

وأشار الكندي إلى أنّ هناك امتعاضا كبيرا لدى كثير من الأسر من الطلبات المستمرة من قبل مدارس الحلقة الأولى وذلك لعدة أسباب منها الجانب المادي الذي يرهق البعض وهناك من لا يرى جدوى ولا فائدة تعود على الطالب، فهناك من الطلبة من يتوسلون لأمهاتهم لإنجاز تلك المشاريع كما أنّ البعض موقن بأنّ ذلك الجهد البدني المبذول والمواد التي صرفت عليها المبالغ ستكب في سلال المهملات.

وقالت أسماء بنت سالم بن سعيد الحكمانية إخصائية نفسية بمدرسة وادي مستل للتعليم الأساسي إن بعض أولياء الأمور قد يمتعض من تكرار الطلبات وكثرتها، والسبب في ذلك قد يرجع إلى ولي الأمر نفسه في تهويل المطلوب من الطالب، وصرف مبالغ هو في غنى عن دفعها، فقد تكون فكرة المشروع سهلة وبسيطة في مضمونها لكن ولي الأمر قد يبالغ في تنفيذها ولا يشرك ابنه في عمل المشروع، رغبة منه في أن يكون مشروع ابنه من أفضل المشاريع المنفذة من بين أقرانه في الغرفة الصفية وظنا منه أن ذلك قد يعطي ابنه تقييما أكبر، دون أن يضع في الحسبان الفائدة التي قد تتأتى لو نفذ الابن مشروع بنفسه. وأضافت الحكمانية أنّ لهذه الأعمال والمشاريع أهدافا كثيرة وضعت لتكمل المقرر الدراسي وتحقق الأهداف التي من أجلها وضع المنهاج، ومنها اكتشاف مواهب الطلاب وتنمية المهارات ونشر ثقافة التعاون بين الطلاب وتعزيز الثقة بالنفس لديهم وهي من أسمى الأهداف التي يفترض أن نتكاتف جمعيا لتحقيقها سواء في المدرسة أو البيت.

واقترحت الحكمانية تخصيص حصّة واحدة في الأسبوع لتنفيذ المشاريع واستكمالها بإشراف مباشر من المعلمات، وإعداد جدول للمواد التي تحتاج لمشاريع لتوزيع الوقت المناسب لكل مادة فمثلا يمكن تحديد أسبوعين لكل مادة وتخصيص حقيبة مدرسية بكامل مستلزماتها المدرسيّة لكل فصل دراسي لأبناء الأسر تحت مظلة الضمان الاجتماعي أو ذات الدخل الضعيف.

وقال بدر بن ناصر الهنائي ولي أمر إنّه لاحظ في الآوانة الأخيرة استياء كثير من أولياء الأمور لكثرة المتطلبات المرهقة ماديا من قبل المدارس الحكومية حيث يعيش الفرد هذه الأيام وعلى عاتقه مسؤوليات كبيرة جدا في سبيل توفير العيش الكريم لأفراد الأسرة إلا أنّ المتطلبات المدرسيّة تكاد تكون يومية وتستنزف الإمكانيات المادية لأولياء الأمور من جهة ومن جهة أخرى نقول إنّه ربما يحقق الطالب الفائدة المرجوة نظير هذه الأموال المهدرة.

وأضاف الهنائي أنّ بعض البحوث أو الأعمال المطلوبة من طلاب المدارس لا تنمي مهارات الطالب ولا تكسبه خبرات إضافية كما خطط لها لأن معظم البحوث تستخرج من شبكة الإنترنت وجل ما يفعله الطالب هو إخبار ولي الأمر بالبحث المطلوب منه دون أن يسهم أو يشارك في بحثه ولا يدري ما يحتويه، لذلك نسأل: هل المعلم يجد الوقت الكافي للاطلاع على هذا الكم الهائل من البحوث؟! أم أنّها مجرد أعباء إضافية على الطالب وولي أمره. لذلك يجب علينا أن نسعى لتغير هذه الفكرة وجعل طلابنا ينجزون أعمالهم ومشاريعهم بأنفسهم في مختبرات المدرسة المعدة والمجهزة لذلك، وبالتالي الرقي بالمنظمومة التعليمية ودفع الطلاب نحو الإبداع والابتكار والتنافس والتعرف على خبرات ومهارات جديدة.

وقال سلطان العبيداني ولي أمر إن الكثير من أولياء الأمور لا يتقبلون فكرة المشاريع التي يكلف بها أبنائهم وقد يكون ذلك نتاج كثرة الطلبات التي يكلف بها الطالب، فحقيقة الأمر أنّ لهذا الجانب وقفة مهمة يجب أن يدركها المعلم وولي الأمر

فالمشاريع لها دور فاعل في إكساب الطالب للمعرفة والتعامل معها باستخدام الأدوات، لكن نجد أنّ هناك الكثير من المعلمات يكلفن الطالب بعمل مشاريع لا ترتبط بأهداف تعليمية وإنما تمثل عبئا على الطالب وخاصة في هذه المرحلة إذا ما نظرنا إلى الجانب المادي، فهناك الكثير من الأسر لا تملك المال لشراء متطلبات المشاريع المدرسية.

وأضاف العبيداني أنّ هناك عدة حلول تطرح على الساحة يمكن أن تحل هذه المشكلة التي تعيق مجموعة من الطلبة المعسرين تتمثل في أن تكون هذه المشاريع جماعيّة يشترك فيها مجموعة من الطلاب، بحيث تقل عليهم كلفة المشاريع أو أن تسخر الوسائل والأدوات التي لا تخلو مدرسة منها في تنفيذ هذه المشاريع، وذلك بإشراف ومتابعة من معلماتهم حتى يكون المشروع حقق هدفه ووصل إلى الغاية المرجوة منه.

 

 

كثرة عدد المشاريع

 

وأشار إسحاق البوسعيدي ولي أمر إلى أنّ كثرة المشاريع التي يكلف بها طلبة الحلقة الأولى ترهق ربّ الأسرة ماديا، وهو ما يرجع إلى عدة أسباب منها تكليف الطلبة بعمل مشاريع متعددة على فترات متقاربة ويطلب منه تنفيذها في البيت، ومن ثمّ يحضرها إلى المعلمة لكي يحصل على التقييم والدرجة الأعلى بين أقرانه، وهنا مربط الفرس وأعني بذلك تقييم الأعمال والمشاريع التي يقوم الطالب بإحضارها دون جهد منه ولا فائدة رغبة في التقييم المتميز، وهذا خطأ فادح بل يجب مراعاة التقييم لعدة جوانب كفكرة المشروع ومن قام بتنفيذها ومدى تحقق الفائدة للطالب نفسه، لا أن يعطى درجة الامتياز لجمال مشروعه وشكله البراق ولو جئنا إلى الفائدة وتحقيق الهدف المنشود لوجدناها شبه معدومة، مضيفا أنّ ولي الأمر شريك في ذلك لعدم فهمه ماهية المشاريع وآلية تنفيذها، وأن المطلوب تنفيذ المشروع باستخدام خامات البيئة الموجودة في المنزل وليس بالضرورة التهافت على شرائها من المكتبات والمحال التجارية.

وأضاف البوسعيدي أنّ من الضروري إكساب الطالب مهارات ومعارف جديدة تتماشى مع المنهاج وهو ما لا يتأتى إلا بالتطبيق العملي وتجسيد ما تعلمته على أرض الواقع؛ لنضمن تحقق الفائدة المرجوة منه، كما ينبغي تخصيص حصص لتنفيذ هذه المشاريع بالمبنى المدرسي أو الغرفة الصفيّة، وإشراك جميع الطلبة في ذلك. وعلينا ألا نغفل شريحة مهمة في المجتمع وهم من يتقاضون راتبا من الضمان الاجتماعي أو ذوي الدخل المحدود فيقف ولي الأمر عاجزًا عن تلبية حاجة ابنه فيكون تأثيرها المعنوي قاسيًا على الطفل فيرى نفسه أقل من زملائه وقد يؤثر ذلك عليه نفسيا وقد يكون سببًا في تدني مستواه الدراسي.

وقالت مشرفة الفنون التشكيلية رحمة بنت علي الحجرية إنّ لأولياء الأمور الحق في الامتعاض بسبب كثرة الطلبات في جميع المواد وليس بسبب القيمة المادية العالية فقط للمشاريع والتي تثقل كاهل أولياء الأمور لكن أيضًا لعدم التنظيم في الطلب حيث لا يوجد تنسيق بين معلمي المواد في تحديد المطلوب في بداية العام لجميع المواد بل نجد بعض المواد الدراسيّة تطلب المشاريع قبل نهاية العام الدراسي بوقت قصير، مؤكدة أنّه من المفترض تنفيذ المشروع بإشراف من المعلم لكونه موجها ومرشدا بكيفية تنفيذ الطالب للمشروع، وذلك لضمان عدم تدخل الأسره في إنجاز المشروع على اعتبار أنّ المشروع يهدف إلى تقييم المعارف والمهارات التي تعلمها الطالب ومن خلالها إمكانية تشارك الطالب مع زملائه في تنفيذ المشروع مما يؤكد على أهميّة العمل التعاوني.

وأكّدت الحجرية ضرورة إيجاد حلول تعين ولي الأمر على تلبية متطلبات الطالب لتنفيذ المشاريع ومنها إشراك أكثر من طالب في المشروع الواحد وتنفيذ المشروع في الصف باستخدام خامات بديله لتنفيذه والاشتراك فيما بين المواد في المشروع الواحد إذا كان لنفس الهدف وأيضا مراعاة صغر حجم المشروع وتنفيذه بأبسط الخامات.

واقترحت الحجرية تحديد الهدف من المشاريع وكيف سيتم الاستفادة منها بدلا من تخزينها أو التخلص منها ومن ثم تنفيذها في الصف مع إشراك أكبر عدد من الطلبة أو التقليل من عددها واختيار الأهم منها لتنفيذه ويكون للأهداف العامة للمنهاج، وليس لكل درس أو تعاون المواد الدراسية في تنفيذ مشاريع موحدة نظرا لتكامل المواد وتكرار الأهداف فيها. وإن لم تكن المشاريع لأهداف محددة ويدرك الطالب في هذه المرحلة أهميّتها في تقوية المعارف والمهارات لديه فلا داعي لها حتى لا تكون لمجرد زيادة العبء على أولياء الأمور والطلبة وإن وجدت تكون للصف الرابع الأساسي فقط لإدراكهم لمفهوم المشاريع ولضمان تنفيذ الطالب للمشروع بنفسه.

تعليق عبر الفيس بوك